محو الأمية:
في زمننا هذا أجمع الناس على الرغبة في التعلم على اختلاف أعمارهم وأشكالهم ومشاربهم وأقبل الناس على العلم في كل أنواعه النافع منها والضار، وسرى هذا على كبار السن ومن فاتهم ركب التعليم فراحوا يحثون الخطى للحاق بمن سبقهم وأخذ قسط من التعليم يمحون به أميتهم، ويبعدون شبحها عنهم، فمنهم من كان قصده العلم لذاته والبعد عن الجهل بعينه ومنهم من يقصد استكمال مقومات شخصيته والقضاء على ما يشعر به من نقص.
على أي فالعلم خير كله.. ويهمنا هنا أن نسجل حقيقة مهمة وهي أن أدعياء المدنية اليوم يرددون أنهم استطاعوا أن يوجدوا وعياً في الحياة يجعل الشعور بالقضاء على الأمية أمراً متفقاً عليه من الجميع وإلى هؤلاء نسوق هذه الحادثة:
«قال رجل من بني العباس للمأمون: أيحسن بمثلي طلب العلم اليوم؟ قال نعم فوالله لأن تموت طالباً للعلم أزين بك من أن تموت قانعاً بالجهل فقال إلى متى يحسن بي وقد تجاوزت الستين؟ قال ما حسنت بك الدنيا».
هؤلاء هم أسلافنا، وهؤلاء هم العرب والمسلمون.. يعنون بمحو الأمية ويدعون شيوخهم للانخراط في طلب العلم.
حلم وكرم:
الأحنف بن قيس حكيم من حكماء العرب الأفذاذ الذين ينشرون في الأرض للحلم والمعروف ويكتبون بتصرفاتهم تاريخاً قد لا يعود.. ولا يدانيه فعل العظماء في كل الأزمان.
وهو مع هذا يجمع إلى حلمه الحكمة والعقل والأناة والكرم والزعامة..
وله صفة التواضع أيضاً فقد سئل مرة هذا السؤال:
ممن تعلمت الحلم؟ فقال: تعلمته من قيس بن عاصم المنقري، حضرته يوماً وهو محتب يحدثنا إذ جاؤوا بابن له قتيل وابن عم له كتيف فقالوا هذا قتل ابنك هذا..
فلم ينقطع عن حديثه، ولا حل حبوته حتى فرغ من قوله فالتفت إليهم وقال:
أرعبتم الفتى ثم أقبل عليه، وقال: يا بني: نقصت عددك وأوهنت ركنك وفتت في عضدك وأشمت عدوك وأسأت إلى قومك ثم التفت إلى قومه وقال: أين ابني فلان؟ فوقف بين يديه فقال له: يا بني: قم إلى ابن عمك فأطلقه وإلى أخيك فادفنه وإلى أم القتيل فأعطها مائة ناقة لأنها غريبة لعلها تسلو عنه..
أيها الاخوة.. ألا ترون أن في هذه الحادثة حلاً لمشكلات عالمية اليوم!!
|