يتحتم على أي أمة تنشد الأمان الفكري وترنو إلى الاستقرار العقلي أن تدلف فوراً بوابة الحوار مستخدمة أدواته العلمية المصيبة القادرة على احتواء مآسي الخلاف وإفرازات التباين.
إن بلادنا ولله الحمد والتي ترفل برداء الأمن المحسود في شتى مستوياته أحوج ما تكون إلى سد ثغرات المتربصين الذين يسعون جاهدين إلى فتح قنوات الانقسام وزرع بؤر الشقاق.
والوطن الأم الكبير يلزمه في ذات الوقت أن يمد ذراعيه ويحضن برفق أيادي المتصالحين والمتآلفين وأن ينأى عن إرجافات المتخلفين والقواعد.
إن الأمل أن يكون الحوار الوطني هو تلكم الصخرة التي تتهاوى أمامها وتحتها دعوى الناكصين عن سلوك طريق الحوار المبين.
والساعة والمشهد الذي نعيشه لا يحتمل التردد والروغان والالتفات إلى الوراء بقدر ما نحتاج إلى أن نطور عقولنا ومدارسنا الفكرية وفق منظور شرعي صائب وعقل رشيد.
إن التنوع الفكري الذي نشهده في الساحة اليوم يحتاج إلى دراسة متأنية تدفع بالأجيال إلى احترام الآخر وعدم الاساءة إليه مع عدم ضرورة التباين والتطابق.
وليس ثمة شك أن النخب كافة تتوق بشدة إلى هذا المنجز الجديد وقد باشر مهامه بكل شفافية مبادراً إلى شوكة البغضاء والتناحر أن يئدها ويقضي عليها.
وأن ينهض بذوق العقل والرشد ليشد من أزر ولاة الأمر في تحقيق هذه الغاية النبيلة التي ينشدون منها صلاح العباد والبلاد.
ليس من المعقول بحق أن يكون لدينا جامعات عدة وكليات كثيرة ومعاهد وأندية أدبية وموائد ثقافية ثم نتقاعس عن فهم أبجديات الوحدة وضرورة اللحمة المتمثلة في حوار هادف يولد من بين أحضانه ثقافة بناءة ووعي وحس يسمع للآخر ويحترم رأيه ويجادله بالتي هي أحسن ويفتح اثر ذلك مساحة واسعة واقعية للحوار.
حينذاك سوف نظفر حتماً بآراء ناضجة مبلورة بعيدة عن ظلام المنتديات وهمسات الإنترنت الخافتة وتنكص أيادي العنف والتطرف والتشديد التي لا تعرف سوى رأيها الأحادي المتعصب المنفلق.
ومن محاسن هذه المبادرة الكريمة انها سوف تتيح إسماع صوتنا للآخرين بلا تردد أو ريبة كما نراه اليوم.
وإن أمام المنتسبين إلى هذا المنتدى الوطني للحوار قائمة طولى من الأولويات الجادة المتمثلة في تعزيز روح الوحدة الوطنية ورعاية حق ولي الأمر ومصالحة ذوي التباين والاختلاف ومراجعة مصادر الفتيا ونوازلها ومستجداتها.
إن معطيات الحوار سوف تقودنا الى التواصل مع كل بعيد وحسن التعاطي مع الجديد وفق رؤى مدروسة بعيدة عن الشكوك والمغالطات رافضة مبدأ الاقصاء والفردية في اتخاذ القرار.
أما الهمسة الهامة في آذان القائمين على هذا الحوار أن ينأوا عن تلكم المجالس النخبوية الفضفاضة المترهلة البعيدة عن هواجس الأجيال وهموم الشباب.
وإن أية محاولة تحاول اقصاء صوت الشباب حتماً سوف تذبل سريعاً ويعلوها التراب.
إن إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يعكس حرارة وجدية الدولة وفقها الله وولاة الأمر نحو تطبيق توصيات ذلكم المنتدى الأول للحوار الوطني فيعلو صوت الحوار ويسود جو من التسامح الكريم والاحترام المتبادل.
|