في الجزائر مدرسة فريدة لتعليم المصابين بالطرش والخرس معا. ويرتادها الآن 120 تلميذا وتلميذة من الصم البكم ويتدربون فيها على العيش مثل سائر الناس الذين لهم سمع ونطق. ويذكر ان الاصم الأبكم هو المحروم من السمع ولكن بكمه ليس له اصل عضوي بل انما هو نتيجة صممه.
ويعسر جدا على الطب ان يكتشف هذه العاهة لدى الطفل في طفولته.. فهي موصولة بعوامل كثيرة ولها تأثير بليغ على مدارك المصابين.
وانما المقصود في هذه المدرسة هو مساعدة المصابين، على النطق ولم يكن يرتاد هذه المدرسة حينما تأسست سنة 1886 سوى عشرة تلامذة، ثم توسعت وتعاظم شأنها حتى أضحت مدرسة رسمية. وهي اليوم تحت اشراف وزارة الصحة العامة التي تتكلف نفقات ادارتها. يعلم فيها الآن سبعة اساتذة، منهم اثنان فرنسيان في نطاق اتفاقيات التعاون، وفضلا عن الاساتذة، يشتغل في المدرسة ثلاثة خبراء لتدريب التلامذة على مهنة النجارة، وصناعة الاحذية وخياطة الثياب، ويتعلم التلامذة فنون الرسم أيضا.
أما نتائج هذا التعلمي فهي حقا مدهشة، اذا يصبح التلميط الاصم الابكم بعد متابعة الدروس مدة ثمانية أعوام، قادرا على النطق ويبلغ مستوى الشهادة الابتدائية. ويتخرج من المدرسة وقد تعلم أيضا مهنة يرتزق بها.
وقررت وزارة الصحة الجزائرية توسيع هذه المدرسة بحيث تستوعب 150 تلميذا اضافيا من المصابين. وقد قيل ان المعلم كاد ان يكون رسولا، وهل من رسالة أشرف من هذه الرسالة التعليمية التي يتكلفها فريق من المعلمين لاعادة النطق والسمع الى الاطفال لكي يصبحوا مثل سائر الاطفال؟.
فلابد من العلم أن الولد الأصم الابكم والبالغ من العمر 14 عاما ليس له من الذكاء الا ما يعادل ذكاء الطفل الطبيعي وهو في سن السابعة. ولذلك هو أحوج الى المزيد من الحنان والعطف، فانه يتألم في ذات نفسه من مركب نقص، وتتعقد نفسيته اذ يلاحظ تخلفه عن سائر الاطفال.
|