* فرانكفورت طارق عبدالغفار أ.ش.أ:
رغم معاناة الاقتصاد الياباني من الركود المستمر منذ عشر سنوات توجد مؤشرات قوية تعزز احتمالات تبني البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية للدول الأوروبية خارج منطقة اليورو لاستراتيجية اليابان للتعامل مع الركود من خلال خفض الفائدة.
وأصبح إجراء خفض الفائدة مطروحا بشدة في منطقة اليورو وخارجها لتنشيط الاقتصاد الأوروبي وزيادة معدل النمو والتغلب على تداعيات الازمات الدولية كالحرب على العراق والركود الاقتصادي بالولايات المتحدة واليابان.
وسار البنك المركزي السويسري على النهج الياباني حيث خفض معدل الفائدة إلى صفر للتغلب على التداعيات السلبية لتراجع نمو الناتج المحلي الاجمالي وتدعيم آليات النمو الاقتصادي في تلك الدولة.
وقال المحلل الاقتصادي توماس سيمس ان عددا من البنوك المركزية الاوروبية سوف تحذو حذو البنك المركزي الياباني الذي قلص معدل الفائدة إلى الصفر في محاولة للتغلب على الركود وتلافي ظاهرة الانكماش في الانشطة الاقتصادية وتذبذب معدلات الانفاق الاستهلاكي.
وأضاف ان بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي تبنيا سياسة خفض الفائدة خلال العامين الماضيين لتنشيط الاقتصاد، مشيرا إلى أن العديد من البنوك المركزية كالبنك المركزي السويسري لجأت إلى خفض العملة إلى جانب خفض الفائدة لزيادة معدلات النمو الاقتصادي.
وأدى خفض قيمة العملة في سويسرا إلى زيادة معدل الصادرات بنحو 45 في المائة حيث توفرت ميزة تنافسية للسلع والخدمات السويسرية بالاسواق الدولية.
وفي المقابل يرفض البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياط الفيدرالي خفض قيمة اليورو أو الدولار خشية حدوث انتكاسة للاقتصاد العالمي ويفضلان خفض الفائدة بدلا من ذلك الاجراء.
ويرى محللون اقتصاديون امريكيون ان سياسة خفض الفائدة لن تجد على المدى الطويل بل ينبغي ان تتوفر آليات اخرى للتعامل مع تدني معدلات النمو.
واضافوا ان البنوك المركزية الأوروبية والامريكية تمتلك آليات اخرى لزيادة معدل النمو حال خفض الفائدة إلى صفر منها بيع سندات طويلة الأجل رغم تداعياتها السلبية.وقال سيرجي جيلارد كبير المحللين الاقتصاديين بالمجلس الاستشاري للبنك المركزي السويسري ان خفض قيمة العملة هو الوسيلة الوحيدة امام البنك المركزي في الوقت الحالي لتنشيط الاقتصاد وزيادة معدل الصادرات.
وأضاف ان الاقتصاد السويسري عانى من الركود منذ الثمانينيات وحتى عام 1996 نتيجة ارتفاع معدل الفائدة وقوة الفرنك السويسري.
واضطر البنك المركزي السويسري خلال العامين الماضيين إلى خفض قيمة العملة للتغلب على الركود والبطالة المرتفعة وانخفاض ارباح الشركات ولاسيما المصارف وانهيار قطاع الطيران نتيجة تداعيات احداث الحادي عشر من سبتمبر حيث وقفت شركة سويس اير على حافة الافلاس.
وقال المحلل الاقتصادي كريستوفر رودز ان التحسن الذي طرأ على اداء البورصات الأوروبية وخفض الضرائب عزز من التفاول في أوساط مؤسسات الاعمال الاوروبية بشأن احتمالات انتهاء الركود الذي تعاني منه غالبية دول منطقة اليورو ولاسيما المانيا.
وأضاف ان مؤشر الثقة في بيئة الاعمال بألمانيا ارتفع في يوليو الماضي للمرة الثالثة على التوالي وهو ما وفر زخما معنويا للشركات الكبرى في منطقة اليورو باعتبار ان الاقتصاد الألماني يعتبر الأكبر فيها.
وأشار جيرنت نيرب المحلل الاقتصادي بمعهد أي اف او بميونخ إلى أن تحسن مؤشر بيئة الاعمال بألمانيا للشهر الثالث على التوالي يعتبر أمرا ايجابيا لان غالبية المؤشرات الاقتصادية شهدت نموا بنحو 80 في المائة عندما تحسن مؤشر مناخ الاعمال لمدة ثلاثة اشهر متوالية في الماضي.
وقال ان تحسن الاوضاع الاقتصادية بمنطقة اليورو يحتاج إلى فترة من الوقت، مشيرا إلى ان مؤشر الثقة في القطاع الصناعي الهولندي «الذي تراجع في يونيو الماضي» شهد ارتفاعا ملحوظا في يوليو الماضي.وزاد مؤشر الثقة في بيئة الاعمال البلجيكية في يوليو الماضي نتيجة للتفاؤل الذي ساد في منطقة اليورو بشأن اقتراب نهاية الركود والحد من خسائر
الشركات الأوروبية الكبرى.
ويرى جيرنت نيرب المحلل الاقتصادي ان الاشكالية تكمن في احجام الشركات الاوروبية الكبرى عن ضخ المزيد من الاستثمارات لاغراض التوسع أو توفير فرص عمل للعاطلين، مشددا على ان الشركات لن تنفق المزيد من الاستثمارات قبل تأكدها من استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية وارتفاع معدل الطلب في منطقة اليورو.وأضاف ان الشركات الأوروبية عانت من تجربة مرة عندما انزلق اقتصاد منطقة اليورو إلى الركود منذ ثلاث سنوات رغم التوقعات التي اشارت إلى ان الاقتصاد سوف يشهد نموا ملحوظا خلال تلك الفترة.
وتشير تقديرات المفوضية الأوروبية إلى ان معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي المتوقع العام الحالي في منطقة اليورو سوف يصل إلى 6 ،0 فقط مقابل 3 ،2 في المائة في الولايات المتحدة 9 ،0 في المائة في اليابان.
وتسعى المانيا «التي تعتمد بدرجة كبيرة على الطلب المحلي والصادرات» إلى زيادة معدلات صادراتها للاسواق الخارجية ولاسيما الولايات المتحدة لرفع معدل النمو.
ويرى محللون اقتصاديون اوروبيون ان نمو اقتصاد منطقة اليورو في الربع الثاني من عام 2003 كان متدنيا حيث ارتفع عدد العمال الذين استغنت عنهم الشركات الاوروبية في يونيو الماضي إلى 39000 عامل، وهو أعلى معدل للاستغناء عن العمال منذ نوفمبر الماضي.
وعانى قطاع التكنولوجيا والاتصالات الأوروبي من تراجع في معدل النمو حيث استغنت الشركات العاملة في ذلك القطاع عن عدد كبير من العمال.
وقالت جولي دي وايلد رئيس شركة بيكرت ان في البلجيكية ان عددا كبيرا من الشركات الاوروبية يرى ان تحقيق معدل نمو ملحوظا في منطقة اليورو مازال امرا بعيد المنال في ضوء الصعوبات الحالية.
وفي المقابل تزايدت الآمال في تحسن نسبي في المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة نتيجة ارتفاع مبيعات ارباح شركات قطاع الخدمات والتكنولوجيا والاتصالات خلال الربع الثاني من عام 2003 رغم استمرار معاناة الاقتصاد الامريكي من الركود والبطالة وتدني ارباح الشركات الصناعية.
وعانت الشركات الصناعية الامريكية خلال الربع الثاني من العام الحالي من تداعيات الحرب على العراق وارتفاع اسعار النفط بالأسواق الدولية وتفشي وباء الالتهاب الرئوي سارس بعدد من دول آسيا.
وقال المحلل الاقتصادي الأمريكي بريان جرو ان شركات الخدمات والتكنولوجيا الامريكية استفادت من تحسن وضع الدولار واتجاه عدد كبير من الشركات لخفض تكلفة الانتاج وتدعيم الانتاجية.
وتوقع أن تشهد شركات التكنولوجيا والخدمة العامة مزيدا من النمو خلال الاشهر القادمة رغم التحسن الطفيف في معدلات الطلب.
وتشير تقديرات مؤسسة طومسون فيرست كول الامريكية إلى ان الشركات الامريكية سوف تحقق زيادة في معدلات الارباح تصل 6 ،13 في المائة في الربع الثالث من 2003 و5 ،25 في المائة في الربع الاخير رغم استمرار تدني معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي.
|