من الملاحظ أن السياحة الداخلية في السنوات الأخيرة أصبحت تشكل آخر خطوط الموضة في الأنشطة الاقتصادية لدى المستثمرين والتجار، وأصبح من غير المستغرب مشاهدة وقراءة لوحات وأوراق تحمل مسميات مثل مؤسسة كذا أو فلان للتجارة والمقاولات والسياحة، وأصبحت البيوت الشعبية الآيلة للسقوط منتجعات سياحية، ليس هذا فحسب، بل أصبحت كل مناطق المملكة مناطق جذب سياحي، وأصبحت مقومات السياحة الداخلية في كثير من الأحيان لا تختلف عن مقومات السيرك المتنقل: مجموعة من المهرجين والحيوانات والألعاب التي تتحرك مع تحرك موجة السياحة من مكان إلى آخر.
وفي ظل عدم وجود رقابة فاعلة على الأنشطة ذات العلاقة بالسياحة، أصبحت السياحة الداخلية فرصة مناسبة لاستغلال وابتزاز من تسول له نفسه القيام بسياحة داخلية، وتحولت المفاهيم الخاصة بالسياحة لدى الكثيرين من كونها نشاطاً اقتصادياً وطنياً يخدم أهدافاً ومصالح وطنية عليا إلى قطاع تتحكم فيه المصالح الشخصية الآنية.
ما يجب إدراكه بالنسبة للسياحة الداخلية هو أن هناك فرقاً بين السياحة الداخلية ومهرجانات التسوق والاحتفالات والمناسبات المناطقية، فهذه فعاليات مساندة تقام متى ما توافرت المقومات الأساسية للسياحة الداخلية وليس العكس وتتمثل هذه المقومات في شكل مقومات حقيقية تاريخية وعوامل جذب طبيعية لا مصطنعة تمكن من قيام صناعة للسياحة قادرة على المنافسة وعلى توفير مصدر دخل مستدام لشريحة مناسبة من أفراد المجتمع، فمثلما أن لكل دولة أو منطقة مزية نسبية في انتاج سلعة أو خدمة معينة بحكم توافر مجموعة من العوامل والإمكانات تمكنها من انتاجها بتكلفة أقل، فكذلك السياحة الداخلية، إذ يصعب جعل كل المناطق أو الدول سياحية وهي لا تتوافر على أبسط مقومات وعوامل صناعة السياحة.
أمر آخر يتعلق بالعنصر البشري في المناطق السياحية والذي يتوقع منه أن يكون عنصر جذب للسياح عن طريق المعاملة الجيدة والقدرة على تسويق مناطقهم على أنها مناطق جذب سياحي وتكمن أهمية هذا الأمر في كون إنفاق السياح في هذه المناطق يشكل مصدر الدخل والرزق للكثيرين من السكان، إذ إن كثيراً من الأنشطة الاقتصادية يتوقف نشاطها أو يتقلص حينما يتوقف تدفق السياح.
ومن مسلمات نجاح السياحة الداخلية توافر مجموعة من الأنظمة والجهات الإشرافية والرقابية التي تضمن تقديم الخدمات الضرورية والمساندة بالجودة والكمية والأسعار المناسبة، ومنع الاستغلال الذي يمارسه البعض.
|