Wednesday 27th august,2003 11290العدد الاربعاء 29 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
النصيحة الشيوعية الواجبة
جاسر عبدالعزيز الجاسر

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتخلي روسيا عن «الرفاق» الذين كانوا يحكمون الانظمة الشمولية في دول اوربا الشرقية في إبان حكم آخر رؤساء الاتحاد السوفياتي جورباتشوف صاحب نظرية البروستيرويكا والذين اخذوا يتساقطون الواحد تلو الآخر لتختفي ما كانت تُسمى بالكتلة الاشتراكية، الا ان الاشتراكيين القلة الذين صمدوا امام التغير وجدوا في الصين «السور الجديد» الذي يسندون اليه ظهورهم عند الملمات.. وهكذا لجأ نظام كوريا الشمالية «النظام الشيوعي اليتيم» في الوقت الحاضر الى بكين رغم ان الصين الشعبية شهدت تغيرات واصلاحات شذبت كثيراً من حكم الحزب الشيوعي الصيني فالسياسة الاقتصادية اصبحت منفتحة على الاقتصاديات الرأسمالية والتعامل السياسي الخارجي تحرر من التزمت الحزبي، بل حتى ان الاصلاحات امتدت الى الممارسات الحزبية والاجتماعية مما جعل الصين تنجز تحولاً اصلاحياً دون ان تتخلى عن ثوابتها وهذا مما مكن الصين من تجاوز عملية التغير المربك الذي اضعف روسيا كثيراً في حين قوت الاصلاحات الصين ورفعتها الى مرتبة متقدمة بحيث اصبحت المنافس الاوحد للولايات المتحدة الامريكية.
هذه الواقعية الصينية التي حمت النظام وطورت اداءه تحاول تصديرها الى مَنْ تبقى من حلفائها الشيوعيين في كوريا الشمالية التي تعاني من «عقم فكري» لا تستطيع التخلص منه لتشبث قيادتها بتراث كيم ال سوينغ، فقد كشف النقاب في بكين بأن الرئيس الصيني هو جين تاو أرسل الى نظيره الكوري كيم جونج نيل رسالة يطالبه فيها بالكف عن التمادي والمغالاة في جر بلاده الى حرب مدمرة وتحويل كل امكانيات كوريا الشمالية وقدراتها لخدمة الحروب بدلاً من بناء الاقتصاد الوطني وتنميته لانتشال البلاد من حالة التردي غير المسبوقة التي وصل اليها
المصادر الصينية التي تحدثت عن رسالة الرئيس اكدت أنه اوضح على نحو لا لبس فيه خلال رسالته الى نظيره الكوري انه مع تقديره البالغ للعلاقات التقليدية التي تربط بلاده مع بيونج يانج التي تصل الى مرتبة الشراكة والتحالف وحرصه المطلق على الحفاظ على تلك العلاقات، لكن بكين ليس امامها اي خيار سوى توثيق تعاونها مع المجتمع الدولي على طريق جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الاسلحة النووية.
واضافت المصادر الصينية قائلة ان رسالة الرئيس هو تضمنت ثلاثة مطالب اساسية الى الرئيس الكوري تتمثل في بناء الاقتصاد يحقق للبلاد الاكتفاء الذاتي بدلاً من الاعتماد على المعونات الخارجية وانتهاج سياسة الباب المفتوح على غرار النموذج الصيني لتحسين علاقات كوريا الشمالية بالدول المجاورة والسعي الجاد لتبديد شكوكها وتوجساتها ومخاوفها الناجمة عن رفض بيونج يانج التخلي عن برنامجها لتطوير اسلحة الدمار الشامل.
ونوهت هذه المصادر بأن المهمات المكوكية التي قام بها عدد من كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين الصينيين على مدار الشهر الماضي وفي مقدمتهم شو كاي هو رئيس المكتب السياسي المركزي لجيش التحرير الشعبي ونائبا وزير الخارجية داي بين جو ووانغ بي استهدفت اساساً ابلاغ رسالة الرئيس الصيني الى نظيره الكوري الشمالي ليعيد حساباته ويكون اكثر واقعية واصوب بصيرة في التعامل مع المعطيات الدولية الجديدة.
النصيحة الصينية التي تأتي من حليف ثانٍ يمثل «الجدار» الذي تستند اليه كوريا الشمالية هل تكون حافزاً ليغير كيم لاين طريقة تعامله.. ام يسير في غيه ليكون آخر الشيوعيون الذين لم يستوعبوا المتغيرات فأزاحتهم ليصبحوا جزءاً من تاريخ مضى؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved