صلاح مخارش(*)
* ذات يوم «خطفت» رجلي واتجهت نحو مكتب الفنان محمد عبده في جدة وموقعه في منطقة شعبية ومتواضعة جداً و«هذا الكلام» ليس منذ اعوام ولكن قبل اقل من عام وكان القصد من تلك الزيارة نقل رسالة أو «امانة» حمَّلني إياها العزيز راشد الفارس إلى استاذه (على حد قوله) محمد عبده و«على حد قولي أنا» استاذ لكل الفنانين حالياً!!
عندما وصلت إلى مكتب محمد عبده صادفني أولاً ايهاب الذي اصطحبني إلى مكتب «الاستاذ» ثم ادريس الذي اخذ بيدي إلى «الاستاذ» دون ان يواجهني بغطرسة و«خوف» بعض مديري المكاتب أو دون حتى ان يتبع «بروتوكولاتهم» سواء بعبارة «الاستاذ مشغول» أو «الأستاذ معه مكالمة» أو «الأستاذ في اجتماع» أو حتى «راجعنا بكرة» رغم انني أتيت دون موعد مسبق!!
عندما صافحت محمد عبده وقبل ان اتحدث طلب مني ان يكون الحديث أو ما أود نقله له بعد ان نصلي العشاء جماعة وفي مكتبه حيث سارع على الفور إلى الوضوء ثم أذَّن لصلاة العشاء فأمَّ المصلين وهم جميع العاملين في مؤسسته والزوار و«أنا أحدهم».
هنا ادركت اكثر لماذا هذا «الرجل» يتمتع بحب جارف ليس ممن يعرفونه فحسب بل حتى ممن لا يعرفونه وكذلك الجمهور الذي يعشقه في انحاء شتى من عالمنا العربي.
رجل كان باراً بأمه قريباً منها في لحظات حياتها وقريباً أكثر في لحظات مرضها حتى كان ينام بجوارها في لحظات مرضها «رحمها الله».
رجل قريب من ربه ودائماً ما يكرر عبارات «الحمد لله» و«الشكر لله» ويحرص على الصلاة والتقرب إلى الله وفي مواعيد كل صلاة لا يتأخر بل انه أول من يدخل المسجد في مؤسسته وآخر من يغادره رغم زحمة اعماله وانشغاله!!
رجل يعاون المحتاجين ويساعدهم بما انعم الله عليه.
ورجل لا يصد أو يرد أحداً كان يعرفه أو لا يعرفه سواء كان من الذين يعرفونه أو «لا يعرفونه» رغم انني أشك ان هناك أحداً لا يعرف محمد عبده!!
برج العرب
* في دبي مساء يوم الخميس الماضي وانا اقضي بعضاً من اجازتي فيها سنحت لي الظروف ان اكون حاضراً حفل الفنان محمد عبده في ليالي صيف دبي 2003 (فخطفت) رجلي إلى مسرح المدرسة الهندية حيث يقام الحفل فذهلت عدة مرات خلال الحفل ولكن لم اذهل من الحب الذي يكنه الجمهور السعودي والخليجي والعربي لهذا الرجل الفنان الذي بالفعل يمثل الإنسان السعودي خير تمثيل.
ادمعت عيناي من الفرحة وانا أرى انسانا وصل لهذه النجومية والشهرة وشق طريقه منذ أربعين عاماً من الصفر واليوم يعشقه «الملايين» ولكنه مازال بسيطاً متواضعاً وكأنه مازال في الخطوات الأولى من سلَّم «الفن»!!
عند باب الدخول إلى المسرح أولاً وقف رجلٌ مسن ومعه ولده وأصر الاثنان على حضور الحفل وعندما اشار الرجل بذلك لمحمد عبده الذي توقف للسلام عليهما طلب محمد عبده من المنظمين ان يدخلوهما ويكون مكانهما في الصفوف الأمامية!!
وعندما بدأت الحفلة متأخرة بعض الوقت اعتذر محمد لجمهوره بطريقته الخاصة والتي تقبَّلها الجميع وهو يدرك ان التأخير خارج عن ارادة محمد وقبل ان يشدو اندفعت نحوه سيدة لتصافحه وهو على المسرح فصافحها دون غطرسة أو كبرياء.. وخلال الحفل صعد له ابن تلك السيدة (عماد) وقدم له صورة جمعته بمحمد قبل اعوام وعندما كان «عماد» صغيراً فتذكرها محمد وهو على المسرح بل وكتب خلفها اهداء لعماد رغم ان المنظمين يحاولون إبعاد عماد من (مسرح العمل)!!
محمد عبده في تلك الحفلة التي لقبناه خلالها ب«برج العرب» - وهو الفندق الشهير في دبي والذي انطلقت شهرته للعالم - أعطى لجمهوره الكثير والكثير من الحب والفن رغم انه وحسب ما عرفت وانا هناك انه وافق على المشاركة في تلك الحفلة ودون ان يضع شرطاً واحداً عدا ترتيب حجوزات الطيران له وفرقته الموسيقية من لندن الى دبي حتى ولو يصلوا من خلال الباخرة فالمهم ان يلتقي بجمهوره الخليجي في دبي مساء الخميس!!
|