إلى من يطيب له الوقوع في ولاة أمرنا حفظهم الله ولمزهم بالخيانة، ومحاربة الإسلام، وتلميع كل من يعارض سياستهم فإليهم أكتب هذه النصوص مذكراً إياهم بها، فالمسلم الحق من أخذ بالدين كله، لا الذي يأخذ منه ما يعجبه ويدع ما لا يعجبه.
إن الخروج على ولاة الأمور ليس بالسلاح فقط، ولكن الكلام بما يوغر الصدور عليهم هو من الخروج أيضاً كما ثبت عن عبدالله بن عكيم رضي الله عنه، ثم انه لا خروج بالسيف إلا ويسبق بالخروج بالقول ولابد.
إن إنكار المخالفات السياسية لا يجوز ان يكون علانية، بل يكون بين الناهي وولي الأمر فقط لحديث «من أراد ان ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية..» الحديث. رواه ابن أبي عاصم في السنة. ويؤيد معنى هذا الحديث نصوص كثيرة، وتؤيده قواعد الشرع الحاثة على الاجتماع على ولاة الأمور، والمحذرة من الاختلاف عليه.
أخي المسلم:
البيعة للسلطان لا يجوز ان تكون غرضاً دنيوياً، ولا يجوز ان يكون الوفاء بها مرهوناً بما يصل إلى المبايع من حظوظ الدنيا، فقد توعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من بايع إمامه للدنيا بوعيد شديد فقال صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم... ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط..» رواه البخاري.
أخي المسلم:
يظن بعض الناس ان من يحث على السمع والطاعة انه مدفوع من قبل الحكومة لأنه لا يخطر في باله ان التذكير بوجوب السمع والطاعة، والتحذير من مقالات أهل الفتن التي تهيج النفوس على ولاة الأمور، لا يخطر على باله ان هذا عمل شرعي يدعونا إليه دين ربنا.
إنما يعرف ذلك حق المعرفة من أخذ دينه عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكتب الحديث، والعقيدة السلفية، وأئمة الدعوة السلفية وعلى رأسهم الشيخ ابن باز رحمه الله في هذا العصر الذي كان دائم الدعاء لولاة الأمور في كلماته ودروسه ومجالسه العامة والخاصة، دائم اللهج بالثناء على ملوك هذه البلاد، ونصرتهم للدعوة السلفية التي جددها الشيخ محمد بن عبدالوهاب بمناصرة الإمام محمد بن سعود رحمهم الله ولم يكن ذلك سراً في منهج الشيخ رحمه الله فهل كان يفعل ذلك تزلفاً ومداهنة؟
لا أظن ان مسلماً منصفاً يظن ذلك بالشيخ، أما من أعمى الهوى قلبه فليظن ما يظن.
أعود فأقول إن الذين أخذوا دينهم عن «المجلات الإسلامية السياسية»، وعن بعض المحاضرات، والدروس التهييجية التي غيبت موضوع «حقوق ولاة الأمور في ضوء الكتاب والسنة» من اطروحاتها «قصداً أو سهواً؟»، وتركت الدعاء لهم في محاضراتهم، وأهملت الثناء عليهم اهمالاً يكاد يكون كاملاً، هم الذين يستهجنون مسألة الحديث عن ولاة الأمور بالتبجيل، والدعاء، والثناء، ويرى ذلك نوعاً من التزلف السمج، وشراء الدنيا بدل الآخرة، والله المستعان.
والآن إلى الهدية الثمينة الغالية لكل مسلم:
1 يقول تعالى: {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا أّطٌيعٍوا اللَّهّ وّأّطٌيعٍوا الرَّسٍولّ وّأٍوًلٌي الأّمًرٌ مٌنكٍمً}.
2 ويقول تعالى {فّاتَّقٍوا اللَّهّ مّا اسًتّطّعًتٍمً وّاسًمّعٍوا وّأّطٌيعٍوا}.
3 ويقول تعالى: {وّاعًتّصٌمٍوا بٌحّبًلٌ اللَّهٌ جّمٌيعْا وّلا تّفّرَّقٍوا}.
4 ويقول صلى الله عليه وسلم «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» متفق عليه.
قلت: قوله صلى الله عليه وسلم «فلا سمع ولا طاعة» أي في خصوص تلك المعصية.
5 ويقول صلى الله عليه وسلم «من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» رواه مسلم.
وفي رواية له «ومن مات وهو مفارق للجماعة، فإنه يموت ميتة جاهلية».
6 ويقول صلى الله عليه وسلم «اسمعوا واطيعوا، وان استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبه» رواه البخاري.
7 ويقول صلى الله عليه وسلم «عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك» رواه مسلم.
8 ويقول صلى الله عليه وسلم «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر» رواه مسلم.
9 وسأل سلمة بن يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فاعرض عنه، ثم سأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اسمعوا واطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم» رواه مسلم.
10 وقال صلى الله عليه وسلم «من أهان السلطان أهانه الله» رواه الترمذي وقال حديث حسن.
والله أسأل ان يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.
|