Monday 1st september,2003 11295العدد الأثنين 4 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

زوجة مدمن مخدرات تروي عبر « الجزيرة » قصة 20 عاماً من المعاناة زوجة مدمن مخدرات تروي عبر « الجزيرة » قصة 20 عاماً من المعاناة
السهر وكثرة السفر بداية السقوط في مستنقع الإدمان..

  * الرياض - حوار - سعود الهذلي:
للمخدرات عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع ولها تأثير على الاقتصاد الوطني والفردي على حد سواء، لذلك فإن الواجب الاستعداد لمواجهتها بكل الوسائل الدفاعية من قبل المنزل والمدرسة والدولة ممثلة في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء.
وحرصاً على المساهمة في القضاء على هذا الداء المتفشي بين بعض الشباب والحرص على البعض الآخر من عدم الانجذاب لمثل هذه الظاهرة.
فقد سعت «الجزيرة» إلى الوقف على ما فعلته المخدرات بمن دفعهم الجري خلفها ووقعوا في إدمانها ومن دفعهم الجري وراء المال ووقعوا في شر أعمالهم بترويجها.
ولكن مع نموذج آخر في حياة امرأة متزوجة أصيب زوجها بالإدمان حيث ننقل تجربتها من المعاناة مع هذا الزوج الشقي الذي حول البيت وحياته من الهدوء والاستقرار إلى حياة التشرد والبؤس والضياع بإدمانه وحبه للسفر في الصيف وغيره. فدار بيننا هذا الحوار التالي:
* «الجزيرة» كم يبلغ عمر زوجك؟ وما هي مدة إدمانه للمخدرات؟
- أجابت قائلة: زوجي يبلغ من العمر 43 عاماً قضى منها 20 عاماً في الإدمان مع أنه من أسرة كريمة محافظة كان في بداية زواجنا مثالاً للخلق الحسن والمركز الوظيفي الجيد ولم لا وهو يحمل المؤهل الجامعي، أما طموحه فكان لا حدود له لبناء المستقبل وتكوين أسرة صالحة.
* «الجزيرة» كيف سقط زوجك أسيراً للمخدرات؟
أجابت قائلة: الأسباب كثيرة ولكني أظن أن سفر زوجي للخارج بصحبة رفاق السوء. لأنه كان يتغيب في رحلاته الخارجية، هذه فترات قد تطول، ولعل آخرها هي التي مكث فيها بإحدى الدول الأجنبية قرابة خمسة وأربعين يوماً دون أي اتصال بي رغم وجود طفلين،، في ذلك الوقت كانا في أشد الحاجة له ولوجوده وكانت هناك بعض التصرفات التي كنت ألاحظها عليه وحتى قبل سفره الأخير بخمسة أشهر فقد كان دائم السهر خارج المنزل إلى ما بعد منتصف الليل وباستمرار إضافة إلى ضياع مصروف البيت والراتب منذ الأسبوع الأول من الشهر ثم نعيش باقي الشهر في حاجة ماسة للضروريات فما بالكم بالاتصالات المستمرة ممن يطالبون بديونهم وهذه كانت هي بداية طريق الشقاء.
* «الجزيرة» الصفات والتغيرات التي طرأت على زوجك قد تكون لأسباب أخرى فكيف عرفت أن وراء هذه التصرفات إدمانه للمخدرات؟
- أجابت قائلة: قمت بالاتصال ببعض أهل العقل والحكمة وكذلك الاخصائيين وشرحت لهم الحالة كما أراها فلم يتأخروا عن إسداء النصح بمتابعته مع إعطائي بعض النصائح التي من خلالها تأكدت أنه يتعاطى المخدر.
* «الجزيرة» وماذا فعلت بعد التأكد من ذلك؟
- واجهته بالحقيقة فأنكر ذلك بشدة كعادته في الفترة الأخيرة لعصبيته الشديدة وسرعة غضبه ولكني عملت على مواجهته بالدليل القاطع واستعنت بأحد إخوانه لمساعدتي في علاجه وحل المشكلة من خلال العمل.
كالحصول على إجازة من مقر عمله بعد أن تمكن منه الهيروين وأصبح لزاماً علينا أن نعمل على علاجه مهما كلف ذلك وللمعلومية فقد أصبحنا في حالة مادية سيئة حتى وصل بنا الحال إلى أننا نتلقى المساعدات من أهل الخير.
* «الجزيرة» لا بد أن تكون فكرة إدخاله مستشفى الأمل قد خطرت على بالك فهل فكرت في هذا فعلاً؟
- فعلاً أخبرت أهلي وأهله بضرورة إدخاله مستشفى الأمل وتم ذلك وبعد خروجه كان في حالة صحية جيدة ولله الحمد لمدة ستة شهور ولكن هذا الشيء لم يكن يعجب رفقاء السوء ولم يترفقوا به وأعادوه من جديد إلى مستنقع الإدمان ثم أدخلناه المستشفى مرة أخرى.
* «الجزيرة» هل من الممكن إعطاؤنا فكرة عن بعض المواقف الصعبة والأليمة التي واجهتك أثناء رحلة إدمان زوجك؟
- هذه المعاناة استمرت لأكثر من 20 عاماً هل تعتقدون أنها مرت هكذا بشكل عادي وبدون مواقف مؤلمة ومحزنة قد يكون الموت أهون الأشياء مقارنة بالذي كنا نلقاه، وقد لا أستطيع التحدث عن هذا بل أود ولو بإشارة بسيطة عن حالة أطفالي في ذهابهم إلى المدرسة وكأنهم أيتام بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى سواء لضيق ذات اليد أو غير ذلك بل الأغرب أننا «أي أنا وأطفالي» وصل بنا الحال إلى أننا نتجمع في غرفة واحدة من المنزل كله بعد أن قام ببيع الأثاث وأجهزة التكييف وحتى الفرش ولم يترك لنا سوى هذه الغرفة التي أصبحت آخر ما لنا في المنزل والمواقف كثيرة ولكن يكفي ما ذكرته فلعل يكون فيه العبرة والعظة.
* «الجزيرة» إذن ما هي تصرفاته حيالك وحيال الأطفال؟
- لقد فقد الشعور تجاهي تماماً، بل أصبحت أنا والأولاد كأي قطعة أثاث في المنزل، وربما فكر في التنازل عنا بأي وسيلة مقابل الحصول على جرعة المخدر الملعون ولم يكن وجودي أو وجود الأولاد يمثل له أي أهمية حتى لو أدى إلى خروجي أنا وأولادي في منتصف الليل، فلا يكترث لهذا الأمر بعد أن فقد كل أحاسيس الأبوة. واستبدل بها الرغبة الشديدة في تناول المخدرات.
* «الجزيرة» ماذا عن حالته الآن، خاصة بعد خطوات العلاج؟
- أجابت: الحقيقة هناك بصيص أمل بدأت تظهر بوادره وشعرت بذلك أنا وأولادي نتيجة العلاج المكثف والمراقبة الشديدة من قبل الأهل بالإضافة إلى أننا عقدنا النية على تغيير المدينة التي نقيم فيها لنذهب بعيداً عن رفقاء السوء والحمد لله الآن يتماثل للشفاء بعد التوقف عن التعاطي منذ عدة شهور وحتى مع صعوبة ما نلاقيه من ظروف مادية لا يعلم بها إلا الله كما أن وضع الأبناء النفسي ما زال سيئاً، فإنني عندما أفكر في ما قد مضى أحمد الله سبحانه وتعالى وأشعر بأنني الآن في أشد حالات السعادة الغامرة ويكفي ما مررنا به من فقر وذل. وأدعو الله له دائماً بالشفاء ليرعى أولاده الذين عاشوا حياتهم كالأيتام مع أن والدهم حي يرزق، أما من دفعوا بزوجي إلى الإدمان من رفقاء السوء فأدعو الله لهم بالهداية. فإن لم يهتدوا فأسأل الله أن يكفينا شرهم. وأسأل الله أن يأخذ بيد من وقعوا في أسر المخدرات، كما أسأل الله أن يجزي المسؤولين في هذه البلاد خير الجزاء لدعمهم المستمر للمستشفيات ووضعهم للبرامج والإجراءات التي تساعد في علاج المدمن بدون عقاب. حرصاً منهم على استقامة العود إذا اعوج كما أنهم يعلمون أن المتعاطي مريض تعرض لهذا الداء الخبيث عن طريق خبثاء أرادوا السقوط لمزيد من الناس. كي يضمنوا الترويج لسمومهم.
* «الجزيرة» لا بد أن لديك نصيحة تودين توجيهها فلمن توجهين تلك النصيحة؟
- لدى الكثير من النصائح أرغب في توجيهها إلى كل من:
أولاً للمروجين أقول لهم:
اتقوا الله في أنفسكم وفي الأنفس التي تزهقونها بدون ذنب وفي الأسر فهي التي تدفع الثمن لما تروجونه من سموم إضافة إلى صحة وجسد المتعاطي نفسه.
ثانياً: للزوجات أقول:
يا من ابتليت بزوج يتعاطى المخدرات أرجو ألا تيأسي فالفرج ولا شك قريب، والمطلوب منك هو المحافظة على بيتك أولادك، وساعدي زوجك بكل ما تملكين من قوة واستعيني بعد الله بأهل ا لخير والصلاح من الأهل والأقارب وأرجو ألا يتسرب اليأس إلى نفسك وأكثري من الدعاء والصلاة.
ثالثاً: لأولياء الأمور أقول:
أولادكم أمانة في أعناقكم وهم الاستثمار الحقيقي فراقبوهم واهتموا بهم وساعدوهم على النشأة الصالحة النافعة لهم ولأوطانهم وكما تهتمون بأموالكم وتهتمون بزيادة أرصدتكم فهم والله أولى بذلك الاهتمام وهم أغلى وأعظم من تلك الأموال واتقوا الله فيهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved