مر خبر اشراف ضباط إسرائيليين على تدريبات القوات الخاصة الكردية بشمال العراق مرور الكرام على الكثير من المراقبين، ولم يعره أحد أي اكتراث رغم خطورته السياسية والعسكرية على دول الجوار والمنطقة وعلى العراق نفسه..!!
فالوجود في العراق حلم إسرائيلي قديم حاولت الدولة العبرية من خلاله أن تجد لها موطئ قدم فيه، وسيظل العراق محط انظار القادة الإسرائيليين، ودوماً كان عدم استقراره موضع خطط ومؤامرات قدمت عليها من قبل..!!
ففي السبعينيات من القرن الماضي ثار الأكراد على السلطة المركزية في بغداد، وعندما وُئدت حركة التمرد وجدت السلطات العراقية رشاشات وأسلحة إسرائيلية في أيدي القوات المتمردة!!
وبالأمس ما كان صعباً على المخططين الإسرائيليين أصبح اليوم سهلاً وميسوراً في بلد يعيش تحت نير الاحتلال الأمريكي البريطاني، ولم يعد دخولها في كل القطاعات العراقية صعب المنال.
فقد كشف الخبر الذي فضح الوجود الإسرائيلي بالعراق أن الضباط الإسرائيليين يقومون بتدريب قوات البشمرجة الكردية الخاصة على مهام القتال في الجبال والهبوط بالمظلات في منطقة ساويتو التابعة لمدينة دهوك.
وقد زار وفد من الكنيست الإسرائيلي يضم عدداً من النواب، بينهم نائبان من أصل كردي من أربيل، واجتمع خلال زيارته بشمال العراق مع الضباط الإسرائيليين بمنطقة ساويتو، إذ تأمل إسرائيل أن يكون للقوة العسكرية الكردية دور مهم في الجيش العراقي الجديد.
الأمر لم يتوقف على تدريب القوات الكردية بشمال العراق فقد أكدت معلومات فلسطينية لوسائل الإعلام أن ما يقارب الألف إسرائيلي دخلوا العراق، ويقيمون تنسيقاً عالياً مع القوات الأمريكية لمواجهة عمليات المقاومة وتقديم خبرات في عدد من القضايا الزراعية والصناعية والتجارية.
وأشارت الأخبار إلى أن هذا العدد ما هو إلا رأس جسر لعدد أكبر للتوغل في الأراضي العراقية وبسط النفوذ اليهودي بها.
وقد اقترحت الولايات المتحدة على مجلس الحكم الانتقالي في العراق تكليف خبير أمريكي يهودي «نوا فريدمان» الإخصائي في الشؤون القانونية والدولية والدستورية في إعداد دستور العراق الدائم الجديد.. وكان اختباره بمبادرة من الرجل الثاني في وزارة الدفاع «بول وولفويتز» لكن المجلس رفض الاقتراح، ولكن لا نعرف إلى متى يصمد في رفضه وهو المعين من الحاكم الأمريكي بريمر؟!
إذاً الوجود الإسرائيلي بالعراق جاء بموافقة أمريكية دعت اليهود للاستفادة من خيرات العراق.. حيث دعا نائب وزير الخزانة الأمريكي جون تايلور الشركات الإسرائيلية إلى استغلال الواقع الاقتصادي الجديد في العراق، مؤكداً ان هذا الاستغلال سيعطي دفعة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي المنهار بفعل الانتفاضة الفلسطينية.
وقد أكد مسؤول أمريكي لصحيفة يديعوت أحرونوت أن أبواب العراق مفتوحة أمام الشركات الإسرائيلية وقد نصح هذا المسؤول هذه الشركات بأن تدخل متعاونة مع شركات عربية.
الإسرائيليون لم يخذلوا الأمريكان بدعوتهم للدخول في العراق؛ فقد حصلت عشرات الشركات على موافقة وزارة المالية الإسرائيلية لتصدير منتجاتها للعراق التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار سنوياً. ويقوم خبراء إسرائيليون حالياً بأعمال فنية من أجل نصب أجهزة مراقبة حساسة على الحدود بين شمال العراق وتركيا، كما قام الإسرائيليون بعمليات شراء واسعة لعقارات ومبان تجارية في بغداد وبعض الفنادق لتكون مقار لسكنى اليهود القادمين إلى العراق.
والآن آثار العراق ذهبت إلى أيدي اليهود، وكشفت مصادر صحفية أن قطعاً أثرية عراقية نادرة تعود لحقب سالفة من التاريخ العراقي القديم تباع في العديد من المدن الإسرائيلية، ويعرض تجار يهود للبيع تماثيل منحوتة بالصخر الأبيض لحيوانات مختلفة.
الحلم الإسرائيلي بالوجود في بلاد الرافدين قد تحقق وفرصة الاحتكار والسيطرة على العديد من النشاطات الاقتصادية فيها باتت أكيدة.. فالإسرائيليون في صراع مع الزمن يقومون بكافة الأنشطة وتسريع الخطى قبل الوجود العربي وعودة العراق إلى الجامعة العربية وممارسة نشاطاته الطبيعية فيها، كما يستغل اليهود حالة الفوضى والتمزق العراقي لشراء أهم الشركات والمحلات التجارية للعودة للسيطرة الاقتصادية من خلال البنوك والفنادق، وهي سياسة يهودية قديمة معروفة عنهم.
بقي الشأن الإعلامي الذي يهتم به اليهود أيما اهتمام من أجل إحكام السيطرة، لكننا في هذا الصدد لا نملك المعلومات الكافية عنه والأيام القادمة ستكشف لنا اهتمامهم بالسيطرة وإحكام القبضة على هذا الجانب.
هذا التكهن ليس بجديد على اليهود فهم سعوا حثيثا لتقديم التقارير الاستخباراتية والعسكرية للأمريكان من أجل التعجيل بقيام الحرب على العراق واستماتوا في محاولاتهم حتى تم لهم ما أرادوا، وبعد وقوع العراق الجريح تحت الاحتلال كان لابد من التوغل اليهودي المشهود في القطاعات الاقتصادية والعسكرية والإعلامية وسط غياب عربي ترك الساحة العراقية لليهود وللسيطرة على مقدراتها، فقد صنعوا الحرب من أجل الاجهاز على العراق وتحقيق الحلم القديم المتمثل في هاجس إسرائيل الكبرى.
وأصبح عراق العروبة بعد احتلاله.. عراقا بنكهة يهودية. وقديماً قال «سير ولينغتون»: إن اليهود هم التوابل التي لا يمكن للحرب ان تستغني عنها.
وحديثاً نقول: إن الوجود اليهودي بعد انتهاء كل حرب امر حتمي وضروري، وفتشوا عنهم في البوسنة والهرسك وكوسوفا، وروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واسألوا الجمهوريات الإسلامية الست في الاتحاد السوفيتي السابق ماذا حدث لها من توغل يهودي بعد الاستقلال؟!
فتشوا عن اليهود في كل خراب عربي وإسلامي وستعلمون أن الطريق إلى تحقيق إسرائيل الكبرى يمضي قدماً وبخطى حثيثة!!
|