اتسمت العقود الأخيرة من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، بتطورات تنموية سريعة ومتعددة شملت جوانب الحياة المختلفة وكان لها الأثر على الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات من مثل: وفرة الانتاج وسرعة التوزيع وزيادة الدخل وتقدم وسائل الاتصال والاعتماد على فعالية برامج الإعلان.
بيد أن لهذه التطورات افرازاتها السلبية التي مست حياة وسلوك الفرد، وكان من النتائج السلبية عادة الاستهلاك المتزايد لدى الأفراد.
إن إنسان اليوم تتجاذبه تيارات متعددة ذات بريق نحو مزيد من الاستهلاك والصرف وإن كان الاستهلاك في حد ذاته يعتبر سلوكاً طبيعياً للإنسان للمحافظة على وجوده ولتلبية حاجاته ومتطلباته، وإذا تخطى هذا الاستهلاك الحاجات المطلوبة والأولويات، فإنه يعتبر سلوكاً سلبياً، وتبذيراً، ويدخل في دائرة الخطأ والمحظور، فيلزم التدخل لمعالجته والوقوف في وجهه.
ومن ثم، كانت الحاجة ماسة لبعض الإرشادات والنصائح والتوجيهات فيما يتعلق بترشيد استهلاك المياه، والكهرباء، والغذاء والملابس والأثاث، وكل ما له علاقة باقتصاديات المنزل والمجتمع والدولة.
لا نضيف جديداً حين نقرر أن الحياة بمختلف جوانبها أصبحت متداخلة، بحيث دخل الإنسان في علاقات متشابكة لا فكاك منها.
ولا شك أن الاقتصاد المنزلي له علاقة كبيرة بالاقتصاد الوطني، فتعلُّم الفرد طرق حفظ الأطعمة، وتصنيع الملابس، والحفاظ على الطاقة المائية والكهربائية يساعد على زيادة دخل الأسرة، ومن ثم يؤثر بدوره على الاقتصاد الوطني.
ومما يبشر بآمال مستقبلية اهتمامات دول الخليج العربية، التي تبذل قصارى جهدها في سبيل تثقيف صحي ووعي غذائي لجميع أفراد الأسرة والمجتمع بشرائحه المختلفة، ودعوتهم إلى الأخذ بالأساليب الصحية السليمة، وتعديل الأنماط والسلوك الخاطئ في مجالات الاقتصاد المنزلي.
فإذا كان التوجيه التربوي يعنى - في المقام الأول - بالمدارس والجامعات ومنهج التدريس، بيد أنه لا محيص من التناول التربوي منذ النشأة الأولى، في البيت والمدرسة والحيّ والعمل بدءاً من الوالدين وانتهاءً بالمجتمع.
(*) عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|