المسرح العالمي الكبير مليء بالمفاجآت، والأعاجيب التي لا يزال المخرجون المتمرسون يبدعون في إخراجها وعرضها بصور متعددة مدهشة، وبتوزيع للأدوار متقن، وهو مسرح بالرغم من ضخامته متنقل، يعرض مشاهده في أكثر من مكان من عالمنا الفسيح في وقت واحد، بصورة متقاربة وان بدا للمشاهدين شيء من الاختلاف بينها.
وإذا كان عالمنا الإسلامي، وبلادنا العربية هي الخشبة الأهم التي تعرض عليها معظم المشاهد، فإن المخرج ينقل بعض المشاهد - أحيانا - إلى بعض المواقع المهمة في العالم الغربي من باب إيهام المشاهدين ان جميع المناظر التي تجري على خشبة المسرح الكبير طبيعية بعيدة عن التجهيز المقصود، لأن المخرج يعلم علم اليقين أن كل الأعمال التي يخرجها إجرامية لا يقرها أحد.
وإذا كان حجم المسرح كبيراً، فإن حجم المؤامرة التي يرسم خطوطها المخرج ومساعدوه كبير يحتاج إلى هذا الحجم الكبير للمسرح الذي يمكن ان يستوعب الأحداث التي تجري عليه، والأشخاص الذين يؤدون الأدوار باتفاق مع المخرج، والأشخاص الذين يؤدون الأدوار وهم لا يشعرون، إما لطمعهم في مكافآت الأداء المسرحي المرتفعة، وإما لجهلهم بما يؤدون، وانخداعهم بما يزينه لهم المخرج من الأفكار، وما يدعيه من أهداف الاصلاح للعالم.
إن الناس سرعان ما ينشغلون ببعض القضايا التي يضخمها الإعلام، وتطرحها الفضائيات - وفق خطط مدروسة - طرحا صاخبا يلفت الانتباه، ويسرق عقول الناس وانظارهم عن تلك المشاهد الدامية التي تعرض يومياً على خشبة ذلك المسرح العالمي الكبير، والضجيج والبريق الاعلاميان يسهمان في إشغال أذهان الناس بكثير من القضايا الجانبية، وإشراكهم في الحوارات الساخنة التي تدور حولها، واقحامهم في الجدل العقيم المصحوب بكثير من عبارات السب والشتم حتى يصبح الناس في دوامة لا تنقطع ولا تهدأ من المناقشات الصاخبة التي تغرق أوقاتهم في بحرها المائج، فلا ينتبهون إلى ما يقوم به مخرج المسرح العالمي من أعمال تهز العالم كله، والمخدوعون بالضجيج الاعلامي عنها غافلون.
ماذا حدث - حقيقة - في المناطق الساخنة من العالم؟، ماذا جرى في السنوات الخمس الأخيرة من أحداث؟، وما موقع عامة الناس من صناعة ما يجري؟ أين تقع الحقيقة من زوايا هذا المسرح الكبير؟
ولماذا تظل الأشلاء والدماء علامة بارزة في مشاهد المسرحية العالمية؟ من الذي يكشف النقاب عن حقيقة ما جرى في الشيشان، وطاجكستان، وأفغانستان، وكشمير، والبوسنة والهرسك، والصومال، واريتريا، والجزائر، ولبنان، وفلسطين، والعراق؟ ومن الذي يمكن ان يسلط ضوء البيان على ما يجري؟ كيف يمكن ان يعرف الناس اللاهثون وراء بريق الاعلام الغربي «الصهيوني الصليبي»، تلك الحقائق التي تكمن وراء الأحداث الكبرى في هذا العالم؟
لماذا تنتقل الرسائل والبيانات العسكرية الملثمة من قناة الى قناة بأصوات معينة، في أوقات معينة، بطريقة معينة؟، ولماذا تكون الأقنعة هي الوسيلة المتفق عليها لاخفاء وجوه وأشخاص وحقائق أصحاب تلك الرسائل والبيانات؟
ولماذا يتحدث شارون حديثاً واضحاً صريحاً عن «سوريا»، ويواكب حديثه بعض البرامج في بعض القنوات التي تعرض شهادة بعض من أسهموا في صنع أحداث المرحلة الماضية المؤلمة مواكبة تشعر المتابع بذكاء المخرج وقدرة مساعديه على نشر خيوط متناغمة للأحداث تخدم ما يطمحون إليه من الأهداف.
إن بصيرة المسلم، ووضوح رؤيته لما يجري حوله، وإيمانه الراسخ بما هو عليه من الحق، وقوة تلاحمه مع إخوته المسلمين تلاحماً قائماً على الاعتصام بحبل الله المتين، إن ذلك كله هو الذي يمكن ان يكشف لنا الحقائق المختفية وراء كواليس المسرح العالمي، وينقذها من آثارها المؤلمة.
إشارة
ديننا لا يقر عنفاً ولكن لا يُقِرُّ الخضوع للشيطان.
|