Tuesday 26th august,2003 11289العدد الثلاثاء 28 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في تساؤل أمريكي مهم .. مَنْ الذي يحرز تقدماً في العراق؟! في تساؤل أمريكي مهم .. مَنْ الذي يحرز تقدماً في العراق؟!
محلل أمريكي يرى أن الولايات المتحدة خسرت آخر حروبها

* بغداد - حمدي العناني - أ ش أ:
أكد المحلل الأمريكي توني كارون أن الهجوم بالشاحنة الملغومة ضد مقر الأمم المتحدة في بغداد مؤخراً يعتبر، ببساطة، بمثابة رسالة من الذين قاموا بتدبيره تدل على أنهم واثقون من أنفسهم بدرجة كبيرة ويتبعون تكتيكات مختلفة ولعل ذلك هو الذي جعل الرئيس الأمريكي جورج بوش يشير الى أن المعركة في العراق ربما تكون أطول وأصعب مما كان يتوقعه معظم الأمريكيين.
وقال توني كارون، في تحليله للوضع بالعراق، انه عندما يتم سؤال الرئيس بوش عن الوضع في بغداد فان رده المعتاد هو اننا نحرز تقدما طيبا هنا، ولكن الضربة الارهابية التي تعرض لها مقر المنظمة الدولية تؤكد أن أعداء أمريكا في العراق هم الذين يحرزون تقدما رهيبا.. فلماذا يتمكن هؤلاء المتمردون «حسب وصفه» من احراز هذا التقدم.
وأشار إلى تكرار قصف خط الأنابيب الذي ينقل البترول من شمال العراق الى تركيا بعد يومين فقط من اعادة افتتاحه للمرة الأولى منذ الحرب قائلا ان ذلك من شأنه حرمان جهود اعادة البناء من حوالي سبعة ملايين دولار يوميا خلال الأسابيع التي ربما تتطلبها عملية اصلاح هذا الخط.
وجاء في التحليل ان الخط لايزال معرضا ايضا للهجوم على الرغم من خطط الولايات المتحدة الرامية الى نشر حوالي ألف حارس أمن عراقي على طول مسار الخط الذي يبلغ ستمائة ميل.
ويقول المحلل الأمريكي توني كارون انه لاشك أن لدى منظمي حملة العصيان في العراق دافعا سياسيا وهو العمل من أجل زيادة بث الشعور لدى المواطنين العراقيين بعدم الثقة ازاء سلطات الاحتلال كما أن قطع صادرات البترول العراقية من شأنه التسبب في حدوث عجز ضخم في ميزانية سلطة التحالف المؤقتة التي يرأسها بول بريمر وأن ذلك سيشكل حتما عبئا على دافع الضرائب الأمريكي.
ويرى كارون أن مثل تلك الهجمات تدل أيضا على أن ثمة «أجندة» ترمي الى افشال تنفيذ العملية الانتقالية التي تشرف عليها الولايات المتحدة في العراق وذلك من خلال استهداف كل من لعب دورا رئيسيا في مساعدة بريمر على ادارة عملية الانتقال السياسي.
وعلاوة على هذه الهجمات الكبيرة فان هناك أيضا هجمات خاطفة تشنها المقاومة العراقية ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف حيث يتم قتل جندى أمريكي كل يومين تقريبا بالاضافة الى اصابة آخرين كما أن أي عراقيين يتعاونون مع الأمريكيين أصبحوا أيضاً أهدافا للقتل.
وفيما يتعلق بشبكة القاعدة فان المحلل الأمريكي يرى أن الاحتلال الأمريكي للعراق يتيح فرصة متزايدة أمامها للنشاط تماثل الفرصة التي أتاحها لها الغزو السوفيتي لأفغانستان منذ ثلاثين عاما مع الأخذ في الاعتبار أن الذين سبق أن تطوعوا للجهاد ضد السوفيت في أفغانستان أصبحوا يشكلون الأن جزءا رئيسيا في الهيكل التنظيمي والسياسي لشبكة القاعدة وأن الشبكة تأمل الأن في تكرار هذه التجربة في العراق.
وفي هذا الصدد أشار كارون الى أن أحد زعماء القاعدة حث، في تسجيل صوتي مؤخراً، مؤيدي الشبكة على التوجه الى العراق للقتال ضد قوات الاحتلال.
ومن جانبها فان القوات الأمريكية تقول انها عثرت على أدلة تشير الى احتمال أن يكون عدد من أعضاء القاعدة استجابوا بالفعل لهذا النداء خاصة وأنها وجدت أن بعض المقاتلين الذين أسرتهم في العراق كانوا يحملون جوازات سفر أجنبية.
ومع ذلك فان بعض الصحفيين والأكاديميين أعدوا دراسة بشأن أنماط المقاومة في العراق أشاروا فيها الى أن كثيرا من الذين يقاتلون هناك ليسوا بعثيين ولا أعضاء في شبكة القاعدة بل انهم مجموعة من المواطنين المسلمين «السنيين» يتلقون ارشادات من رجال دين متشددين وان هناك بعضاً آخر يعمل في خلايا تحت قيادة ضباط مخابرات وأمن سابقين في حين يعمل آخرون من خلال شبكات قبلية وعشائرية وأنهم يتحركون بدافع الاستياء الوطني من الاحتلال أو الخوف من فقدان المزايا التي كان يضمنها لهم البعثيون في الماضي.
وجاء في هذه الدراسة انه يجب الأخذ في الاعتبار أيضا تزايد الشعور بالغضب بين المواطنين العراقيين العاديين بسبب فشل سلطات الاحتلال في اعادة الأحوال في العراق الى طبيعتها. ويشير جدول الأهداف الى أن هناك نوعا ما من التنسيق بين الذين يشنون هجمات على القوات الأمريكية في العراق ولكنه يظهر أيضا أن معظم هذه الأنشطة تنحصر في جيب صغير من الأرض يمتد من بغداد تجاه الشمال/ أي فيما يسمى بالمثلث السني. ولكن أثر الأنشطة السنية سيظل محدودا طالما أنه ليست هناك مشاركة من الأغلبية الشيعية.. وعلى الرغم مما يتردد عن تعرض الشيعة للاضطهاد في عهد النظام العراقي السابق الا أنه تساورهم شكوك ازاء الأمريكيين.
والدليل على ذلك هو حدوث مواجهة مؤخراً بين الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر مع المحتلين كما أن مؤيديه شاركوا في مظاهرات عنيفة ضد الأمريكيين وحلفائهم في بغداد وجنوب العراق وحذروهم من الدخول الى شرق بغداد ويجب الأخذ في الاعتبار أيضا أن الصدر حث مؤيديه على تشكيل جيش لحماية الأماكن الشيعية المقدسة. ومن وجهة النظر الأمريكية فان الشيء الأكثر اثارة لانزعاجهم هو ما سمعوه من تقارير تشير الى أن الصدر تلقى دعما سياسيا وماليا من الإمام السني أحمد قبيسي الذي يلقي خطبا دينية يعارض فيها الاحتلال بشدة ولذلك فان هناك مخاوف أمريكية من احتمال حدوث وحدة دينية بين هؤلاء الخصوم السابقين ضد الولايات المتحدة وحلفائها على اعتبار أن ذلك من شأنه مضاعفة قوة حملة العصيان ضد الأمريكيين مثلما حدث في النموذج الأفغاني.. حيث تعاونت جيوش «مختلفة عرقيا وسياسيا» معا من أجل القتال ضد العدو المشترك. وخلص المحلل الأمريكي توني كارون الى انه رغم التزام ادارة بوش بالصمود وبمواصلة السعي حتى النهاية لتحقيق أهدافها في العراق الا أن الموجة الأخيرة من الهجمات ضد القوات الأمريكية هناك تشير الى أن ثمن الوفاء بهذا الالتزام ربما يكون باهظا.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved