ها هو ذا هناك قابع في منزله منعزل عن العالم، في وحدة، هو مجرد عجوز.. الدنيا من حوله سكون عميق، ظلام ووحشة مزعجة.. وهو لا يتحرك من مكانه.. وقد بدت خلف النافذة الصغيرة شجرة.. الرياح تحركها.. تهزها بشدة.. تريد اقتلاعها.. وهي خائفة.. ترتقب.
وتحرك العجوز اخيراً نحو النافذة، وكعادته اخذ يتأمل الشجرة وهي تقاوم الرياح.. وهاهي ذي دمعة دافئة تذرفها عينا العجوز.. لقد تأثر.. وأحس بدوامة تجره.. تدور به.. تقذفه.. وتحط من عزمه. وبكى!!
كان في بكائه معنى.. معنى بائس.. ضعيف.. كبكاء طفل ضاع منه شيء!! لكنه يتمنى ان يكون طفلا.. ويجتاحه شعور بالألم.. بالغربة.. هو في عالم غريب!!
وتناول عصاه المسندة على المقعد الخشبي القديم، واستطاع ان ينهض، تجره قدماه الى الشجرة الخائفة.
هناك بقي واقفاً بقرب الشجرة المهتزة، الهزيلة، وبرفق امسكها، وأخذ يربت على اغصانها البالية، ويحابيها، هو الوحيد الذي يعطف عليها، يحس بألمها، ويبكي، ثم يبكي، ويعود!
العجوز والخريف.. في كل معنى من البؤس والفقر.. جرده الخريف كما جرد الشجرة.. وكما جرد النفس من قدم الزمان!!
كلية الآداب - ثالثة أدب انجليزي
|