أعتقد أن القضية التي رفعها الأديب إبراهيم شحبي ضد من اتهمه بالعلمنة، يجب أن تدعم من المثقفين ويشار لها كظاهرة صحية تقدم واجهة حضارية شفافة عن الحياة الفكرية لدينا.
تعتبر هذه القضية من أبرز القضايا الثقافية لهذا العام، إن لم تكن القضية المفصلية كونها ستأخذ الحياة الفكرية والثقافية المحلية نحو مشارف وآفاق أكثر اتساعاً وسمواً، وأكثر التزاماً بالسلوك الحضاري.
فهي من جانب تبرز الهيئة التشريعية والقضائية لدينا كهيئة محايدة وبعيدة عن التيارات والأهواء، وهيئة مستقلة تمثل المرجعية والسلطة العادلة التي تظلل الجميع تحت مظلتها.
تكريس مسؤولية الكلمة، فإذا كان هناك من سقف مرتفع لحرية الكلمة، يمارس فيه الجميع آراءهم وحرياتهم الفكرية بتلطيخ الآخرين والنيل منهم إما بسبب قصور الفهم أو بسبب الجهل أو لربما فقط الحسد والغيرة، إلا أن هناك سلطة قضائية تدعم هذا السقف بحيث تأخذ على يد العابثين والمتقولين وقاصري الفهم أولئك الذين يطلقون الكلام جزافاً دون أن يتثبتوا منه بالأدلة الواضحة.
انتشرت في الثمانينات والتسعينات موجة إرهابية أصولية تتعلق بالفكر، وتترصد بجميع الطروحات الثقافية المختلفة والمتجاوزة لما هو سائد ومطروح، وأصبح من مهام هذه الموجة إلغاء الفكر المضاد وتكفيره، ورمي أصحابه بالفجور والزندقة، تلك التهم التي كادت تصل الى التصفيات الجسدية في بعض الأحيان كما في حال المفكر المصري فرج فودة، والروائي نجيب محفوظ الذي نجا من الموت بأعجوبة، وجميع هذا كان وليد ثقافة أحادية مغلقة على حقائقها وتصورها السطحي والبسيط عن مفهوم الخير والشر، مدعومة من شارع عربي بسيط وساذخ وسريع التأثر بالشعارات ولاسيما التي تأخذ لها ستاراً دينياً.
إذاً هذا التوجه من الأديب (إبراهيم شحبي) هو توجه ينقذ الساحة الفكرية من المأزق الهائل الذي كان يترصد بالمفكرين والمبدعين سواء من على المنابر أو عبر الأشرطة أو بطريقة مواربة عبر صفحات الجرائد، لذا فقضية الأديب شحبي يجب أن تكون قضية كل صاحب كلمة يسعى إلى الشفافية والحرية والحياة الفكرية النقية المنتجة والفاعلة.
|