عزيزتي الجزيرة
في مقال سابق على صفحة «عزيزتي الجزيرة» تحدثت عن «مركز الحوار» وأنه يؤصل لثقافة الحوار ولكن لم يكن هناك مجال لتناول «ثقافة الخلاف» ولعلي في هذه المساحة البسيطة أن أتحدث عن هذه الثقافة المتأصلة في فئة لا تكاد تذكر على خريطة الواقع وأرض المجتمع هذه الفئة التي لا هم لها إلا بذر الخلاف وإذكاؤه بين الناس هذه الفئة نُشِّئت على الخلاف وعلى احادية الرأي وعلى اثارة الشقاق والتفرقة ونبذ الآخر وازدرائه واحتقاره وأفراد هذه الطائفة لا يؤكدون ذواتهم ويرسخون أقدامهم ويؤكدون وجودهم إلا عن طريق الخلاف وإذكاء الفتنة وتأجيجها في وسط الناس والمساكين هؤلاء «الصغار» البسطاء الذين أصبحوا مرتعاً خصباً لتضليلات وترهات وخرافات متعالمي هذه الفئة الذين لم يستطيعوا أن يؤكدوا ذواتهم إلا عن طريق التسلق على أكتاف العلماء والكبار وتحشية الناشئة الصغيرة بسبهم وتكفيرهم وتخطيئهم.
كنت أضيق ذرعاً بهذه الفئة الصغيرة على ساحات ومنتديات الانترنت وذلك لما يلصقونه بالعلماء من بذاءة.. وأباطيل وكلام ساقط وتقويل العلماء ما لم يقولوه. كنت مستاءً جداً ومن خلال كتاباتهم في المنتديات وانتشارهم كنت أظن أن الأمة رغم آلامها ومآسيها تزداد افتراقاً وشقاقاً واختلافاً.. وفي الأيام الماضية كنت في مكة وعندما دخلت احدى المكتبات المجاورة للحرم الشريف وجدت اثنين من هذه الطائفة يتحدثان أو بالمعنى الأصح «يتهجمان» ويتعرضان للشيخ الدكتور عائض القرني وأثناء تهجمهم على الشيخ كنت أقف في المكتبة أمام لائحة من الرفوف امتلأت من اصدارات وأطروحات الشيخ عائض ومن ضمن هذه الاصدارات «امبراطور الشعراء» الذي ذكرني ببيت أبي الطيب المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر القوم جراها ويختصم
|
وهم لا يختصمون عند الشيخ عائض بل يخطئونه عقدياً ويخرجونه من دائرة أهل السنة والجماعة.. والكلمات الساقطة البذيئة في حق هذا العالم الجليل الذي ملأ المكتبة بما يخدم الدين ويحرس نقاء العقيدة ويدافع عن الإسلام تعتم أجواء المكتبة وعندما كدت أختنق أخذت كتاب «هذه عقيدتي» للشيخ الدكتور عائض ووضعته بينهم على طاولة البائع وطلبت من صاحب المكتبة أن يطلعني على آخر اصدارات الشيخ وأن يعدد بعض مؤلفاته وكان هدفي أن أقطع جدالهم للشيخ بابداع وانتاج هذا الرجل المخلص لدينه ووطنه لم ينته المشهد فالكلام الساقط مستمر.. قال أحدهم انني ذهبت إلى أحد العلماء وذكر عالماً لا أعرفه ولم أسمع عنه ولم أقرأ له أي كتاب ولم أسمع له أي اصدار لأن هذا العالم فيما يبدو لي مشغول بإذكاء الخلاف وتأجيجه في وسطنا المسلم قال إنني قلت له أريد أن أطلب العلم فأوصني فانظروا ماذا قال هذا العالم «الجهبذ»:
قال: الزم العلماء الكبار.. ومن هم هؤلاء الكبار في نظره - ذكر «أناساً» في تصوري لا يعرفهم ولم يسمع عنهم أحد.. والجدل مشتد والصوت يتجاوز حدود المكتبة ويثير انتباه من في الشارع دخل شاب صغير بل استطيع أن أقول «طفل» وكان يعرف واحداً منهم فعرّفه زميله بهذا الرجل القادم لطلب العلم من دولة الإمارات ولحظه السيئ استقبلته أو وقع بين أيدي فرقة «الخلاف» ولكي ينجح في امتحان القبول طرح عليه الصبي سؤالاً.. هل سمعت شريط «كلمة في جمع الكلمة» فقال لا.. قال الصبي لم تسمعه ولا تعرفه قال الرجل: أقسم بالله العظيم لم أسمعه ولا أعرفه ولكن لمن هذا الشريط فقال الصبي: لسلمان العودة قال الرجل: هل نفد العلم ولم يبق من العلماء أحد أسمع لسلمان العودة فأثنى عليه الصبي وأومأ لزميله بأن الرجل نجح في الاختبار ولا بأس بتسجيله ضمن مجموعة الخلاف عندما خرجت من المكتبة وجدت بعض الشباب الذي يعرف هذه الفئة ويسبر أغوارها فسألته عن هذه المجموعة وهذه الفئة التي لاهم لها إلا شق الصف وزرع الفتنة بين الوسط المسلم فعرفني بهم أكثر وطمأنني بأنهم مجموعة بسيطة يعدون على الأصابع ولا تجد لمحاضراتهم ودروسهم التي يلقونها أي حضور فالناس ولله الحمد أصبح عندهم وعي وثقافة أوسع وفكر مستقل فلم يصبحوا مربوطين ومأسورين لأفكار هؤلاء المنحرفة وقلت له أيضاً لعل مشروع ثقافة الحوار الذي يستأنس به المجتمع اليوم يُغيِّب ثقافة «الخلاف» ويهمِّشها ويعيد أصحابها إلى حظيرة التفاعل وبناء المجتمع والحوار..
خالد عبدالعزيز الحمادا - بريدة
|