Sunday 31th august,2003 11294العدد الأحد 3 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بموضوعية بموضوعية
القطاع الخاص ليس المسئول عن البطالة
راشد محمد الفوزان

سيتبادر لذهن كل من يقرأ عنوان هذه المقالة بأنني سأكون محامياً عن القطاع الخاص، ولكن للحقيقة والانصاف والموضوعية أنني لن أقف بموقف المحامي أو المدافع بل سأقف بجانب المواطن الباحث عن العمل الذي هو بموقف أضعف من الشركات والمؤسسات بأنواعها.
ويعتبر النقاش والحوار بما يخص التوظيف والسعودة قد أشبع حواراً كل بوجهة نظره ورؤيته الخاصة، وهناك تبادل للاتهامات بين المسؤولين في الجهات الحكومية المعنية كوزارة العمل والشؤون الاجتماعية أو وزارة التجارة والصناعة وغيرها من الوزارات، حتى أن الدولة سنت الكثير من القوانين والأحكام الملزمة للقطاع الخاص بضرورة سعودة الوظائف وفق نسب متدرجة متصاعدة سنوياً لا يمكن أن يتم التنازل أو الخفض منها كما هي، وهي مطلب ضروري ومهم في ظل وجود ما يزيد عن 5 ملايين «غير سعوديين» يعملون في قطاعات اقتصادنا المحلي المختلفة ويشكل المواطنون المسجلون لدى وزارة العمل فقط نصف مليون سعودي، وأيضا في ظل وجود بطالة غير مفهومة تقدر نسبتها ب 8% نسبة لآخر إحصاء من مصلحة الإحصاءات العامة.
ولكن لنطرح السؤال التالي الذي كثيراً ما يتجنبه من ينادون بالسعودة لمجرد السعودة بأي وسيلة كانت حتى لوكان المواطن يفتقد للإمكانيات والكفاءة والسؤال المطروح بصوت مرتفع: هل المواطن الباحث عن العمل سواء الجامعي أو الأقل تعليماً حتى الابتدائي مؤهل وقادر علميا بما يتوافق مع حاجة سوق العمل لدينا؟؟ وهل مخرجات التعليم لدينا تؤهل بالقدر الذي يحتاجه القطاع الخاص؟ ولا أخص هنا العمالة العادية التي لا تحتاج أعمالها إلى مهارات ودرجة علمية معينة، بل أتحدث عن الشركات والمؤسسات المتوسطة فما فوق، والتي تحتاج أعمالها في الغالب إلى اجادة اللغة الإنجليزية وتقنية المعلومات واجادة لبرامج واستخدام الكمبيوتر وغيرها، ونلاحظ أعمال الشركات والمؤسسات التي تعتمد على التصدير والاستيراد بأنواعها والبنوك والفنادق والمستشفيات وغيره حتى الحكومي منها فهي تحتاج إلى اللغة الإنجليزية بحد أدنى هو الإجادة، ولكن للأسف ان هذا غير متوفر في بيئتنا الوظيفية من خلال الباحثين عن العمل.
القطاع الخاص دائما يلام بأنه لا يوظف المواطن، وهي نوعا ما حقيقة ولكن ليست كل الحقيقة، باعتبار القطاع الخاص لا يقارن بالحكومي لسبب أنه يبحث عن الربح والعائد والاستثمار الامثل والاستمرار في التوظيف لديه وأن يوجد الشخص المناسب بالمكان المناسب وبكفاءة عالية جداً لا لبس بها، ويجب تجاوز المقارنة مع القطاع الحكومي، والقطاع الخاص لن يوظف أي شخص زائد عن حاجته فلا توجد لديه البطالة المقنعة في الغالب.
القطاع الخاص يبحث من ضمن شروطه للتوظيف شرطاً أساسياً وليس للتكبيل والتقييد والتعقيد كما يشار لذلك كثيرا هو اجادة اللغة الإنجليزية أو إتقان لها تحدثاً وكتابة وقراءة واستماعاً، هذا مطلب أساسي ومهم ولكن نجد أن من يتقدم وبصفة شخصية لاحظت انهم لا يجيدون الإنجليزية إلا اسمها وهو المتخرج من الجامعة والذي درس المتوسط والثانوي وقد يكون الجامعي، ولكنه لا يستطيع ربط كلمتين على بعضها، ليس مجال نقاشي وحواري هنا من المسؤول عن عدم اجادة اللغة ولكن الخلل أين؟! والاجابة هي معروفة بالتعليم غير المفيد للطلاب وهو الخلل بالمناهج بالمعلم بالطالب أم جميعها وهي تحتاج لإعادة نظر بشكل كامل.
يجب التأكيد إن مخرجات التعليم لدينا لا تواكب سوق العمل لدينا، وهذا ملموس لدينا ولنا رؤية «كمثال» الصيدليات هل شاهد أحد منكم مواطناً سعودياً في الصيدليات خارج المستشفيات؟ هل منكم من شاهد محاسبين في الشركات والمؤسسات الخاصة؟ هل يتوفر الناسخ أو السكرتير الذي يجيد الطباعة باللغة الإنجليزية؟ هل يوجد المواطن الذي يجيد الترجمة باحترافية؟ هذه بعض الوظائف كمثال وغيرها كثير، ألا نلاحظ أن العائق هي اللغة الإنجليزية التي يرفضها الكثير جملة وتفصيلا، القطاع الخاص لن يتحمل تكاليف مالية عالية لمجرد السعودة والموظفون لا يملكون الكفاءة والقدرة العلمية فالشهادة لا تكفي بدون لغة، ويجب أن ندرك ان القطاع الخاص يرحب بالمواطن كموظف لديه، فهو ابن الوطن، وهو أقل كلفة وأكثر أماناً وأمنا وأيضا أكثر استقراراً فما الذي يمنع القطاع الخاص من توظيف المواطن، لا شيء حقيقة وأقولها بثقة وتأكد من شيء ملموس، لكن لماذا لا يحول السؤال للباحث عن العمل، أو إلى المسؤولين عن التعليم كوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، لماذا تنفق مئات الملايين في تعليم اللغة الإنجليزية ويخرجون من لا يجيدون كلمتين أو سطراً أو سطرين، السؤال هنا لديهم، وليس للقطاع الخاص.
يجب أن نكون أكثر واقعية حين النقاش بموضوع التوظيف فهي عملية مترابطة من مخرجات التعليم إلى ماذا يخرج لنا بسوق العمل، وإلى ما هي حاجة سوق العمل، وهل ما يخرج لنا قادر على تولي العمل في القطاع الخاص، وهي ليست التأهيل ، بقدر ما هي قدرات وإمكانيات تتوفر لدى شبابنا للعمل، لذا فهم دائماً يفضلون وظائف أقل شروطا وأقل لغة ويفضلون القطاع الحكومي على القطاع الخاص وبمراحل، ولعل بعض القطاعات الحكومية تعاني من تكدس في الموظفين والاقبال عليها بشكل منقطع النظير.
ولا ننسى الباحث عن العمل الذي يضع نصب عينيه الوظيفة الحكومية ويعمل بالقطاع الخاص ان وجد على أمل الخروج منه للحكومة وهذه نظرة غير صحية و غير جيدة ولا تضيف الاستقرار الوظيفي للشركات التي تنفق الملايين في التدريب والتأهيل، والباحث عن الوظيفة غالبا يضع سلسلة شروط وهو لم يبدأ بعد، وهذا يجعلنا نركز قليلا على التأهيل الثقافي لدى الشباب بالقناعة بالوظيفة أيا كانت وحسب إمكانياته وأن لا يتوقع أن يكون مديرا من أول طلب يقدمه أو أن تكون الوظيفة بجوار منزله.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved