Monday 1st september,2003 11295العدد الأثنين 4 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
الأزواج واللعن
عبدالرحمن صالح العشماوي

الشكوى من كثرة استخدام كثير من الأزواج لأساليب «لعن زوجاتهم» عند الغضب ما تزال دليلاً على الخلل الذي تعاني منه الحياة الزوجية عند كثير من المسلمين، مقالات نسائية كثيرة، وأسئلة موجهة إلى العلماء في البرامج الإذاعية والتلفازية تدل على هذه الظاهرة السيئة عند كثير من الأزواج الذين لا يستطيعون السيطرة على ألسنتهم في تعاملهم مع زوجاتهم.
هناك خللٌ في فهم بعض الأزواج لمعنى العلاقة مع الزوجة، وفي مجتمعاتنا ما يدل على ذلك الخلل، حيث إن القصص التي تروى عنه كثيرة، يتناقلها الناس في مجالسهم وكأنها نوادر يزين بها الناس مجالسهم، ويروونها للطرافة، والضحك على بعض ما فيها من المواقف، ولقد راعني ما سمعت في بعض المجالس من عبارات اللعن التي وردت على ألسنة بعض المتحدثين من جوّالاتهم إلى أصدقائهم، حيث سمعت أحدهم يقول لمحدِّثه: «الله يلعن وجهك يا شيخ متى نشوفك».. استغفر الله من هذا الأسلوب.. وقد أوردت هنا العبارة بنصها لنرى مدى الهبوط الذي يحدث في أساليب التخاطب الاجتماعي، وحينما نصحت المتحدِّث، وأوضحت له النهي الشرعي عن اللعن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لعّاناً، وكان ينهى أصحابه ويزجرهم إذا ورد اللعن - نادراً - على ألسنة بعضهم، وأمر بإطلاق الناقة التي لعنها صاحبها، ما زاد الرجل على أن قال: صدقت والله ولكن اللسان تعوّد على هذا.
وحينما طال الحديث في المجلس عن اللعن ووروده كثيراً على ألسنة بعض الناس، سمعت من القصص عن أزواج لا يتعاملون مع زوجاتهم إلا باللعن في الرضا والغضب، وشعرت أن الموضوع يشكل قضية اجتماعية يمكن أن تضاف إلى غيرها من القضايا الاجتماعية التي تسيء إلى علاقات الناس، وتسبب الخلاف والفرقة بينهم، وعلمتُ أن هذه الظاهرة السيئة تنتشر بين فئة كبيرة من الأزواج الذين يصنَّفون في فئات المتعلمين والمثقفين، فأقرب عبارة عند أحدهم حينما يخاصم زوجته لأي سببٍ من الأسباب أنْ ينهال عليها بلسانه لعناً لها ولأبيها وأمها وجميع أهلها الأحياء منهم والأموات، ولربما لحق بذلك كلّ من لهم بها علاقة من الأقارب والقريبات.
سبحان الله العظيم! كيف يتجرأ زوج مسلم عاقل مثقف أن يوجه رشّاش لعناته إلى زوجته وأهل بيته مبيحاً لنفسه ارتكاب هذا الخطأ الجسيم متناسياً النهي الشرعي الواضح عن هذه الأساليب؟
إن تهاوناً كبيراً بهذه المسألة من الناس، جعل التلاعُن أسلوباً شائعاً عند كثير منهم، والدليل على ذلك ما نسمعه من الأطفال أحياناً من لعنٍ في حالة الرضا والغضب، بل إن عبارة الإعجاب بالشيء قد تكون لعناً له، فربما تسمع من يقول مادحاً شخصاً بفهمه أو ذكائه أو علمه «فلان ملعون، عنده ذكاء عجيب»، وفلان «الله يلعنه ما أروعه»، وأمثالها كثير.
يا ترى لماذا يتحكم الشيطان في ألسنة هؤلاء اللاعنين، وكيف يسكت أولياء الأمر، والمربون، والمعلمون عن هذه الظواهر السيئة؟
وإلى متى يُصر بعض الأزواج - هداهم الله - على هذه الأساليب التي لا تجوز شرعاً، ولا تصلح لبناء حصن المودة والرحمة والتآلف بين أفراد العائلة الواحدة.
إن شكوى النساء من اللعّانين تدلُّ على انتشار هذه الظاهرة السيئة، ومعنى ذلك أن كثيراً من الأسر تعيش هذه الأجواء المشحونة باللعن والشتم والسب، ولذلك أثره السيئ في نفوس الزوجات والأبناء.
لكأنني بكل زوجةٍ تعاني من هذا الأسلوب الخاطئ تقول لزوجها: ألا تخاف الله فينا؟ ألا يمكن أن تتعامل معي بعباراتك الرقيقة التي تتعامل بها مع الناس خارج المنزل؟!
إشارة


لولا موازينُ الإله وعدله
لرأيت أسفل أرضنا أعلاها

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved