Tuesday 26th august,2003 11289العدد الثلاثاء 28 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الممرضات السعوديات ودوامة بلا نهاية الممرضات السعوديات ودوامة بلا نهاية

لاشك ان نظرة فاحصة وموضوعية لما يبذل من جهد في سبيل الرفع من مستوى الخدمات الصحية في بلادنا لا يخفى على كل بصير، ولقد سعت وزارة الصحة منذ انشائها على محاولة تحقيق رضا غالبية الاطراف في معادلة الخدمات الصحية الصعبة ونقصد بتلك الاطراف المريض الذي يحتاج الى رعاية طبية فائقة واهتمام من قبل العاملين منذ وصوله لطلب الخدمة العلاجية وحتى تلقيه للعلاج والرعاية المناسبة، والطرف الآخر في تلك المعادلة الصعبة هو الموظف سواء كان طبيباً او ممرضاً او فنياً آخر والذي يحتاج الى الاهتمام به ومراعاة ظروفه حتى يستطيع تقديم الخدمات الصحية على الوجه المطلوب.
والحقيقة انه منذ بدأت تتصاعد في الافق اهمية مهنة التمريض وبدأ تدفق الخريجين على المستشفيات والمراكز الصحية كان ذلك علامة ايجابية تسجل لوزارة الصحة من خلال سعودة هذه المهنة وجعلها مهنة مرغوبة بعد ان كانت النظرة السائدة لها مدعاة لانصراف الكثيرين عنها وذلك كان في وقت سابق عندما كانت رواتب الممرضين متدنية وترقيتهم شبه معدومة، لكن ذلك كله سرعان ما تلاشى من خلال النظرة الثاقبة للوزارة واقرار لائحة الوظائف الصحية حتى اصبحت المهن الصحية وبالذات التمريضية مهن جذب وليست طرد للخريجين.
وكما يعرف الكثيرون فقد صاحب اقرار اللائحة الصحية زيادة في ساعات العمل فبدلاً من «35» ساعة اسبوعياً اصبحت ساعات الدوام «49» ساعة، واصبحت مع طول هذه الساعات الممرضة السعودية - وهي المقصودة في هذا المقال - تغيب عن منزلها «9» ساعات يوميا مما جعلها تتخلى عن الكثير من ادوارها ومسؤولياتها الاسرية والاجتماعية من رعاية الزوج والابناء والالتزامات الاسرية الاخرى فكثرت المشاكل الاسرية والخلافات وحالات الطلاق وتفكك كثير من الاسر وضياع كثير من الابناء، وللحق فلم تقف وزارة الصحة مكتوفة الايدي امام ذلك كله ولم تهدف فقط الى حل مشاكل المرضى والمراجعين ووضع الانظمة التي تهدف الى راحتهم «ومن ذلك ساعات العمل في المراكز الصحية التي وضعت بما يناسب وقت المواطن ويحقق راحته» بل سعت الوزارة ايضا الى حل مشاكل موظفيها وتحقيق رضاهم وتسهيل كل ما يمكن ان يؤدي الى سعادتهم واستقرارهم الاسري والاجتماعي من منطلق تحقيق التوازن في معادلة الخدمات الصحية الصعبة «المريض والموظف» فقامت الوزارة بالغاء ساعات الدوام الاضافية لمن ترغب واعادتهن الى نظام الدوام السابق «35» ساعة اسبوعيا.
والحقيقة ان هذا الحل قد لاقى اصداء طيبة في حينه والتقدير من الكثير من الممرضات، الا ان الانظمة المتجددة في الخدمات الصحية وخاصة تلك المتعلقة بالمراكز الصحية خلقت دوامة جديدة وبدأت تتصاعد في الخدمات الصحية وخاصة مع قرب تطبيق نظام الدوام الواحد في بعض المراكز الصحية بمدينة الرياض الذي يتوقع له بداية العام الدراسي الجديد بحيث يكون من الساعة «8» صباحا وحتى الساعة «6» مساء وبموجب هذا النظام يتم تقسيم الممرضات الى قسمين بحسب حاجة العمل، البعض منهن «اقصد غير المشمولات باللائحة الصحية» تأتي من «8 وحتى 3» واخريات من «11 وحتى 6» والمشكلة من وجهة نظر الكثيرات تكمن فيما يلي:
1- بالنسبة للدوام من «8 - 3» لا يختلف عن دوام المشمولات باللائحة الصحية وهو من «8 - 4» يوميا اذا استثنينا دوام يوم الخميس وهو «4» ساعات للمشمولات باللائحة الصحية، والكثيرات يتمنين الآن العودة لسلم لائحة الوظائف الصحية مع تغير النظام في المراكز الصحية.
2- بالنسبة للدوام الواحد يجبر الكثير من الممرضات على الدوام والوجود في المراكز الصحية في الفترة المسائية بناء على جدول تقسيم العمل وهن يعانين من توقف بدل النقل المسائي عنهن منذ تنازلهن عن سلم لائحة الوظائف الصحية، ومع ذلك سيبدؤون من الفترة المسائية من دون مقابل النقل المسائي.
3- جدول تقسيم العمل قد يطلب من بعض الممرضات الحضور من الساعة «11 وحتى 6» يوميا والكثير من الممرضات مرتبط عملهن بعمل ازواجهن وابنائهن من الساعة «30 ،7» صباحا ولا تتوافر للكثير منهن وسائل نقل من والى العمل، كما ان في خروج الزوج او ولي الامر من عمله لتوصيل زوجته الساعة «11» صباحاً وكذلك فإن ترك الزوجة لمنزلها في هذا الوقت المهم «بعد صلاة الظهر» حيث عودة الزوج من عمله والابناء من مدارسهم يخلق الكثير من المشاكل سواء الاقتصادية على الدولة من خلال خروج الموظفين المستمر من اعمالهم لتوصيل زوجاتهم وكذلك المشاكل الاجتماعية والاسرية التي في حقيقة الامر أن الممرضة السعودية في غنى عنها.
والحقيقة فإن هناك العديد من النقاط الاخرى التي لا يتسع المجال لذكرها، ورغم ذلك فإن تلك الاشكالات والتساؤلات التي خلقت دوامة مستمرة للممرضات السعوديات لا تلغي سعي وزارة الصحة الحثيث للتوصل لصيغة ترضي جميع الاطراف وتتغلب على الصعوبات المعترضة، وليس الهدف حتماً رضا المراجع على حساب الموظف او العكس فكلاهما مواطن له الكثير من الحقوق وعليه الكثير من الواجبات ولكل منهما دوره في منظومة المجتمع وتركيبته الاجتماعية، ولا يمكن حل مشكلة من خلال خلق مشكلة اخرى.

ناصر السعدي/مركز صحي الروضة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved