Friday 29th august,2003 11292العدد الجمعة 1 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حلم دولة كردستان المستقلة هل يتحول لواقع أم ينقلب كابوساً ؟ حلم دولة كردستان المستقلة هل يتحول لواقع أم ينقلب كابوساً ؟

*كركوك - أ.ش.أ:
أثارت التصريحات التي أدلى بها مسعود البرزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي مؤخرا والتي ذكر فيها أن العلم العراقي الحالي لن يرفرف مطلقا فوق أراضي الشعب الكردي، موجة كبيرة من الجدل.
واذا كان هذا الشق من تصريحات البرزاني هو الأكثر اثارة للقلق بسبب تفسيرات الكثير من المراقبين السياسيين لها انطلاقا من كونها تعبيرا عن اعتزام البرزاني اتخاذ خطوات نحو استقلال كردستان عن العراق.. الا أن تصريحات البرزاني ينبغي تناولها بشكل شامل وفي سياق الوضع الداخلي الراهن في العراق ووضع القوى الاقليمية والدولية للتعرف على نوايا الأكراد ونطاق أحلامهم وامكانية تحقيقها.
ويقول مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في شمال العراق إن تصريح البرزاني الخاص بالعلم الكردي لم يأت كمبادرة منه لكنه جاء بعد يوم واحد من تقديم الجبهة التركمانية طلبا مباشرا للقوات الأمريكية في مدينة كركوك من أجل انزال الأعلام الكردية التي ترفرف فوق مقار المؤسسات الحكومية المحلية في مدينة كركوك التي لم تكن حتى اندلاع الحرب الأمريكية ضد العراق جزءا من اقليم كردستان بالرغم من أن أغلبية سكانها من الأكراد لكونها ظلت خاضعة لسيطرة قوات نظام صدام حسين المخلوع.
وانتهز زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي فرصة الاحتفال الضخم الذي أقيم في الذكرى السابعة والخمسين لتأسيس الحزب ليرد على هذا الطلب التركماني باعلانه أن الاقليم الكردي الذي يريد ضم كركوك إليه لن يستخدم العلم العراقي الذي صممه حزب البعث المنحل لأنه لا يمثل الأكراد.
وتابع البرزاني تصريحاته بتأكيده ضرورة أن يستند نظام الحكم الجديد في العراق على مبدأ الاتحاد الطوعي بين العرب والأكراد في اطار فيدرالي يجب أن يكون علم العراق الجديد ممثلا لكل منهما.
وتأتي هذه التصريحات لتبلور موقف البرزاني من موضوع وحدة العراق التي لم تتغير في جوهرها عن موقفه السابق قبل الحرب على العراق حيث سبق وأعلن قبل شهرين من الحرب أن للأكراد الحق في الاستقلال مشيرا إلى أنه لا توجد لدى الأكراد في الوقت الراهن قبل الحرب القوة اللازمة لإقامة دولة كردية لكن في حالة تغير الظروف فإنهم سيرغبون في اقامة هذه الدولة.
واذا كان هذا هو موقف البرزاني قبل وبعد انتهاء الحرب على العراق فإن موقف حليفه الحالي وخصمه اللدود جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستانى لا يبدو مختلفا عنه.. حيث أعلن الطالباني من جانبه قبل يومين أن حلم الدولة الكردية المستقلة لم يمت بعد لكن هذا الحلم غير موجود حسب قوله على الأجندة في المرحلة الراهنة .. معربا عن أمله في أن يكون الأكراد جزءا من عراق ديمقراطي فيدرالي.
ويشترط مسئولو الاتحاد الوطني الكردستاني أن ينص دستور العراق الجديد على الفيدرالية محذرين من أنه في حالة عدم حدوث ذلك فإن الأكراد سيطلبون اجراء استفتاء لإقامة دولة خاصة بهم.
جدير بالذكر أن منطقة كردستان تتمتع بحكم شبة ذاتي بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 عندما تم فرض حظر الطيران على شمال وجنوب العراق.
وهكذا تبدو معالم الواجهة السياسية لموقف كل من البرزاني والطالباني من مسألة اقامة الدولة الكردية المستقلة أي دولة كردستان العراق والذي يمكن تلخيصه في أن كليهما يرغبان في اقامة دولة كردستان ويؤكدان على حق الأكراد في الاستقلال ولكنهما في نفس الوقت يعتبران الوقت غير مناسب لتحقيق ذلك الآن رغم واقع الاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق كما يؤكدان أن الأمر الممكن تحقيقه عمليا في الوقت الراهن هو انخراط اقليم كردستان بعد ضم مدينة كركوك الغنية بالنفط إليه.
تجدر الاشارة إلى أن المنطقة الكردية التي تقع في شمال العراق يعيش فيها نحو خمسة ملايين نسمة من الأكراد لديهم حكومتان أولاهما موالية لجلال الطالباني برئاسة برهام صالح وعاصمتها السليمانية والأخرى موالية لمسعود البرزاني وعاصمتها أربيل ويرأسها نجروان البرزاني.
كما تأسس بنك مركزي خاص بالأكراد في كردستان للتعامل في التحويلات والقروض مع دول العالم ولهم عملة خاصة هى الدينار المطبوع في سويسرا.
ونقل مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصادر كردية عليمة أن مدخلات المعادلة الحالية على الساحتين الاقليمية والدولية لا تسمح في هذه المرحلة بإعلان دولة كردستان بل وربما لا تسمح بذلك على الأمد القصير بالرغم من أن البيئة الداخلية سانحة بشكل غير مسبوق لتحقيق هذا الحلم الكردي.
وأضافت المصادر أن القوى الاقليمية سواء تركيا أو إيران أو سوريا أو الدول العربية لا يمكن أن تسمح بإقامة دولة كردية لأسباب مختلفة لكن تركيا هي أكثر الأطراف الاقليمية استعدادا لمواجهة هذا الحلم الكردي لخوفها من أن تمتد هذه الدولة إلى أكراد منطقة جنوب شرق تركيا المتاخمة لشمال العراق والذين يقدر عددهم بنحو خمسة عشر مليون نسمة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved