مقال الأخ الدكتور حسن بن فهد الهويمل بعنوان (الحوار الوطني: من الشتات إلى التجمع) في عدد الجزيرة يوم الثلاثاء 14 جمادى الآخرة، مقال، جاد، انتهى فيه إلى تقديم قواعد ذهبية للحوار الوطني، تصلح لأن تكون أساساً لسلوك المتحاورين، داخل المركز الوطني للحوار، وخارجه، واستأذن، الدكتور الهويمل، في اعادة تسطيرها، هنا للتأكيد، والتذكير، وسأفعل ذلك، لاحقاً.
أشار، الدكتور الهويمل إلى أن (الاشكالية ليست، في إنشاء المركز فذلك سهل وميسور، وإنما، هي في مخاضاته، ونتائجه، والأطياف التي ستلتقي فيه، والقضايا التي ستطرح على موائده، ومدى تمثل المؤتمرين لأدبيات الحوار، واستجابة الدولة لنتائجه والأمة أحوج ما تكون إلى التلاحم).. انتهى.
والمقال، المذكور، اعتبره، من أفضل المقالات التي، كتبت عن الحوار الوطني، ومركزه، وأكثرها تركيزاً، وتأصيلاً، وكنت أطمح أن يحظى بالاهتمام اللازم الذي يرقى إلى التناول، الجاد، الذي جاء فيه، ومحاولة (التأصيل) التي ينتهجها الدكتور الهويمل، في مقالاته، وروح الاعتدال والتوازن التي طافت في أنحائه.
ومع ذلك فإنني، أؤكد، أن ندوة الحوار، التي انعقدت، وانتجت التوصيات، كانت، في حد، ذاتها، انجازاً، كبيراً، عندما حشدت شخصيات، من اتجاهات مختلفة، ما كان لها أن تلتقي، لو لم تتوفر لها تلك الساحة، وإذا استطاع المركز، على الأقل، أن يوفر ساحة، منتظمة مستمرة لهذه اللقاءات، فسيكون ذلك نجاحاً جيداً، لأن المشكلة التي ألاحظها، في مجتمعنا، هي أن الأطياف المختلفة، من، اراء، واتجاهات، تتحاور مع نفسها، في لقاءات، ومناسبات، وتخلق عن الآخر، شخصياً، وفكرياً، صوراً غير حقيقية، تجترها مراراً، وتكراراً، وتتشبث بها، وتتمترس، وراءها وتشحن، نفسها، عاطفياً، ضدَّها، وتنتج عن ذلك «مدارات» منفصلة، مستقلة، لا تلتقي، ولا تتداخل، والخاسر، الأكبر، في ذلك، هو الوطن، والرابح، الأكبر، هو، شبح الفرقة، والفصام، والشتات.
* ونطمح، جميعاً، في أن يتغلب، جوهر الحوار، وأخلاقياته، على، بيروقراطية، وتنظيمات الحوار، في (المركز الوطني للحوار).
بعض أصدقائنا، من غير المتحاورين، يظنون، وهماً، ان، الآخر، الذي لا يعرفونه، ولا يلتقون به، له أنياب دراكولا، وقرون وحيد القرن، ومخالب نسر، وروائح (سيد قشطة)، وشعر غوريلا، يُخوفون به أصدقاءهم، وأطفالهم، ويعتقد أحدهم أنه الوسيم الوحيد، أو النظيف الأوحد، في البلد. وقد حان الأوان، لفتح النوافذ، والخروج إلى الشمس، والنظر في عيون الآخرين، وجها لوجه، والتحقق منهم والاستماع إليهم دون وهم، أو، وجل، أو احساس بالعِصْمة المطلقة، والظن الحسن بالذات، والتفوق الذاتي والاستعلاء على الآخرين، ثقافة، أو عصرنة، أو تديناً، وتطهراً.
أعود إلى القواعد الذهبية، التي قدمها الدكتور الهويمل وأعيد كتابتها هنا:
- نعرض الآراء، ولا نفرضها.
- ونستمع لآراء الآخرين ولا نصادرها.
- نحترم تكافؤ الفُرص، ولا نغمط الحقوق المكفولة.
- لا نثير الشكوك، ولا، نسيء الظنون.
- نؤسس للمعارف، ونؤصل للقضايا، ونقارب بين المفاهيم.
- نتسامح ولا نتعصب، ونسعى للتقارب، أو التحاور.
- نحكم العقل، ولا نتبع الهوى.
- نهمش الطائفية، والمذهبية، ونرد إلى الله والرسول.
- لا نتحرج من سؤال أهل الذكر، ولا من التوقف عما خفي.
- نحترم العلماء، ولا نصنمهم، وندعم السلطة، ولا نكتمها الحق.
وإذا عزمنا، فلنتوكل على الله {وّمّن يّتّوّكَّلً عّلّى اللهٌ فّهٍوّ حّسًبٍهٍ}.
- تلك، حقاً، قواعد حكيمة، للتعامل، والحوار، أتمنى، أن يقرأها، المتحاورن، وغير المتحاورين، داخل المركز الوطني للحوار وخارجه، وعسى أن أكون من القارئين لها حقا، والمستفيدين منها، صدقاً.
|