سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ/ خالد المالك المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد اطلعت على مقال الاخ المهندس/ عبدالعزيز السحيباني في العدد 11386 وتاريخ 25/6/1424هـ حول كلمة - مهرجان - وكيف ان الكثير من المدن والمناطق في بلادنا تطلق على برامجها الترويحية مسمى - مهرجان - الفارسية الاصل. وهو يقترح إزاء ذلك استبدالها بكلمة عربية اصيلة بدلاً من هذه الكلمة الدخيلة كما يرى أن يستبدل مسمى هذه المهرجانات بمسمى - ترفيه او تجمع ترفيهي او ترويح - او اطلاق كلمة سوق عليها حيث عرفت الاسواق في تاريخ العرب من سوق عكاظ وسوق مجنة وذي المجاز.
وعليه فإنني احب أن الفت نظر الاخ عبدالعزيز إلى أن هذه الكلمة فارسية الأصل وتطلق على عيد من اعياد الفرس فانه قد تم نقلها إلى العربية منذ أكثر من الف وثلاثمائة عام واستخدمها العرب فأصبحت جزءاً من لغتهم وتراثهم قال شاعرهم القديم:
لا تقل بشرى ولكن بشريان
غرة القاضي ويوم المهرجان
واللغات ايها الاخوة يستفيد بعضها من البعض الآخر ويكون بينها اتصال وتلاقح.. واذا كنت يا اخ عبدالعزيز لا تستمرىء استعمال هذه الكلمة مع دلالتها البليغة على مضمون تلك البرامج والاحتفاليات.. بحجة انها ذات اصل فارسي فما هو موقفك من السندس والاستبرق وغيرهما من الكلمات الفارسية في القرآن الكريم..؟ أترى ان يتم حذفها من كتاب الله تعالى بهذه الحجة..؟ حفاظاً على لغتنا وتقاليدنا الاصيلة.. وهل يمكن لنا الاستغناء عن اسمائنا المعروفة بحجة انها ذات اصل غير عربي كإبراهيم وموسى وعيسى ويعقوب ويوسف واسحاق.. ومريم و سارة؟ ان كلمة مهرجان الآن كلمة عربية وهي تعبر عما اطلقت عليه ابلغ تعبير، واللغة العربية مثلما انها تفيد اللغات الاخرى ببعض الالفاظ والمصطلحات فهي ايضاً تستفيد من اللغات الاخرى ومنذ أقدم العصور.
ان اجدادنا وهم اكثر حرصاً منا على لغتهم واكثر وعياً منا بحدود الاصالة والتقاليد.. لم يمنعهم ذلك من الاستفادة من التراث العلمي والثقافي والفلسفي للامم الاخرى ذات الحضارات العريقة والتي سبقت العرب بمراحل كالفرس والهند واليونان.. فكان ذلك النشاط الكبير لحركة الترجمة من تراث تلك الامم في عهد الخليفة العباسي المأمون ومن تلاه من الخلفاء.. التي كان لها دورها العظيم في النهوض الفكري والعلمي والحضاري عند المسلمين فخرج من بينهم اولئك العلماء الكبار الذين لاتزال الحضارة المعاصرة تدين لهم بالفضل كالرازي والخوارزمي وابن النفيس وابن رشد والغزالي وابن خلدون.. وغيرهم..
ولكننا نكصنا من بعدهم على اعقابنا.. جاعلين من الاصالة الموهومة والعادات والتقاليد درعاً واقياً يقينا من كل تقدم وتجديد.. فصرنا الى ماصرنا اليه.. والله المستعان.
حمود عبدالعزيز المزيني - المجمعة
|