في ظل المحنة التي يمر بها العالم الاسلامي والعالم العربي على وجه الخصوص في هذه الأيام تنبري المملكة العربية السعودية وكعادتها من منطلق ثوابتها الدينية، وما يمليه عليها واجبها العربي ومكانتها الاقليمية والدولية للعمل على لم الشمل وتوحيد الصف والكلمة، وما الجولة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني لعدد من الدول العربية لمناقشة الأوضاع العربية المتدهورة بعد الاجتياح الغاشم والسافر للعراق تحت حجج باطلة وادعاءات كاذبة كشف الله زيفها بعد سقوط نظامه، فلا أسلحة للدمار وجدت ولا دعم للارهاب أثبت، ولا ديمقراطية تحققت، ولا حرية حصلت واصبح ما يجري في العراق اليوم من قتل وترويع وهدم وتدمير وحصار وتعذيب على ايدي الغزاة والمستحلين لا يختلف تماما عما جرى ويجري في فلسطين التي عانت منذ اكثر من نصف قرن من ظلم وجرم المستعمر وسطوته وبات ساسة أمريكا يطلقون الوعود تلو الوعود ويمنونا بسلام اشبه ما يكون بالسراب، فكم من مؤتمرات للسلام عقدت وكم من مبادرات طرحت وكم من مقترحات عرضت وكم تنازلات قدمت، وكم من خرائط رسمت فكان مآلها الفشل المتعمد والمخطط لها مسبقا ضيعت بسببها أوقات وأنفقت من اجلها أموال، والكيان الصهيوني مستمر في سياسة المجازر الصهيونية والمذابح البشعة ضد شعب اعزل لا يملك من وسائل المقاومة الا الحجارة والأجساد التي جعلها دفاعا عن شرفه وفداء لوطنه وانه لا يرتضي بحياة الذل والهوان.
يقف العالم كله بحكوماته ومنظماته وهيئاته وقف المتفرج ومنها المصفق لما جرى، ويجري من جرائم بشعة ترتكب بحق الانسانية على ايدي عساكر ارهابية فرختها دولة صهيونية عنصرية انتهازية ومن قبل قيادات لها سجل حافل بالجرائم ملطخة ايديهم بالدماء البريئة انهم اخس خلق الله، ان ما يحدث في فلسطين والعراق اليوم من انواع القتل والذبح لأبنائه ومواطنيه والعبث بمقدراته والتحكم بشؤونه والتصرف بخيراته يعد خرقا وجرما تحرمه جميع الأديان السماوية والقيم الانسانية والقوانين الدولية من قبل دولة استأسدت على العالم لوحدها وجعلت نفسها مثالية بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان توالي نعيقها وبكاءها المصطنع صبحا ومساء وتحكي عن ظلم الشعوب واضطهادهم، وتسعى لتخليصها من الظلم والجور والاضطهاد من نظم الديكتاتورية وتريد تحقيق الأمن والاستقرار لكافة الشعوب والدول وتتبجح بالمحافل الدولية والاقليمية عن عزمها بفرض الديمقراطية ومحاربة الارهاب وخطورته، وتناست وتجاهلت انها هي سبب الارهاب وهي التي اوجدت الارهاب قبل نصف قرن وتعاهدته بالعناية والرعاية ووقفت معه جنبا الى جنب سياسيا في المحافل الدولية واحبطت من اجله العديد من القرارات باستخدامها حق الفيتو، ودعمته عسكريا بأحدث الاسلحة وأفتكها ومنها المحرمة والمحظورة دوليا ثم هي تسعى اليوم جاهدة بقواها الغاشمة لفرض الديمقراطية في الشرق الاوسط وتدعي بتخليص المنطقة من خطر النظام العراقي وحكمه في الوقت الذي ما زالت تعاني المنطقة من الخطر الصهيوني ومخططاته الاجرامية التي قامت على استحلال اراض عربية بالقوة العسكرية وبدعم امريكي. انه اليوم الذي عرى الله امريكا امام الخلق كله بكشف نواياها الخبيثة ومخططاتها العدوانية، وان شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان ماهي الا زيف باطل وادعاء كاذب. امريكا التي تتشوق لسفك المزيد من الدماءالعربية والاسلامية ونهب ثرواتها، هذه الايام تزيد من نباحها وتلفيقها القصص والادعاءات الباطلة على المملكة من خلال تقارير كاذبة اعدها اللوبي الصهيوني المسيطر على غالبية الكونجرس الامريكي متخذا الحادي عشر من سبتمبر ذريعة وشماعة للزج باسم المملكة بدعمها للارهاب دون دليل واضح تقف هيئة الامم المتحدة الشامخة ببنايتها والضعيفة بأدواتها وقراراتها وأصبحت اداة لتمرير القرارات الظالمة والباطلة التي توافق الرغبة الامريكية وتخدم الكيان الصهيوني. واذا كان وجود هذه المنظمة يهدف الى تحقيق الامن والسلام الدوليين لجميع دول العالم منها المؤسس والمنظم لحقا نجدها غير قادرة على القيام بمهامها وفرض قيمتها واحترامها ووجودها وتطبيق قراراتها وتنفيذها لا حفظها واخفاءها، واصبحت امريكا مارقة عليها وتفرض قراراتها بالقوة والتهديد كما حصل الآن بشأن العراق، واذا كان هذا هو حال المنظمة فوجودها كعدمها، قرارات بالمئات صدرت بحق الكيان الصهيوني وظلت محفوظة بأرشيف المنظمة، ولم يعد لها قيمة تذكر او تأثيرا يلمس واصبحت كمعالم الاطلال، ان الوضع المزري الذي يعيشه ابناء شعبنا في فلسطين والعراق وما يبث وينقل حيا وعبر كافة القنوات الفضائية لا يحظى بتنديد او شجب دولي حتى من قبل هذه المنظمة وكأنها مصابة بالصم والبكم. وهذا يؤكد ان هذه المنظمة هي اداة بيد امريكا تسيرها كيفما تريد وليس امام امينها الا السمع والطاعة وتنفيذ ما يطلب منه حرفيا هذا هو واقع هيئة الامم المتحدة.
إن جولة ولي العهد جاءت في ادق المراحل واشدها حساسية تحتاج الى وقفة صادقة من كل الزعماء العرب والتفافاً مع بعضهم البعض امام التهديدات والمخاطر التي تواجههم وان قضاياهم وحقوقهم العربية لا يمكن استعادتها الا من خلال قرار صارم وموحد يتخذ بالاجماع، فلا هيئة دولية ولا دولة صديقة غربية تعيده، فقد كشفت النوايا واتضحت معالم الخطط العدوانية تجاه المنطقة العربية نسأل الله عز وجل ان يتوج جولة ولي العهد بما يعيد للأمة مكانتها وهيبتها ويجعلها سببا لانتشالها من وضعها المزري انه سميع مجيب.
|