نحن في كلية الآداب بجامعة الملك سعود نعرف جيدا الدكتور خالد بن محمد العنقري، عندما كان أستاذا في قسم الجغرافيا بالكلية.. احد الاقسام الكبرى بالكلية.. وهذا القسم من الاقسام التي أنجبت عددا من الشخصيات المؤثرة ومفكري المجتمع.. والدكتور خالد هو ابرز هذه الشخصيات .. ليس فقط على مستوى قسم الجغرافيا او كلية الآداب وجامعة الملك سعود، بل على مستوى كل الجامعات ومؤسسات التعليم السعودية.
ويجمع كل من عرف او سمع عن الدكتور خالد على انه شخصية متواضعة قريبة من كل شخص يلتقي به، يحب الخير للناس.. ويتمتع بحضور مميز يفرض شخصية غير عادية لدى من يلتقي بهم.
واذا كنا نعتقد ان الجامعات والتعليم العالي عامة يحتاج الى وزير بمواصفات خاصة يكون قادرا على التحاور مع نخبة النخبة وصفوة العقول وواجهات المجتمع المتمثلة في اساتذة الجامعات ومنسوبي اسرة التعليم العالي، فإن شخصية الدكتور خالد تجسد تلاقيا موفقا بينه وبين هذه الاسرة.. وبكل تجرد وموضوعية فإن مبدأ «الرجل المناسب في المكان المناسب» ينطبق بلا أدنى شك على تعيين معالي الدكتور خالد العنقري وزيرا للتعليم، والتجديد له ليستمر في مشروعه الكبير لتطوير التعليم العالي في بلادنا.. وحتى في التشكيل الوزاري الاخير، حمدنا الله على استمرار هذا الرجل في هذا الموقع.. ربما آخرون في وزارات اخرى كان لهم آراء أخرى مع التجديد لوزرائهم.. الا أن وزارة التعليم العالي ومنسوبي الأسرة الجامعية في المملكة رحبت بالتجديد لوزير التعليم العالي.
وقد فرض علي الكتابة عن الدكتور العنقري ما تابعته صباح الخميس الماضي «على الصفحات الأولى لمعظم صحفنا» من مضامين من المؤتمر الصحافي الذي عقده معاليه مع مندوبي وسائل الاعلام.. ونحن نعرف جيدا، وربما هي احدى اهم عناصر ومكونات شخصية الدكتور العنقري، ان معاليه لا يحب الأضواء الاعلامية، وهو حريص ايما حرص على ان يقول ما تنجزه الوزارة، وان يصرح بما يحتاجه الموضوع، بعيدا عن مبالغات المواقف وتهويلات الاوضاع والتطمينات التي تكون للاستهلاك الاعلامي ليس الا.. ولهذا فإني عندما أقرأ عن مؤتمر صحافي او لقاء اعلامي او حدث تعليمي يحضره الدكتور العنقري، فإني اراه حدثاً حقيقياً وفعلاً حاصلاً وعملاً متوقعاً ووشيكاً تنفيذه وانجازه في ساحة التعليم العالي والجامعات.
ونحن معشر القراء ومستهلكي الاعلام، ندرك ان بعض الشخصيات التنفيذية وزراء ومسؤولي ادارات تسعى دائماً الى استخدام وسيلة الاعلام للترويج الشخصي ليس الا.. لغاية في نفس «عمرو»... او «معاوية».. ومن المؤسف جداً ان تكون هذه الاستهلاكات الاعلامية موجهة الى حد كبير الى ولي الامر اكثر منها الى الجمهور العام.. وبكل موضوعية وتجرد لم نجد مثل هذا التوجه في شخصية الدكتور العنقري.. ومن خلال متابعتنا لوسائل الاعلام خلال الستة أو الأربعة أشهر التي سبقت التشكيل الوزاري على سبيل المثال، لم نجد أي ضوء اعلامي مقصود صادر من وزارة التعليم العالي.. وعلى العكس مع كثير من الوزارات التنفيذية.. التي سعت لهندسة اعلامية تواكبية مع عمليات الترشيحات الوزارية.. ونحن نعلم ان وزارة التعليم العالي بشكل خاص - ومن المؤكد وجود وزارات ومؤسسات تنفيذية اخرى - كانت حريصة على ان تظل كما هي بدون تهويجات اعلامية وبدون حملات تمجيد شخصي للوزير او لمنجزات الوزارة.. وقد علمت شخصيا ان بعض الفعاليات الجامعية المجدولة في نشاط الجامعات خلال تلك الفترة قد تم تأجيلها الى مواعيد اخرى، حتى لا يساء فهم حضور وتنظيم مثل هذه المناسبات في هذا التوقيت الحساس.. وهذا أيضاً انعكاس ايجابي ومطلوب لشخصية متواضعة لا تسعى الى كراسي المسؤولية بل تراه تكليفا من ولي الامر اكثر منه تشريفاً للوزير او غيره من منسوبي موظفي تلك الأجهزة.
ونعود لموضوعنا الأساسي، وهو ان هذا المؤتمر الصحافي قدم لنا «اخباراً سارة» فقد اعلن معالي الدكتور خالد ان الوزارة من خلال منافذها الجامعية العديدة استطاعت هذا العام وستتمكن في الاعوام القادمة من استيعاب كل خريجي الثانويات العامة.. ويعتبر رقماً كبيراً ان يكون المقبولون في مؤسسات التعليم العالي هذا العام وحتى اليوم هو اكثر من 187 الف طالب وطالبة من مجموع عام يقدر بحوالي 201 الف، ولا تزال هناك فرص متاحة لمن لم يتم قبولهم حتى الآن في امكانية انخراطهم بإحدى مؤسسات التعليم العالي.. وقد أذهلني فعلا ان نسبة القبول مقارنة بأعداد خريجي الثانويات العامة خلال الأربع سنوات الماضية ارتفعت بشكل كبير.. من نسبة الخمسين في المائة، الى نسبة 62% قبل عامين، الى نسبة 82% العام الماضي، الى نسبة مائة في المائة هذا العام.. بل إن نسبة استيعاب الجامعات والكليات تزيد على اعداد خريجي وخريجات الثانويات العامة في بلادنا.. اذا اعتبرنا ان القبول في الفصل الثاني من هذا العام هو امتداد لقبول الطلاب حيث ان نسبة الذين يتم قبولهم في الفصل الثاني قد تصل الى ربع هذه الأعداد المقبولة في الفصل الاول.. وهذا في نظري ونظر الآباء والأمهات وابنائنا وبناتنا انجاز كبير ليس امامنا الا ان نقدره في الشخصيات المخلصة التي تعمل في دفع عجلة التطوير وحل المشاكل الاجتماعية ورفع الهموم عن الاسر التي لديها ابناء وبنات ولم تتوفر لهم فرص القبول في الكليات والجامعات.
وختاما، لابد ان نشير هنا الى ان هذه الأخبار السارة والانجازات الوطنية لنا ولأبنائنا وبناتنا هي ثمرة حرص قيادة هذه البلاد على تذليل المصاعب وحل المشكلات التي تواجهنا.. ونحن نلمس فعلاً ان ما حدث قبل حوالي ثلاثة اعوام من تشكيل لجنة وزارية عليا لدراسة الحلول المناسبة لمشكلة قبول خريجي وخريجات الثانوية العامة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز هو مثال للالتفاتة الجدية التي وضعتها الدولة لحل مثل هذه المشكلة التي تؤرق الآباء والامهات والاسر السعودية، اضافة الى بناء هموم مبكرة وعقد نفسية للشباب من خريجي وخريجات الثانويات العامة.. ونحن اليوم والحمد لله نقطف ثمرة من ثمرات جهود الدولة الموفقة في خدمة المواطن وتعزيز شأنه ومكانته الاجتماعية.. ان وجود الأمير سلطان في مثل هذه اللجنة لاشك قد كان له الأثر الأكبر بما يحمل سموه من تأثير على مجريات الشأن العام وخصوصا مجال التعليم الذي يرأس سموه اللجنة العليا لسياسة التعليم في تحفيز مؤسسات التعليم العليا وما في حكمها في ضرورة استيعاب الاحتياجات الوطنية مهما كلفت الدولة.. فالأولوية دائما هي للمواطن.
هذا ما نريده وهذا ما يتحقق لنا والحمد لله..
* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للاعلام والاتصال
أستاذ الاعلام المساعد بجامعة الملك سعود
|