* حمرين - العراق - «رويترز»:
كان المزارع العراقي ثاني مشلاح نائما فوق سطح منزله عندما وصل الجنود الامريكيون قبل الفجر.
وقال «لقد اقتحموا باب بيتي وجعلوني أرقد ووجهي الى الارض امام زوجتي وأطفالي».
بعد ساعتين فقط ومع ارتفاع درجة الحرارة وبزوغ شمس الصباح كان مشلاح «33 عاما» يجلس موثوق اليدين وسط الصحراء داخل حلقة محاطة بالاسلاك الشائكة استخدمت كسجن مؤقت خلال الغارة العسكرية الأمريكية على قرية حمرين.
همس مشلاح لصحفي بعيدا عن أسماع حراسه «قال الامريكان انهم جاءوا لتحريرنا فلماذا يذلونا ويهينونا. يقولون ان جريمتي هي حيازة مسدس لكننا جميعا نحتاج سلاحا هنا من أجل الامن».
هذا المشهد يتكرر منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق مما يعكس الورطة التي يواجهها المحتلون وهي كيف يتوقفون عن اثارة غضب السكان الذين قالوا انهم جاؤا لتحريرهم ويصلون في نفس الوقت الى المسلحين الذين يهاجمون القوات الأمريكية يوميا.
كان صبي في الخامسة عشرة من عمره الاصغر بين نحو ثلاثين محتجزا في الحلقة المحاطة بالاسلاك الشائكة وان أطلق سراحه بعد مشاورات سريعة، أما أكبر المحتجزين فكان جدا يتكىء على عكاز يمكنه فقط ان يجرجر قدميه لخطوات معدودة.
وكان نحو نصف الرجال معصوبي الاعين مما زاد من شعورهم بعدم الارتياح وهم يجلسون تحت وهج الشمس لساعات طوال.
وقال الجد الذي ذكر ان عمره يتراوح بين 80 و100 عام «انني رجل عجوز ماذا بوسعي أن افعل، لم أؤذ أحدا أبدا.. أشعر بالعطش .. أريد ماء»
لكن الميجر ايريك شويجلر المسؤول عن العملية لم يبد أسفا قائلا ان العراقيين يفهمون ان مثل هذه الاساليب القاسية ضرورية للعثور على «الرجال الاشرار».
وأضاف «ما نفعله هنا قد يبدو قاسيا لكننا نشرح لهم انه لكي تصطاد سمكة واحدة يجب ان تلقي بشبكة كبيرة، انهم يفهمون انه لو لم يكونوا يخفون أي شيء فسنطلق سراحهم».
وقال ان وحدات اخرى ستعود خلال أيام لإصلاح أي ضرر لحق بالممتلكات وللحديث عما جرى مع السكان.
كان للغارة التي وقعت امس الاول على حمرين هدف معتاد للمحتلين وهو العثور على خمسة يشتبه في تخطيطهم لشن هجمات وارتباطهم بصلات وثيقة مع فدائيي صدام أو حزب البعث الذي تزعمه الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.
تدفقت 68 عربة عسكرية تحت جنح الظلام الى حمرين ترافقها طائرتا هليكوبتر من طراز أباتشي وسد الامريكيون الطرق الى القرية بينما اقتحمت الفرق نحو ستة منازل.
وأطاح احد العراقيين بحقيبة في الصحراء وفر قبل ان تجبره احدى الطائرتين الاباتشي على التوقف. وكانت الحقيبة مملوءة بالاسلحة.
وقال شويجلر «الجميع يتصورون اننا نبحث عمن يطلق النار لكن ما نواجهه هو الشريحة الوسطى من حزب البعث.. رجال النظام السابق الذين ما زالوا يمولون الكثير من العمليات ومن المهاجمين»
ويعتقد ان صدام الذي لم تعثر عليه القوات الأمريكية بعد خمسة شهور من سقوطه يعيش متنكرا ومتنقلا بين منازل آمنة كل بضع ساعات.
وقال العميد حامد ياسين احد رجال الشرطة العراقية الذين عينتهم الولايات المتحدة حول مدينة تكريت مسقط رأس صدام وهو يتفقد المنطقة خلال غارة اخرى امس الاحد متحدثا عن صدام «ربما غير ملامح وجهه ويقود سيارة قديمة ليبدو كواحد من هؤلاء المزارعين، يوما ما سنعثر عليه، لابد انه خائف الآن».
|