* الرماني- المغرب - ايلين بايرن- رويترز:
تحت أشعة شمس أغسطس الحامية يستحث عمر جوادين وبغلا تحرث حقله.. ويبدو المزارع الذي يقطن قرية على بعد نحو 60 كيلومترا جنوبي العاصمة المغربية الرباط بعيدا كل البعد عن محادثات العولمة.
انه لا يعلم شيئا عن العولمة لكن المحادثات التي جرت في واشنطن الشهرالماضي بشأن اتفاق للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب قد تحدد مستقبل اسرته بل ومستقبل اسرتي الرجلين اللتين يدفع لهما 50 درهما (خمسة دولارات) في اليوم ليساعداه وقت الحصاد.
وعمر واحد من بين أعداد غفيرة من صغار منتجي القمح بالمغرب الذين قد يرون معين حياتهم الضئيل بالفعل وهو ينضب مع ازالة القيود التجارية.
ويقول مسؤولون أمريكيون ان اتفاق التجارة الحرة الأمريكي المغربي قد يوقع بحلول نهاية العام.
ومن شأن مثل هذا الاتفاق أن يعطي في النهاية منتجي القمح الأمريكيين فرصة دخول سوق الاستيراد المغربية التي يهيمن عليها حاليا القمح الفرنسي والاوكراني والروسي.
وبما أن رغيف الخبز عنصر غذائي رئيسي بالمغرب فان سكان البلاد البالغ عددهم 31 مليون نسمة يستهلكون 2 ،5 ملايين طن من القمح سنويا، وفي السنوات العجاف حينما يضر الجفاف بالمزارعين يزيد استيراد القمح لما يصل إلى 6 ،3 ملايين طن.
أما في الاحوال الجيدة كما حدث هذا العام عندما رفعت الامطار الوفيرة اجمالي انتاج المغرب من الحبوب بما في ذلك انتاج الشعير بنسبة 87 في المائة عن معدل الانتاج في السنوات الخمس الماضية يعاود الاستيراد الانخفاض. وتحمي التعريفات الجمركية العالية 3 ،1 مليون مغربي يزرعون الحبوب، وزادت رسوم استيراد القمح هذا العام إلى 103 في المائة. ومما يشجع المزارعين على مواصلة زراعة الحبوب السعر المضمون الذي يتلقونه مقابل معظم انتاجهم والذي يقارب حاليا مثلي السعر العالمي.
ومثلما يفعل الاتحاد الاوروبي تسعى الولايات المتحدة لابرام اتفاقات ثنائية للحد من هذه العوائق التجارية.
ويقف وراءها خبراء التنمية الذين يرون أن التجارة الحرة ستزيل تشوهات غير مرغوب فيها نجمت عن الدعم وحماية الاسواق.
وحينما تهب على التل ريح معتدلة يفرك الانفار باليد سنابل الشعير في الحقل الذي تتحرك فيه دواب عمر، ولا تدع مثل طرق الانتاج البسيطة هذه سبيل العمر وأمثاله لمنافسة زرع أمريكا الشمالية أو منطقة البحر الاسود بما يتوافرلديهم من تقنية عالية.
وفي بلد ذاق مرارة المجاعة عدة مرات في القرن العشرين لا يرى عمر غضاضة في فرض رسوم استيراد عالية لحماية المزارعين المحليين.
ويقول فلنستخدم قمحنا أولا إلى أن يخلو المغرب من القمح ثم نبدأ في الاستيراد، ولا يجد أمثال عمر مجالا لترشيد الانفاق فالفارق بين نفقاته ودخله من القمح والشعير والعدس والقليل من العسل لا يبدو جيدا وهو لا يكاد يلتقط أنفاسه من الديون.
يقول تقرير أصدرته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هذا العام ان من المتوقع أن يتسبب تحرير دخول الحبوب والواردات الزراعية الاخرى للسوق المغربية في اعباء انتقالية كبيرة للاقتصاد الريفي، وبالنسبة لعمر وغيره من المزارعين فان هذا التحرير قد يظهر أن انتاجهم غير مجد اقتصاديا.
فمع تحرير الاستيراد ستهبط أسعار السلع الزراعية وعلى المدى الاطول سيقل الطلب على الانفار في الحقول المغربية وستنخفض أسعار الاراضي الزراعية كما يتكهن تقرير وكالة التنمية الدولية.
ويقول مسؤولون بوزارة الزراعة المغربية ان الزراع الذين تتوافر لديهم وسائل الري الحديثة ورأس المال والتقنية سيحظون بدخول السوق الاوروبية من خلال التحول إلى انتاج أنواع معينة من الفواكه والخضروات.
ومع هذا فانهم يتفقون مع تقرير الوكالة الأمريكية الذي يحذر (لن تتمكن جميع الاسر في الريف من التكيف).
|