Friday 29th august,2003 11292العدد الجمعة 1 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مؤكداً أنه لا صلة للإسلام بالإرهاب..الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي لـ « الجزيرة »: مؤكداً أنه لا صلة للإسلام بالإرهاب..الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي لـ « الجزيرة »:
ظهور المجموعات الإرهابية عند المسلمين سببه الجهل بالدين

* مكة المكرمة - خاص ب«الجزيرة»:
حذر معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء من الغلو في الدين الذي يقود إلى الضلال، مشيراً إلى أن التطرف الناتج عن الغلو في الدين ضلالة شنيعة يسوق صاحبه بالفعل إلى الإرهاب والإجرام.
وقال معالي الدكتور التركي في حواره مع «الجزيرة» إن علاج الغلو في الدين يكون أولاً بمعالجة مشكلة الجهل، وتربية الناشئة على محاربة الأهواء، والاستماع إلى العلماء الثقات، مؤكداً ان علاج الغلو في الدين واجب مشترك ينبغي أن تسهم فيه الأسرة المسلمة وعلماء الأمة، ومؤسسات التعليم، ووسائل الإعلام والثقافة.
وأشار معاليه أن الشباب هم الأكثر حاجة إلى الحوار والإقناع، مطالباً العلماء ووسائل الإعلام أن تعتمد أسلوب الحوار في مناقشة الأفكار التي تتعارض مع وسطية الإسلام، مشدداً على مراعاة حسن النية في الحوار، والإحسان في الخطاب، مع البعد عن الجدال العقيم والتعقيد في الأمور.
كما تناول اللقاء مع العالم الجليل الشيخ عبدالله التركي جملة من الموضوعات كالإرهاب، والدعوة السلفية وغير ذلك من القضايا المتنوعة.. وفيما يلي نص اللقاء:
* يتذاكر المثقفون بتجارب علماء الأمة قديماً وحديثاً في معالجة المحن.. ويشير بعضهم إلى شخصكم الكريم وتجربتكم الثرة، ومشاركاتكم في علاج العديد من المشكلات الثقافية والاجتماعية.. وفي خضم هذا المخاض الذي تعيش فيه أمتنا.. تقدم بعض المثقفين بسؤال أود أن تجيبوا عليه: هل المسلمون إرهابيون؟
- أشكركم، وأشكر جريدة «الجزيرة» الغراء على متابعتها القضايا التي تهم المسلمين، وتواصلها مع المثقفين، وجهدها في تبصير الأجيال بالحق.
أما عن السؤال: هل المسلمون إرهابيون؟ فإن الأولى أن نعرف.. ما هو الإرهاب؟ ومن هو الإرهابي؟
- الإرهاب بمعناه المتداول اليوم عمل شائن مدان، وقد عرف بتعريفات عديدة، وكلها تشترك في إدانته، فهو عمل اجرامي يهدف إلى الاضرار بالمجتمع، وسفك الدماء وقتل الناس بلا حق، ويبذل علماء الأمة المسلمة جهوداً كبيرة في تحذير المسلمين منه وتنفيرهم من أهله، ومن لديه أدنى معرفة بالإسلام وأحكامه يجزم أنه لا صلة للإسلام به.. ولا يمكن أن يكون المسلم ارهابياً قاتلاً سفاكاً للدماء، وعلماء الأمة مجمعون على تحريم الأعمال الارهابية لما فيها من أذى وقتل للأنفس البشرية بغير حق، سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة، فأرواح الناس مصانة في الإسلام، وقتل النفس البشرية من أشد المحرمات: {وّلا تّقًتٍلٍوا النَّفًسّ التٌي حّرَّمّ اللّهٍ إلاَّ بٌالًحّقٌَ }.
* استعرض أحد المثقفين في أحد مواقع الانترنت عدداً من آيات القرآن الكريم، مثل قوله سبحانه وتعالى: {قّاتٌلٍوهٍمً يٍعّذٌَبًهٍمٍ اللهٍ بٌأّيًدٌيكٍمً} {قّاتٌلٍوا الّذٌينّ يّلٍونّكٍم مٌَنّ الكٍفَّارٌ} وخلص إلى القول بأن مناهج التعليم الديني تجعل المسلمين ارهابيين دون أن يشعروا، كيف تردون على هذا المثقف؟!!
- إن الجهل بالإسلام وأحكامه، وبالقرآن والسنة وتفسيرهما، والجمع بين النصوص الواردة في موضوع واحد، وتفسير النص في السياق الذي ورد فيه، وما قاله العلماء المعتبرون في ذلك، إن الجهل بذلك كله سبب كثيراً من الخلط والتخبط في فهم النصوص الشرعية وأدلة الكتاب والسنة.. ولابد من التبين هل هذا وأمثاله لديهم معرفة بأسباب نزول هذه الآيات والظرف الذي نزلت فيه، والفئة المقصودة بها.
إن الآية الأولى ضمن الآيات الكريمات في أول سورة التوبة، تعني المشركين من قريش الذين نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما صالحهم عليه عام الحديبية، حيث أعانت قريش بني بكر على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستنجدت به وبالمسلمين، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ففتحها، ومن ثم فالسياق فيمن نقض العهد وبدأ بالعدوان، وأخرج الرسول والمسلمين من ديارهم، وطعنوا في دين الإسلام، فكيف لا يقاتل هؤلاء؟!
والآية الكريمة الثانية لم تتحدث عن سبب القتال في الإسلام، وأنه لرد العدوان، ولحماية الأوطان، ولرفع راية الحق المتمثلة في دين الإسلام رسالة الله الخاتمة لجميع البشر.
إنما هي توجيه للمسلمين عندما تتوفر الأسباب الداعية لدخول المسلمين في القتال، بحيث يكون قتالهم مشروعاً لأي سبب، ومنها إزالة القوى والحواجز التي تمنع من وصول هذا الدين الحق إلى البشر نقياً، كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، إذا توفر ما تقدم فإن على المسلمين أن يبدؤوا بالأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام وذلك لتحقيق مصلحة الإسلام والمسلمين وعدم ترك بؤر وثغرات في داخل المجتمعات الإسلامية أو قريبة منها تهددها وتؤثر عليها وعلى استقرارها وعلى قيامها بأداء رسالتها الإسلامية تجاه البشر.
إن في القرآن والسنة الكثير من النصوص التي تحث المسلمين على دفع العدوان، والاستعداد للجهاد دفاعاً عن الأنفس والأموال والحمى وهو الوطن، والأمر بقتال أعدائهم الذين يكيدون لهم ويتآمرون عليهم.
إن من المصائب أن يخوض البعض في أمور يجهل حقيقتها وأسبابها، ولو علم ذلك ما اتهم مناهج التعليم الديني بالصورة الغريبة المنكرة.
* هل يمكن معرفة موقف رابطة العالم الإسلامي من العمليات الإرهابية؟
- إن الرابطة بادرت إلى تدارس هذه الظاهرة من خلال مجالسها والهيئات التابعة لها، حيث استعرضت أسبابها، وتوقفت عند وقائعها، وأدانتها إدانة واضحة في العديد من البيانات والتصريحات المنشورة، ودعت إلى محاسبة الارهابيين وملاحقتهم، وبينت موقف الشريعة الإسلامية من اجرامهم، وعندما كثر الكلام عن الارهاب وحقيقته، وذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، أصدرت الرابطة من خلال الدورة السادسة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي في شهر شوال 1422هـ بيان مكة المكرمة، وقد تضمن البيان تعريفاً للإرهاب، وإدانة علماء الأمة له، وبيان حكم الإسلام في فاعلية، وشرح علاج الإسلام له، وقد لقي هذا التعريف قبولاً وتقديراً لدى المؤسسات الدولية المعنية، وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة.
* إذا كان الإسلام يحارب الإرهاب بهذه الطريقة التي تمنع ظهوره بين المسلمين.. فما تفسيركم لوجود ارهابيين بين ظهراني هذه الأمة؟
- إن الارهاب مشكلة انسانية، وقد وجدت الجماعات الارهابية في مختلف المجتمعات في العالم، وظهر الارهاب خلال فترات عديدة من تاريخ المسلمين، وكانت أسباب ظهور جماعاته تعود أساساً إلى الجهل بالدين، وفي الغالب أنها تتلاشى بسرعة في المجتمع المسلم الذي ينبذها ويحاصرها ولا يقبل بأفكارها.
ويعود ظهور المجموعات الإرهابية في بلدان المسلمين في هذا العصر إلى أسباب يمكن اختصارها بالجهل بالدين والقصور في فهم أحكام الشريعة الإسلامية واتباع الهوى الضال لتحقيق مآرب شخصية دنيوية غير مشروعة، واستغلال الدين لذلك، ومن ذلك ظهور التحزبات الضيقة التي اتخذت من الشعار الإسلامي أسلوباً للاتجار بعواطف الناس.
ولا شك أن استغلال شبكات الارهاب الاجرامية جهل بعض الناشئة والتغرير بهم ودفعهم إلى الاجرام من أشد المحرمات، بالاضافة إلى أنه عمل يفرق المسلمين في دينهم، وقد شنع الإسلام على هؤلاء أشد تشنيع، إذ برأ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ )إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) }.
* ألا يمكن اعتبار الغلو في الدين سبباً من أسباب تطرف بعض شباب الأمة، وانسياقهم باتجاه الارهاب؟
ومن الواضح البين أن الغلو في الدين يقود إلى الضلال، والتطرف الناتج عن الغلو في الدين ضلالة شنيعة، يسوق صاحبه بالفعل إلى الإرهاب والإجرام.
* كيف تعالج مشكلة الغلو في الدين؟
- إن علاج الغلو في الدين واجب مشترك ينبغي أن تسهم فيه الأسرة المسلمة وعلماء الأمة، ومؤسسات التعليم، ووسائل الإعلام والثقافة، ويكون ذلك أولاً بعلاج مشكلة الجهل، وتربة الناشئة على محاربة الأهواء، والاستماع إلى العلماء الثقات، وينبغي على الجهات المسؤولة عن تربية الناشئة وتوجيهها أن تجتهد في شرح وسطية الإسلام، وبيان ذلك للأبناء منذ مراحل التعليم الأولى، مع افهامهم بما يتنافى معها من فكر أو ثقافة أو سلوك أو عمل.
إن دين الإسلام دين الوسطية والاعتدال في الأمور كلها، والوسطية هي الاعتدال بين الافراط والتفريط، وبين الغلو والتقصير، وينبغي تعريف الأجيال بأن الغلو هو مجاوزة الحد في القول والعمل والاعتقاد، وهو تجاوز لأحكام الدين يؤدي إلى الضلال، ووسطية الإسلام هي الصراط المستقيم الذي يدعو المسلم في صلاته من أجل الهداية إليه: {\هًدٌنّا پصٌَرّاطّ پًمٍسًتّقٌيمّ} وهو دين المسلمين الذي ينبغي السير على نهجه ليعصموا أنفسهم من الضلال ومن غضب الله سبحانه وتعالى: {صٌرّاطّ الذينّ أّّنًعّمًتّ عّلّيًهٌمً غّيًرٌ المغًضٍوبٌ عّلّيًهٌمً وّلا الضَّالٌَينّ} .
* هل يمكن أن يكون الحوار وسيلة لشرح معنى الوسطية، وادخال مفاهيمها في ضمائر الناس؟
- إن الناس شرائح اجتماعية متفاوتة في السن والعلم والفهم، فالفئات الصغيرة ينفعها التعليم والتلقين، فهي تحتاج من الأسرة والمدرسة إلى القدوة الصالحة، وتعليم مبادىء العقيدة وأحكام الشريعة الاسلامية وفق صورتها الصحيحة القائمة على وسطية الدين في العبادات والمعاملات والعادات.
أما الشباب فهم الاكثر حاجة الى الحوار والإقناع، لذلك ينبغي على العلماء وعلى وسائل الإعلام ان تعتمد اسلوب الحوار في مناقشة الأفكار التي تتعارض مع وسطية الإسلام، وفي بيان مفاهيم هذه الوسطية، كما ينبغي على المحاور أن يراعي حال من يحاوره وثقافته.
* هل تعتقدون ان مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني سوف يفيد في ترسيخ وسطية الإسلام لدى الشباب، وهل للحوار ضوابط أو أنه متروك بلا ضابط؟
أشيد أولا بموافقة خادم الحرمين الشريفين على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وأتوقع أن الأسس التي سيقام عليها هذا المركز، سوف تسهم إن شاء الله في تصحيح التصورات الخاطئة لدى بعض الشباب، وتعميم معاني الوسطية الإسلامية بينهم، وإن الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظهما الله لهذا المركز سوف يجعل منه صرحا ثقافيا مؤثرا في ثقافة الأجيال وتوجيههم نحو الفهم الصحيح لأحكام الدين.
ومن اهم ما ينبغي مراعاته في الحوار حسن النية، والإحسان في الخطاب، مع البعد عن الجدال العقيم والتعقيد في الأمور، لأن الله سبحانه أمر المسلمين بالحسنى في القول {وّقٍولٍوا لٌلنَّاسٌ حٍسًنْا} وأثنى سبحانه وتعالى على عباده الصالحين الذين هداهم الى طيب القول: {وّهٍدٍوا إلّى الطَّيٌَبٌ مٌنّ القّوًلٌ وّهٍدٍوا إلّى" صٌرّاطٌ الحّمٌيدٌ} فهذا هو أسلوب الحوار المجدي والمفيد.
* تتعرض الدعوة السلفية للهجوم من عدد من الجهات، فما هي حقيقة الدعوة السلفية؟
إن الذين ينتقدون الدعوة السلفية يجهلون حقيقة الإسلام، فالدعوة السلفية ليست شيئا غير الاسلام خاتم الرسالات الإلهية الذي كلف محمد صلى الله عليه وسلم بحمل رسالته.
لذلك فإن الافتراءات على الدعوة السلفية إنما هي افتراء على الاسلام، وشيخ الاسلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لم يأت بشيء زائد على ما في كتاب الله وسنة رسوله مما يتعلق بعقيدة الإسلام وشريعته، وإنما كان جهده وجهاده في عزل الضلالات والبدع المنكرة عن الإسلام، وأمضى حياته في نشر المضامين الصحيحة للعقيدة الإسلامية والشريعة التي انبثقت عنها معتمدا في ذلك على ما ورد في كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان رحمه الله مجددا داعيا لمحاربة الخرافة والبدعة والزيادة في الدين، ومصححاً للأخطاء التي استقرت في أذهان كثير من الناس ونسبوها جهلا إلى الاسلام.
والدعوة السلفية لا ينحصر وجودها في المملكة العربية السعودية، وإنما هي منتشرة في مختلف البلدان الإسلامية، وفي المواقع التي تعيش فيها أقليات اسلامية، وهذا الانتشار للدعوة السلفية يعود إلى أنها هي الدعوة التي تعبر عن حقيقة الاسلام كما في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما سار على ذلك سلف الأمة في مختلف عصورهم.
ولابد أن يعرف أن الدعوة السلفية تحارب الغلو في الدين، وتنأى في نهجها عن الإفراط والتفريط، لأن نهجها هو وسطية الإسلام: { )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }، لذلك فإن من المستنكر ما يروجه البعض عن الدعوة السلفية من انها دعوة للتشدد في الدين والغلو فيه، وأنها من مسببات وجود الإرهاب بين المسلمين، وهذا لا يقوله إلا جاهل أو حاقد مغرض، فالدعوة السلفية هي دعوة الاسلام، ولم يعرف عن دعاة السلفية الحقيقية الا الدعوة الى التواصل والتعاون والتسامح والبر والدعوة الى الخير والعمل الصالح ونفع الناس، بالإضافة الى معالجة انواع الشذوذ عن الحق ومحاربة الغلو والتطرف والإرهاب.
إن على من يجهل حقيقة الدعوة السلفية ان يتعرف عليها من مصادرها وان علماء الدعوة يرحبون بكل من يريد ان يتعرف على منهاجها، لأنه سوف يتعرف من خلال ذلك على منهاج الإسلام، وعلى الذين ينتقدون دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب أن يتجردوا من أهوائهم، والا يخوضوا فيما يجهلون، فذلك ليس من سمة الإسلام.
ولا تتحمل الدعوة السلفية، ولا دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أخطاء من يدعي أنه سلفي، وهو مخالف لمنهاج النبوة الذي سار عليه دعاة السلفية، ومنهم الشيخ محمد بن الوهاب، ولا عصمة في الإسلام لبشر، وميزان الحق من الباطل كتاب الله وسنة رسوله وما أجمع عليه المسلمون، وذلك واضح كل الوضوح لمن اراد الحق، أما من كان صاحب هوى وضلال فإن دعاة السلفية يدعون الله له بالهداية ويبينون للناس ما لديهم من ضلال ويحذرونهم منه.
* ما رأي معاليكم في استخدام وسائل العصر وفي مقدمتها الانترنت في الدفاع عن الأمة وعن دينها ومقدساتها؟ وماذا فعلت رابطة العالم الاسلامي في هذا الشأن؟
إن استخدام وسائل العصر مثل الانترنت في مجالات الدفاع عن الأمة، وعن عقيدتها إزاء الحملات الإعلامية التي توجه اليها أمر مهم وضروري للغاية، وقد أنشأت رابطة العالم الاسلامي وحدة متخصصة لمتابعة ما ينشر في مواقع الإنترنت من افتراءات على الاسلام وعلى القرآن الكريم، وعلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، ومن مهام هذه الوحدة رصد أساليب الافتراء ومضامينه، وإعداد الردود العلمية الموضوعية عليه ونشرها بواسطة الانترنت ووسائل الإعلام الاخرى، وإنني ادعو المؤسسات الإسلامية الى التعاون مع الرابطة في مجال الدفاع عن الإسلام، ونشر مبادئه الصحيحة، وتصحيح التصورات الخاطئة عنه، وسوف تقدم الرابطة كل جهد ممكن لتيسير التعاون والتنسيق في هذا المجال المهم.
* ظهرت مؤخرا دعوات لإصلاح أوضاع الامة.. ما تقويمكم لهذه الدعوات؟
إن أي مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي لا تخلو من دعوات للإصلاح، للنهوض بالأمة والعودة بها إلى إسلامها، ومن ذلك دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وجهود الإمام محمد بن سعود رحمه الله في إصلاح أوضاع الناس في الجزيرة العربية، حيث كان الجهل متفشيا، وقد منّ الله سبحانه وتعالى على بلادنا في القرن الهجري الماضي بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وأجزل مثوبته، فوضع قواعد للإصلاح جعلت بعون الله هذا الوطن بلدا شامخا يتطلع اليه الناس، ويشهدون له بالمآثر وسار على ذلك ابناؤه من بعده، الى هذا العهد المبارك عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله.
وإزاء ما تتعرض له الامة العربية من تحديات قدم سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله مبادرة لإصلاح أوضاع البلدان العربية، ولو نظرنا الى مبادىء مبادرة سموه، نجدها تتخذ من الإسلام منطلقا، فالإصلاح حث الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عليه بدءا من إصلاح ذات البين {وّأّصًلٌحٍوا ذّاتّ بّيًنٌكٍمً} وهو مهمة الأنبياء عليهم السلام، ومن ثم ورثتهم العلماء {(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) }.
ومبادرة سمو ولي العهد حفظه الله تستحق الثناء والمتابعة، وإنني ادعو الى توسيع مبادىء هذه المبادرة، بحيث تصبح مبادرة اسلامية، تستفيد منها منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسساتها والدول الأعضاء فيها، ولاسيما وأن المبادرة تضمنت مبادئ حث عليها الإسلام للإصلاح، والتعاون والإعداد وبناء القدرات الدفاعية، ومواجهة العدوان، والتنمية، والنهوض الاقتصادي، والإبداع، وتأهيل الكفايات البشرية، ووحدة الصف، وهذه امور دعا اليها الاسلام الذي حث على التعاون في مجالات الخير والنفع: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) } .
وأثنى كذلك على تأكيد مبادرة سمو ولي العهد على ربط العمل بالقول، وهذا من القواعد الإسلامية، وقد شنع الله على من يقول ولا يفعل: { )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . )كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) }.
من اجل هذه المعاني الإسلامية التي تضمنتها المبادرة، فإن الامل ان يأخذ بها العرب، ومن ثم يأخذ بها المسلمون ويجعلوا منها وفق ما دعا اليه سموه حفظه الله ميثاقا ينظم الجهود، ويوجب الالتزام بمصالح الأمة، ويمنع التسيب والتفرد والانفلات: { )أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) }.
* تم اختيار معاليكم رئيساً للجنة العمل الإسلامي المشترك في مجال الدعوة المنبثقة عن منظمة المؤتمر الاسلامي، فما هي الأولويات التي سوف تهتمون بها في اللجنة؟
أؤكد هنا ان معرفة الأولويات وتحديدها والتعامل معها وفق خطط تراعي الزمان والظرف والأحوال من الأمور المهمة للغاية، واشير الى ان تحديد الأولويات مرتبط بمعرفة التحديات التي تواجه الأمة، وهي تحديات خارجية وداخلية، وإن مواجهة التحديات الخارجية يعتمد في الأساس على معالجة التحديات الداخلية، ومن أهمها تفرق الأمة، وتضارب مناهجها، وابتعادها عن النهج الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لها، وفي الاجتماع الثالث عشر الذي عقدته لجنة العمل الإسلامي المشترك في مجال الدعوة، تم تدارس هذه التحديات، وتحديد الأولويات التي ينبغي ان يعمل المسلمون على تحقيقها، ومن أهمها:
1 تقوية التعاون بين الحكومات والشعوب في كل مجال يصلح حال الامة، ويدفع عنها الضر والأذى.
2 تحقيق صيغ العمل الإسلامي المشترك بين المؤسسات الإسلامية الشعبية والرسمية في مجالات الدعوة والتعليم والثقافة والإعلام، وغير ذلك من المجالات الحيوية التي تتعلق بحياة الأمة.
3 محاربة الإرهاب، وتحقيق الأمن للناس، والتعاون في ذلك مع المنظمات الدولية الساعية لتحقيق الأمن للمجتمعات الإنسانية.
4 الدفاع عن الإسلام، ومواجهة الحملات الظالمة التي تستهدفه، بغية تشويهه وصرف الناس عن الدخول فيه، والتعاون في نشر أحكام الإسلام الصحيحة وقيمه التي تدعو إلى التواصل والتعارف بين الأمم؛ لما فيه مصلحة الإنسان.
5 السعي لإنهاء معاناة الشعوب والأقليات المسلمة المظلومة بسبب العدوان، ومساعدتها، والتخفيف من معاناتها، وعونها، وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية بحرية الشعوب وأمنهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved