* موسكو سعيد طانيوس:
قلما يفكر الروس بصوت مرتفع يمكن ان يكون مسموعا من قبل الآخرين، لكن همس امانيهم التي يعلقونها على الزيارة التاريخية المنتظرة لسمو ولي العهد السعودي، الامير عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله، بدأت اصداؤه تتردد مدوية في العاصمة الروسية حتى قبل وصول سموه في زيارته الاولى الى روسيا، اذ ان موسكو تمني النفس بإمكانية التوصل الى تفاهم اقتصادي مع المملكة فضلا عن التفاهم السياسي، تكون رافعته الاولى والاساسية التنسيق بين البلدين على نحو وثيق لحماية اسعار النفط في الاسواق العالمية من اي تراجع حاد، على اعتبار ان الرياض وموسكو هما اكبر مصدرين عالميين للذهب الاسود في الوقت الراهن، ولا يخفي المسؤولون الروس تفاؤلهم بإمكانية تعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي مع المملكة بدءا من قطاعي النفط والغاز. ويشيرون الى ان الاتفاقية الحكومية المفترض توقيعها حول التعاون في مجال النفط والغاز اثناء زيارة سموه الى موسكو، ستفتح الطريق امام قيام استثمارات متبادلة بين البلدين ليس فقط في هذين القطاعين وحسب، بل وفي قطاعات اخرى عديدة منها قطاع السياحة وقطاع الصناعات الخفيفة وغيرهما.
نائب رئيس الحكومة الروسية فيكتور خريستينكو قال ل «الجزيرة» ان روسيا ستنتج 415 مليون طن من النفط خلال العام 2003 الجاري، اي بزيادة قدرها 3 ،9% عن عام 2002 الماضي عندما أنتجت 378 مليون طن، لذا فإن روسيا والمملكة العربية السعودية هما أكبر دولتين نفطيتين في العالم، ولذا فإن تعاونهما في قضايا دعم الاستقرار في سوق موارد الطاقة العالمية سيكون له تأثير كبير ليس فقط على استقرار اسعار النفط والغاز في الاسواق العالمية، بل ايضا الحد من احتمال تراجع هذه الاسعار ولا سيما في العام القادم الذي يتوقع ان يعاود فيه النفط العراقي تدفقه الى هذه الاسواق بكميات غير قليلة.وأضاف قائلا ان موسكو تولي اهتماما خاصا لتعزيز التعاون الروسي السعودي العملي في ميدان التجارة والاقتصاد والاستثمارات، واننا نرى آفاقا جيدة للتعاون في مجال النقل وبناء منشآت الري والمؤسسات المائية والقيام بأعمال التنقيب الجيولوجي.
وامل نائب رئيس الوزراء الروسي ان تسهم الاتفاقية التي من المقرر التوقيع عليها في ختام زيارة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز الى موسكو في البدء بتنفيذ مشاريع معينة في مجال الصناعة البتروكيميائية.
ومن المتوقع أن يزور سموه موسكو في الأيام الأولى من أيلول/سبتمبر، وتبدي روسيا استعدادها لفتح أبوابها على نطاق واسع أمام الرساميل السعودية، دون ان تغفل واقع ان حجم الاستثمارات السعودية في الاقتصاد الروسي حتى اليوم لا تذكر، وذلك خلافا للعديد من الدول الخليجية والعربية الاخرى التي بدأت باستثمار حجم غير قليل من الاموال في الاقتصاد الروسي خلال السنوات العشر الاخيرة. ويقول المسؤولون في وزارة الاقتصاد ان «لدينا ثمة ما نعرضه» فيمكن أن تهم رجال الاعمال السعوديين المبتكرات العلمية التقنية والتكنولوجيا الروسية العالية وتوريد المواد الخام والماكينات والمعدات التقنية على حد سواء.
وعلاوة على ذلك من المقرر أن تناقش خلال زيارة سموه سبل تطوير العلاقات الثقافية والإنسانية بين البلدين وتدعيم الاتصالات عن طريق الأوساط العلمية الأكاديمية.
ومن المرتقب توقيع مذكرة حول التعاون في مجال التربية البدنية والرياضة بين لجنة الدولة الروسية للرياضة والمنظمة الحكومية للمملكة العربية السعودية لشؤون الشباب ومذكرة حول التعاون بين أكاديمية العلوم الروسية ومركز الأبحاث العلمية التقنية للسعودية ومذكرة حول التعاون عن طريق الغرف التجارية الصناعية.
وسيبحث الجانبان قضايا التعزيز اللاحق للقاعدة القانونية الحقوقية وعلى سبيل المثال إنجاز تنسيق مشاريع الاتفاقيات الحكومية والوثائق التي تم إعدادها بين الدوائر المعنية في أقرب وقت.
المسؤولون في المؤسسة الحكومية الروسية المختصة بتصدير الاسلحة «روس فاروجينييه» يعتبرون انه من السابق لأوانه الحديث عن احتمالات قيام تعاون عسكري تقني بين روسيا والمملكة نتيجة المحادثات المقررة بين سمو الامير عبدالله والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنهم لا يستبعدون ان ترسي هذه المحادثات اسس قيام تعاون في هذا المجال في المستقبل المنظور. آمال كبيرة معلقة في موسكو على زيارة سموه الاولى لروسيا. وعلى الرغم من ان هذه الآمال ليست محصورة بالجانب الاقتصادي بالطبع، على اعتبار ان السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فإن المسؤولين الروس لا ينسون الاشارة الى ان مباحثات سمو الامير عبدالله مع الرئيس بوتين، ستسبق الكلمة التي سيلقيها الرئيس الروسي في الدورة السنوية لمنظمة الامم المتحدة في نيويورك، وقمته المرتقبة مع نظيره الامريكي جورج بوش في منتجع كامب ديفيد في سبتمبر المقبل.
|