Monday 25th august,2003 11288العدد الأثنين 27 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأمير عبد الله عقيدة إسلامية ونهج وطني الأمير عبد الله عقيدة إسلامية ونهج وطني
اللواء المتقاعد/ عبد الله بن كريم بن عطية العطوي

ذلك وعد الله، ومن أصدق من الله عهداً ووعداً.
قال تعالى: {)الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)} .
لا يغرب عن كل ذي وعي قيمة الارض أو الوطن، في التمكين للاسلام، لأن الاسلام لا يطبق في السماء فهو لأهل الأرض، ولا يطبق في الفراغ بين السماء والأرض فهذا الفراغ ليس مقاما للبشر، وإنما الأرض أي الوطن هي مقام ومهد التمكين.
وإن من نعم الله الكثيرة على هذه البلاد، وأهلها ان قيض الله لها حكما عادلا ورشيدا سديدا، توارثه خمسة ملوك عظماء، منذ أن نهض في الجزيرة رجل وهب نفسه لله واعلاء كلمة التوحيد، فأيده الله بنصره، وبارك خطاه، ذاك هو الامام العادل الملك المؤمن عبد العزيز بن عبد الرحمن.
قد يظن بعض الناس ان الدين ينافي الوطنية، وان الدعوة الى الدين ليست من الوطنية بشيء. ولكن الجمع بين الاسلام والنهضة الوطنية كان وما يزال امنية واملا، يتطلع الى تحقيقه ورؤيته الصفوة الصادقة المستنيرة من ابناء الامة ورجالاتها، وقد نهض الملك عبد العزيز، وطبق ذلك ونقله من افق الامل، الى دائرة التطبيق على صعيد المجتمع والدولة. وكانت هذه الارض بقيادته مسرح التنفيذ والفعل، فظفرت الوطنية بمضمونه النفيس مصدرا ومحتوى لأن الدين والوطنية شيئان متلازمان.
إن دور القائد مهما اختلف مكانه، او مجال ونطاق قيادته لدور صعب فعلاً، لانها مهمة صعبة مرهقة تحتاج الى تركيز هائل، طوال الوقت دون توقف، لان القائد يستطيع دائما ان يضيف للأمور ابعادا جديدة، توسع رؤية مسؤولي الدولة.
ويتجلى هذا الوضع أكثر عندما يكون القائد حاضرا فاحصا، ملما قادرا، كما هو حال الامير عبد الله، وتفرغ القائد لقيادته، لا يعني تفرغا في الوقت ولكنه تفرغ الذهن وتركيزه على دور القيادة تركيزا مستمرا متوهجا، وذلك عامل مهم في نجاح القائد وبروزه.
والامير عبد الله بن عبد العزيز الذي تمكن الدين من روحه يحب وطنه حبا صادقا؟: لذا نهج نهجا خاصا مميزاً في ادارة امور الدولة، وكرس منهجه السديد الى مختلف التفاصيل والمتابعة الدقيقة المباشرة لتنفيذ المشروعات والقرارات الداخلية والعمل على ترسيخها لتكون محفزات بناء، وضمانات استقرار، وتأكيدا لتماسك البناء.
وتعززت الافادة من هذه التوجيهات عبر تشكيل المجلس الاقتصادي الاعلى برئاسة سموه، وانبثقت عنه الهيئة العامة للاستثمار، كما اتخذ سموه نهجا واضحا وجليا حيال معالجة القضايا العربية والوطنية، متشعب الجوانب مبنيا على العناصر الأساسية في تكوين شخصيته، وما وهبه الله من صفات وشمائل، حيث شخصيات الزعماء تختلف باختلاف اصولهم وعمق جذورهم، ويسري ذلك الاختلاف على منبتهم ونشأتهم، فأصالة المنبت، وأهمية المنشأ من العوامل المهمة في تكوين شخصية الانسان، فكيف اذا كان هذا الانسان مهيأ للزعامة، بحسب مكانته الاجتماعية وتكوينه الذاتي، وفي ظل هذه الحقيقة تتأكد الزعامة، وتسمو عاليا على جميع المستويات داخليا وخارجيا، وتتألق كذلك على الصعيد العالمي، ويصبح اسم الزعيم محلقا في آفاق الدنيا وفق المعطيات التي يقدمها، والجهود التي يبذلها، والاصلاحات التي حققها لامته وشعبه والسياسة التي ينتهجها مع امته بصفة خاصة، والعالم بصفة عامة.
نعم ان للمواهب الرفيعة اثرها القوي في خطى القيادة، ولكن الامة بلا ريب هي المصدر العرفي لهذه المواهب، وهي مستقبل تلك المواهب والمنشط لها والمتفاعل معها.
كما ان للموقع الجغرافي حظاً جزيلاً في بناء الخصائص القيادية، وكلما كان الموقع مفعما بالمعاني الكبار، سما التفكير وعظمت الهمة، ونبل الفعل، ففي اي موقع جغرافي نما الامير عبد الله وتكون فكره وباشر مسؤولياته؟ في البلد الذي يحوي اقدس بقعة، حيث بعث المصطفى صلى الله عليه وسلم في احد بيوتاته، في البلد الذي كان ثراه مهدا ومسرحا لفحول العرب الاقدمين، وسادة العرب في الاسلام.
لذا اتخذ الامير عبد الله الاجتهاد الاجتماعي المميز منهجا، من خلال تعزيز جهود الاصلاحات الداخلية نحو مجتمع حضاري، وبناء علاقات خارجية تجمع الى ثبات المبدأ مرونة الحركة، وامتد بأثره الصالح الى المستقبل في اطار المنهج الاساس وهو الاسلام.
لذا لم تزعزعه الحملات الشرسة على المملكة، ونظام الحكم فيها، قيد أنملة، لأنه كان مؤمنا بربه، واثقا من سلامة موقفه، وان المملكة العربية السعودية لا يزايد عليها في العروبة، فهي معقل العروبة دارا ونسبا.
لقد كانت التيارات الدولية موضع ممارسة نهج الامير ومختبر تطبيقاته، حيث اكتنف اداءه ظروف عالمية مشحونة بالتدافع الدولي، ضد ما يسمى بالارهاب الاسلامي، والاستقطاب والتنافس الدولي على المنطقة العربية من خلال العراق وقضية فلسطين الازلية، وحرب اسرائيل العلنية على الشعب الفلسطيني، وما رافق ذلك من ضغط ثقيل وانتشار واسع، فأطلق مبادرته التي قدمها الى مؤتمر القمة العربية، في بيروت عام 2002م التي اقرتها الدول العربية بالاجماع وتبنتها كخطة سلام عربية موجهة الى العالم اجمع.
لقد نهج الامير عبد الله بوعي سديد، لظروف العصر وما يدور فيه من العلاقات والاحداث، والمواقف المتدافعة وقرر الاستفادة من الفرص، للتنفس السياسي العميق، اثناء انهماك القوى المتصارعة في التربص والتناطح، حيال الحرب على العراق، واحتفظ بسكينة العقل والنفس، والهدوء الفاعل امام موجات الغليان، فظهر له فقدان العرب لأية صيغة دولية مرتضاة، تمكنهم من طرح حل مقبول عالميا بالنسبة لمشكلة العراق، او الحرب الاسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية، فكان من الطبيعي ان يحمل الامير العربي هموم امته، وان يطيل التفكير في احوالها، ويلتمس العلاج لامراضها، فوجد ان هذا الضعف والهوان اللذين اصابا العرب سببهما الفرقة والتناحر، وان العلاج يكمن في التضامن والتعاون، اللذين هما المصدر الاساس لقوة الامة العربية، فطرح مبادرته الجادة لإصلاح الوضع العربي السياسي والاقتصادي من الداخل.
وهكذا ظل الامير عبد الله وهو الشخصية القريبة من نفوس المواطنين وزعماء العالم، يخاطب الرأي العام بمختلف شرائحه، بواقعية وعقلانية دينية، مستندا الى دور المملكة العربي والاسلامي.
لأن هذا النهج أقرب في الوصول الى الناس، من قرع طبول الحرب على كل شيء.
وهكذا انضمت المملكة الى عضوية العالم الجديد في قمة ايفيان، وهي متمسكة بالشرعية الدولية والقوانين العالمية، والشرائع السماوية، لأن هذه الثوابت هي القادرة على خلق عالم قابل للتعايش، والتحرر من العنصرية والاستبداد، والتطلع عقد دولي جديد، مبني على المساواة في الحقوق، وتحقيق العدالة والتنمية الدائمة والازدهار للانسانية جمعاء.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved