Sunday 31th august,2003 11294العدد الأحد 3 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين
افتتاح الدورة الـ «19» للمجلس الأعلى العالمي للمساجد في مكة المكرمة
د. التركي: رياح الفتن تظهر في فكر زائغ منحرف عن الصراط المستقيم

> مكة المكرمة - عمار الجبيري: تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ونيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكة المكرمة افتتح وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة عبدالله بن داوود الفايز يوم أمس الدورة التاسعة عشرة للمجلس الأعلى العالمي للمساجد وذلك برابطة العالم الإسلامي بحضور سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس المجلس التأسيسي للرابطة. وقد بدأت أعمال الدورة بالقرآن الكريم ثم ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي كلمة أوضح فيها أن انعقاد هذه الدورة يأتي في وقت يواجه فيه المسلمون تحديات كبيرة ففي كل يوم نواجه فتنة يهتز لها قلب المؤمن فرقاً ودهشة ويخاف أن تكون فيها هلكته مشيراً إلى أنه حرياً بالمرء أن يحذر الفتن ويخشى عواقبها على دينه. وأكد أن رياح الفتن الآتية من الخارج تتمثل في المكايد التي تتجه إلى ديننا وأمتنا وتخويف الناس من خطر الإسلام العظيم الذي لولا عظمته واعتقاد المسلمين أنه مُنزل من عند الله وأنه غالب على الدين كله لما جلب عليه أعداؤه بصولات وجولات ظانين أنهم سيأتون يوماً ما على بنيانه من القواعد. وأضاف أن رياح الفتن القادمة من الداخل تتمثل في تلك التي تظهر في فكر زائغ منحرف عن الصراط المستقيم مفتون بثقافة قائمة على مفاهيم لا تتصل بالله ولا تقيم وزناً للفضيلة ولا تنظر للإنسان إلا من زاوية شهواته ورغباته المادية. وبين الدكتور التركي أن هناك تقصيراً في مجال التنسيق والتعاون بين مؤسسات الثقافة ومؤسسات الدعوة ومؤسسات الإعلام وتقصيرا في التعاون بين العلماء والدعاة في رعاية الأجيال التي تنصهر تحت وطأة البث الفضائي وشبكة المعلومات العالمية وتقصيرا فيما يبذل لبناء شخصية الأولاد على الطراز الذي يتفق مع ثقافتنا وحضارتنا وبيرز الاعتدال والوسطية والتوازن في الفكر والسلوك. وأشار معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي إلى أن هذه الاجتماعات فرصة للتشاور في ضرورة ايضاح المفاهيم الشرعية ايضاحاً شافياً يضع حداً للذين يستعملونها على غير وجهها ويضعونها في غير موضعها جهلاً أو تلبيساً ومن ذلك حقيقة معنى الجهاد في سبيل الله وما يتصل بأسباب مشروعيته وكيفية القيام به وفقه الولاء والبراء وفروعهما العلمية وعلاقات المسلمين يغيرهم وكذلك بيان ما يجب لأولي الأمر من السمع والطاعة وما يجب لهم من النصيحة والتعاون معهم فيما ولا هم الله من أمر المسلمين وبيان حرمة الخروج عليهم وشق عصا الطاعة وما يترتب على ذلك من الفتن وتسلط العدو والتعاون بين مؤسسات الدعوة ومؤسسات الإعلام في برامج تتبلور فيها الجهود على نحو أحسن أداء في نشر الوعي الإسلامي الصحيح. وأوضح أن المسجد هو المؤسسة التي اهتم بها الإسلام في المجتمع من أول يوم وجعل المسلمين مرتبطين به ارتباط الأعضاء بالقلب في جسم الإنسان وأن رسالة المسجد في بناء الشخصية المسلمة لا يمكن أن تقوم بها أي مؤسسة بديلة مهما تطور الزمان.
ودعا الدكتور التركي إلى العناية بمنبر الجمعة لما له من أهمية وهيبة في نفوس المسلمين وثقة بما يصدر منه مشيراً إلى أنه من هنا تظهر مسؤولية الخطباء فيما يقدمون للناس من خطبهم وهذا يقتضي من الخطيب أن يرجع إلى المصادر الأصلية المعتمدة من الكتاب والسنّة وتفسيرهما ولا يتكل على ما يحضره من معلومات. وحث على ايجاد جسر من التعاون بين وسائل الإعلام والعلماء والدعاة من أجل تأصيل منهج الوسطية والاعتدال في السلوك الإسلامي حتى لا تنقسم الأمة إلى رجلين احدهما متنطع مغال في التدين والآخر متميع مستهتر في التهتك مذكراً بأهمية استخدام وسائل الإعلام في العالم الإسلامي لتوجيه شباب المسلمين وجهة صحيحة وحمايتهم من تأثير الإعلام السيىء. وقال معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في ختام كلمته ان الرابطة أولت بيوت الله عنايتها من خلال الأمانة العامة للمجلس الأعلى العالمي للمساجد وقدمت المعونة للأئمة والدعاة فيها وذلك بتوفيق الله ثم بما تلقاه من دعم من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني فجزاهم الله بعظيم الثواب وجعل أجر عملهم في موازينهم لما يبذلونه من جهود في سبيل الإسلام وامته وفي سبيل حجاج بين الله الحرام وعماره انطلاقاً من الإسلام الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة واستمرت على منهجه. بعد ذلك ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية وعضو المجلس الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني كلمة الأعضاء أوضح فيها أن الإسلام دين محبة ورحمة وأخذ بيد الضيف والمسكين وخدمة الناس والنهوض بأوضاعهم وكفايتهم وتعزيز الأمة ونصرتها مؤكداً أن هذا هو ما عملت عليه المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله ولا زالت وستبقى إن شاء الله مضرب المثل بين دول العالم في الاعتدال والنموذج الحي للسياسة الحكيمة التي تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة في العالم والتوفيق بين الدول المتنازعة والتأليف بين القلوب ومساعدة الدول الفقيرة وشعوبها على النهوض والبناء وتمويل مشاريع التنمية فيها وهي لا تزال تتابع مسيرتها الخيرة على الصعيد العربي والإسلامي والدولي لتحقيق الخير والعدل والحق في العالم انطلاقاً من القيم الإسلامية. وقال إن الإسلام ليس دين عنف ولا إرهاب، بل الصهيونية العالمية هي التي تتهمه بذلك لتبرز مكرها بالإسلام وأهله وتشويه صورته في العالم مشيراً إلى معالجة أسباب التطرف الذي يسود العالم اليوم من فقر ومرض وظلم وبطالة وتخلف وحرمان فهو بداية الطريق إلى عالم يسوده الاعتدال ويخيم عليه الأمان والاستقرار كما أن اعطاء الشعوب المضطهدة حقوقها وتمكينها من تقرير مصيرها والقضاء على إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل على الشعب الفلسطيني وتحرير الأرض العربية من الاحتلال الإسرائيلي هو السبيل الوحيد إلى إحلال الأمن والسلام في المنطقة وعودة الاستقرار إليها. وقال إن المملكة العربية السعودية هي أمن المسلمين وأمانهم وحصنهم وحصن الإسلام المنيع يحرص عليها المسلمون في العالم كحرصهم على أوطانهم وكل مس أو تعرض لأمنها وسلامتها هو مس وتعرض لأمن المسلمين وسلامتهم في هذا العالم. ودعا قادة العالم الإسلامي والعربي وشعوبهما إلى التوحد وتوحيد الصف والكلمة لمواجهة الهجمة الشرسة التي تستهدف الإسلام والمسلمين الذي يحمل قيم الحق والعدل والسلام والتسامح والاعتدال التي نحرص عليها نحن المسلمين في تعاملنا مع العالم وفي سلوكنا في حياتنا العامة والخاصة وننبذ كل تطرف يخرج بالإسلام وتعاليمه عن حقيقته وجوهره الذي يكرم الإنسان ويعلي شأنه. وتحدث عن رسالة المجلس الأعلى العالمي للمساجد ورسالة المسجد معرباً عن شكره وتقديره لرابطة العالم الإسلامي لما تقوم به من خدمة للإسلام والمسلمين ومعالجة قضاياهم. بعد ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة رحب فيها بأعضاء المجلس وسأل الله لهم التوفيق في هذه الدورة. وقال إن الحديث عن أهمية المسجد من حيث بنائه ووقفه والأوقاف عليه وصيانته انطلاقاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم «من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة» ولقد أخذ السابقون بهذا فاعتنوا بالمساجد بناء وصيانة وأوقفوا عليها الأوقاف التي بتوفيق الله هي كفيلة بالمحافظة عليها وصيانتها. وأضاف سماحته يقول وعن عمارة المسجد المعنوية انطلاقاً من قول الله تعالى:{ (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18)
فعمارتها بالصلاة فيها، بتلاوة القرآن فيها، بتعلم العلم وتعليمه فيها، وقد عدّ النبي صلى الله عليه وسلم السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم القيامة، ذكر منهم رجلاً قلبه معلق بالمساجد. وأوضح أن المساجد مجال نشر العلم والتفقه في كتاب الله وسنّة محمد صلى الله عليه وسلم وأن عناية المسلم بالمسجد واهتمامه به وتردده عليه لعمل صالح له وأن المساجد ليست للعبادة الخاصة فقط الصلاة، ولكنها للصلاة وغيرها من علوم أمور الشرع فبالإضافة إلى أداء الصلاة فيها وعمارتها بادائها هذه الفريضة خمس مرات في اليوم والليلة فهي أيضاً ملتقى ومنتدى للمسلمين وسبيل لجمع قلوبهم وتوحيد صفهم وسبب لتفقيههم في دين الله وتوجيه النصائح إليهم من خلال خطب الجمعة. وبيّن آل الشيخ أن خطب الجمعة وما تشتمل عليه من موضوعات فيها ارشاد للمجتمع، بل للأمة المسلمة كلها من خلال مساجدها فمن مساجد المسلمين انطلق العلم والتعليم ومنها عقدت رايات الجهاد وفيها التعارف بين الأمة والتآخي بينها، هكذا كان المسجد في عصوره الأولى ولا تزال رسالة المسجد غضة طرية عندما يحسن المسلمون استعمال المسجد والقيام به خير قيام. ودعا إلى الاهتمام بالمساجد غاية الاهتمام فمن خلال إمام المسجد والعناية في اختياره وتأهيله ليتولى ذلك المنصب العظيم أي ويقوم الناس في صلواتهم ويختار إمام تجتمع عليه الكلمة لأن المقصود تآلف القلوب وجاء في الحديث النهي.. عن رجل يؤم الناس وهم له كارهون. وأكد مفتي عام المملكة أن رسالة الإسلام رسالة عالمية للخلق كلهم والمسلمون يجب أن يستشعروا هذا الواجب وينهضوا بمسؤوليتهم ليرشدوا عباد الله ويبصروهم لما لأجله خلقوا ويفقهوهم في دين الله من خلال منبر المسجد يتم توجيه الأمة وتفقيهها وتبيين الحق لهم ولاسميا في الجوامع في البلاد غير الإسلامية فعليهم مسؤولية عظيمة أن تكون تلك المنابر منابر خير وتوجيه ودعوة إلى الحق ونشر فضائل الإسلام وتبيين محاسنه ودحض كل الشبه التي يدلي بها أعداء الإسلام ليشوهوا صورة الإسلام المشرقة بما يلقون من شبه وأباطيل. فخطباء المساجد واجبهم في تلك البلاد أن يهتموا بالإسلام دعوة إليه وتوضيحاً لمحاسنه، وإزالة كل الشبه التي يمكن أن يلصقها أعداء الإسلام بالإسلام يجب أن تكون المنابر منابر خير ومشعل هدى لا أن تكون سبباً للفرقة وتقسيم الأمة شيعاً وأحزاباً. وحذر الخطباء أن تكون المنابر وسيلة للكيد بعضهم لبعض وللاستعداء على غيرهم مما يسبب تسلط الأعداء على مجتمعاتهم وعلى مساجدهم وعلى مراكز الخير فيهم يجب أن يكون الخطيب لديه الحكمة فيما يقول وفيما يدعو إليه لتستمر دعوته ويتواصل خبرة ويقطع خط الرجعة على الأعداء الذين يحاولون تشويه المساجد وخطبائها والصاق التهم الباطلة بهم. ودعا خطباء المساجد في الدول الإسلامية أن يتقوا الله وأن تكون المساجد سبباً للاجتماع والتآلف ووحدة الصف وألا يكونوا مطايا لغيرهم يسخرهم كل على ما يريد ويهيؤهم لأي اتجاه يريده، بل يكون عندهم استعدادية هدفهم تبصير الناس والدعوة إلى الحق ونشر الهدى ومبادئ الإسلام. وأكد أن من واجب رابطة العالم الإسلامي السعي للالتقاء بخطباء المساجد في العالم غير الاسلامي في دورات مختلفة ولقاءات متعددة حتى يتم رسم خطة سوية لهم فيما يلقونه وفيما يفعلونه فان ارتباطبهم بهذه الرابطة والتقاءهم باعضائها مما يسهل إن شاء الله تفهمهم للمراد وتحسين وضعهم والاخذ بايديهم لما فيه الخير والاصلاح وامدادهم بما ينفعهم وما يسبب تنظيم مسيرتهم ليؤدوا واجبهم على الوجبه الاكمل. ونوه سماحة المفتي العام بما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني حفظهم الله من دعم لرابطة العالم الاسلامي وتأييدها للقيام بمهماتها سائلا الله أن يجعل ذلك من حسناتهم. وبين أن العالم الاسلامي يمر بمنعطف خطير اعداء الاسلام يحاولون تشويه سمعة الامة ويجلبون عليها بكل وسيلة ليصفوا امة الاسلام بأمة الارهاب ويصفونها بأنها الامة الدموية متجاهلين مكائدهم ومؤامراتهم الدنيئة فالواجب على المسلمين ان يعوا مكائد اعدائهم وان تجتمع كلمتهم في سبيل المحافظة على دينهم. ثم القيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز القاها نيابة عن سمو أمير منطقة مكة المكرمة وكيل الامارة عبدالله بن داود الفايز وفيما يلي نصها: الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل {وّأّنَّ المسّاجٌدّ لٌلَّهٌ فّلا تّدًعٍوا مّعّ الله أّحّدْا} والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين نبينا محمد الذي ارسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه اجمعين. ايها الاخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد فأحييكم جميعا وارحب بكم في المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومنطلق الدعوة الإسلامية وادعو الله أن يكتب لكم التوفيق والسداد في مهامكم الكبيرة خلال اعمال الدورة التاسعة عشرة للمجلس الأعلى العالمي للمساجد التي تنعقد في بلد الله الحرام الذي اكرمه الله بنعمة الامن وبجوار الكعبة المشرفة اول بيت وضع للناس قال تعالى :{(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ) }.(آل عمران:96)
ومازال هذا البيت مثابة للناس وامنا يتطلع اليه المسلمون في مشارق الارض ومغاربها قبلة لهم ورمزا لامنهم ومكانا لتلاقيهم ووحدتهم وقد اكرمنا الله سبحانه برعايته وخدمته وخدمة مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وهما المسجدان اللذان انطلقت منهما رسالة الاسلام للبشر لتخرجهم من الظلمات الى النور. وأن المملكة العربية السعودية التي تشرفت بخدمة هذين الحرمين الشريفين لتتطلع الى أن يتحرر المسجد الاقصى ويعود إلى الحوزة الاسلامية كما كان عبر التاريخ فهو قبلة المسلمين الاولى وثالث المساجد التي تشد اليها الرحال وقد ساءها العدوان المتكرر عليه وعلى المصلين فيه وسوف تبذل كل جهد لحمايته وصيانته وفكره من الاسر والاذى الذي لحق به. ايها الاخوة الكرام ان انعقاد الدورة التاسعة عشرة للمجلس الاعلى العالمي للمساجد يصادف ظروفا متغيرة واحوالا طارئة على امة الاسلام واحداثا غريبة على المسلمين من اخطرها جرائم الارهاب التي ارتكبها اناس ابتعدوا عن تعاليم الاسلام وجنحوا عن الحق فوقعوا في الاثم وسفكوا الدماء وقتلوا الانفس المعصومة التي حرم الله وبثوا الرعب والخوف في قلوب الناس فمشكلة الجهل التي تسربت الى بعض شباب الامة اغرت شبكات الارهاب باستغلال بعضهم لتحقيق اغراض لا يستفيد منها الا اعداء الامة فاساؤوا بذلك إلى الاسلام والمسلمين وفتحوا بابا لحملات اتهام للاسلام ولصق تهم العنف والارهاب به والتطاول على خاتم الانبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ووصف رسالته وهي رسالة الامن والسلام بما لا يليق بها وان هذه الحال المؤسفة ايها الاخوة تتطلب التأمل والنظر والمعالجة ومعالجة هذه المشكلة ليس امرا صعبا فالواجب تصحيح هذا الفكر الشاذ الغريب من خلال الرسالة الصحيحة للمسجد البعيدة عن الغلو في الدين فرسالة المساجد هي تعريف الانسان بحقيقة الاسلام وبمبادئه الصحيحة بعيدا عن الغلو وتأصيل صلة الانسان بربه واحسان علاقته مع خلق الله والسعي في منفعتهم فخير الناس انفعهم للناس. ورسالة المسجد التي جمعتكم اليوم في بلد المسجد الحرام هي رسالة اصلاح الناس وبناء المجتمع وفق اسس من الوعي الناضج والمعرفة الصحيحة لمبادئ الدين ومن مقتضى الاصلاح لهذه الرسالة محاربة الافساد في الارض ومحاربة الذين يحادون الله ورسوله وتعريف الناس بما شرعه الله من جزاء للمفسدين في الارض المحاربين لله ورسوله قال تعالى {(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) }.. ورسالة المسجد هي رسالة الامن والسلام والتواصل بين الناس على البر والتقوى والبعد عن الظلم ونبذ الاثم والعدوان وتخليص المجتمع الانساني من شرورهما قال عز وجل {(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) } ورسالة المسجد رسالة تأسيس لقواعد التربية والاخلاق والتواد والتحاب بين الناس وتجميعهم على الحق بالكلم الطيب والموعظة الحسنة بعيدا عن الاساليب الفظة الخشنة قال تعالى {وّلّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ القّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} وقال جل وعلا {)ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } . ورسالة المسجد هي رسالة العدل بين الناس والاحسان اليهم ومنع البغي قال الله عز وجل {(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) } ورسالة المسجد هي تحقيق لوسطية الاسلام وتثبيتها في وعي الناس وتربية الناشئة على مبادئها التي لا تقبل المغالاة في الدين كما انها لا تقبل التهاون فيه ولقد تشرفت امتنا بهذه الوسطية التي تعني الاعتدال في كل شيء قال الله عز وجل {)وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } . ايه الاخوة الكرام تعد المملكة المسجد مدرسة تربوية للمسلمين لذلك فهي تدعم مشروعاتكم وتساندها وتساعد على نشر قيم الاسلام العظيمة في الارض من خلال اعمار المساجد بالعبادة وتقوى الله وتأصيلها لنشر رسالة الاسلام التي تدعو الى تحقيق قيم العدل والتسامح والتعاون بين الناس. ولقد سررنا لما تقوم به رابطة العالم الاسلامي من متابعة وتصد لمحاولات التطاول على الاسلام وعلى خاتم الانبياء والمرسلين محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم كما سررنا لما تقوم به من حوار مع اصحاب الثقافات والحضارات لعرض صور الاسلام الصحيحة وتعريفهم برسالة العدل والسلام التي جاء بها الاسلام. ويطيب لنا بهذه المناسبة ان نشكر الجميع على ما يبذلونه من جهد في مجالات العمل الاسلامي المتعددة وندعو الله العلي القدير ان يوفقكم جميعا وان يعينكم في مهمتكم وفي انجاز رؤية معاصرة لرسالة المسجد تكون مناسبة للمنعطف التاريخي الذي تمر به الامة المسلمة. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. بعد ذلك اختتمت الجلسة الافتتاحية بالدورة وبدأت جلسة العمل الاولى التي تم خلالها اطلاع الاعضاء على النظام الجديد للمجلس الاعلى العالمي للمساجد الذي اقره المجلس التأسيسي للرابطة في دورته الاخيرة وعرض تقرير الامانة العامة للمجلس واقراره وطلب الموافقة على تكوين اللجنة التنفيذية للمجلس اضافة الى تعيين اللجان الخاصة بأعمال الدورة الحالية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved