«أطمئن المواطنين أن الجهود مبذولة وأن القدرة بعد الاتكال على الله متوفرة، وأننا قادرون بعون الله على تطهير بلادنا من كل هذه الآفات وأن المواطن يجب أن يعرف أنه رجل الأمن الأول وعليه أن يتحمل مسؤولياته».
نايف بن عبدالعزيز
16/6/1424هـ
* أتوقف عدة وقفات عند هذا التصريح المهم الذي رشَّ الأمن على قلب كل مواطن ومقيم على أرض هذا الوطن، والذي أدلى به رجل الأمن الساهر حقيقة لا قولاً: (نايف بن عبدالعزيز) بعد آخر الأحداث الإرهابية بالرياض.
* الوقفة الأولى: الدعاء أولاً لنايف بن عبدالعزيز ورجال الأمن الذين يسهرون وننام، ونرتاح ويتعبون، ويتعرضون للمتاعب والضنى بل والاستشهاد، ونحن في دورنا هانئون نائمون مطمئنون برعاية الله ثم بجهودهم وإنجازاتهم الأمنية المشهودة التي تزرع الراحة على أرضنا وفي جنبات قلوبنا.
إن نايف بن عبدالعزيز ورجاله يبذلون في هذه الفترة جهوداً فوق طاقة البشر، كان الله في عونهم، وأقر أعينهم وأعيننا بالقضاء على آخر إرهابي في بلاد الحرمين.
* الثانية: عند المقولة المهمة في آخر تصريح الأمير نايف ألا وهي: «إن المواطن يجب أن يعرف أنه رجل الأمن الأول وعليه أن يتحمل مسؤولياته».وقد صدق سموه، فالمواطن رجل الأمن الأول، فوزارة الداخلية لا تستطيع أن تزرع جندياً أو ضابطاً لدى كل دار أو دائرة، أو لدى كل مسجد ومؤسسة، أو لدى كل إشارة واستراحة، بل هذا دور المواطن والمقيم فالأمن أمن لهم جميعاً وليس لرجال الأمن ومسؤولي الداخلية، وأستشرف أن تفعلِّ وسائل الإعلام مضمون هذا التصريح ودور المواطن والمقيم في الحفاظ على الأمن والدلالة على المجرمين والإرهابيين.
* الوقفة الثالثة: تقدير هذاالوطن لرجال الأمن الذين جسّدوا حبهم سهراً وعطاءً واستشهاداً وليس كلاماً أو عاطفة أو إنشاداً، وحسبهم ما قاله عنهم سمو ولي العهد الأمين قبل بضعة أيام عندما قال كلمة حق صادقة ومحقة عبّر فيها عن مشاعر كل مواطن في بلاد الحرمين تجاه هؤلاء الرجال «إن الشعب السعودي كله يفخر بانتمائكم إليه، ويعتز بشجاعتكم ويحيي روح الشهامة التي نلمسها منكم كل يوم.. أقول لهم لو لا عيونكم الساهرة ما ذاقت العيون النوم، ولو لا ما تلقونه من المشقة ما عرف أحد طعم الراحة، ولو لا تضحياتكم ما لقيت الفئة الباغية ما لقيته من هزائم.. أقول لرجال الأمن الشجعان إن أولاد شهدائكم أبناؤنا جميعاً، وإن جراحكم تنزف في كل قلب من قلوبنا، وإن دماءكم وسام شرف يعطر تربة الوطن الغالي، أقول لهم إن هذا الوطن الوفي لن ينسى شهيداً مات وهو يدافع عن العقيدة والوطن، ولن ينسى بطلاً جرح وهو يؤدي واجبه، ولن يهمل يتيماً سقط والده في معركة الحق ضد الباطل».وإذا كانت الدولة تحمل لهم كل هذا التقدير فإنني أسأل: ترى ما هو دورنا كمواطنين في تقدير وتكريم رجال الأمن البواسل ونحو أسر وأطفال ممن استشهدوا على أرض هذا التراب.فيا رجال الأمن أكملوا رسالتكم حتى يعم الأمان الذي وعد الله به هذا البلد الحرام ونحن قيادة وشعباً معكم، وقبل ذلك فالله معكم، ولن يتركم أعمالهم، ولن ينسى هذا الوطن عطاءكم.
***
تركي الخالد السديري
رجل لن ينساه «الوطن»
** بعض الناس يذهبون عن مكانهم لكن تبقى مكانتهم.
وهذا الرجل الذي كان مسؤولاً عن قطاع مهم له علاقة بالناس أشهد أنه من هؤلاء الرجال.!
لقد رحل عن كرسي المسؤولية، لكن ظل باقياً بخلقه الرفيع، ومحبة الناس له التي صنعها بعطائه الكبير الصامت، وبخلقه العالي الراسخ قبل المسؤولية وبعدها.
ذلكم هو معالي الاستاذ الكريم: تركي بن خالد السديري عضو مجلس الوزراء ورئيس ديوان الخدمة المدنية السابق.
هذا الرجل كان أنموذجاً في أدائه على رأس المسؤولية: إخلاصاً وإنصافاً وعطاءً وهدوءاً، وقد شهد بذلك من عملوا معه ومن تعاملوا معه.
وعندما ترجّل عن أريكة المنصب ظل ذلك المواطن المخلص المحبوب، وظل يساهم برأيه وبفكره، وبناصع محبته لوطنه وأبناء وطنه بكل صدق وإخلاص نائياً عن الأعين والأضواء كما هو ديدنه من قبل ومن بعد.
لقد سعدت كثيراً عندما قرأت له ذلك الحوار الجميل الذي أجرته معه صحيفة «اليوم» وطرح فيه العديد من آرائه السديدة إدارياً ووطنياً من واقع تراكم تجربته الإدارية والوطنية الثرية، ومن وحي اطلاعه وثقافته.
ولعل الجميل في هذا الحوار أنه لم يدع أمراً لم يعمله، بل كان كما عرف عنه متواضعاً منصفاً حول ما أسهم به من عطاء وحل للمشكلات الإدارية العالقة، ثم أنصف زملاءه من بعده، وقدم المعاذير للذين خلفوه إزاء بعض المشكلات.
من هنا ومن هذا الإنصاف والخلق، ومن هذا التواضع الصادق، ومن الثقة بالنفس كانت «الراحة» هي نصابه ونصيبه بعد أن غادر كرسي المسؤولية، ولذا عندما سألته صحيفة «اليوم»: كيف كان إحساسك وأنت تغادر كرسي الوظيفة؟، فأجاب بإجابة الواثق الذي أعطى لوطنه ما قدر عليه: «لقد أحسست بالانطلاق، وبأنني مقبل على حياة جديدة مختلفة عما ألفتها من قبل، لقد كنت في السابق ملكاً للوظيفة، أما بعد ذلك فقد أحسست أنني أملك نفسي وأتحكم بوقتي».!
تحية لمثل هذا الرجل الذي أبقى ذكراً حسناً جاء نتاج عطاء محمود، وخلق غير منقوص عبر «35» عاماً من مسيرته الوظيفية والإدارية العطرة.
***
رحم الله هذا الفقيد
** رحم الله ابن العم العزيز سليمان بن عبدالله القاضي «أبوخالد» الذي استطاع رحمه الله أن يدير وجهه عن الدنيا ويتجه إلى ربه وإلى العمل الصالح، رعم أنه دخل العمل التجاري مبكراً، ولكنه استطاع رحمه الله أن ينفذ منه، ورأى، وبالصواب، ما رأى ترك تجارة الدنيا، والتوجه إلى التجارة مع الله.
كان واصلاً لرحمه، محباً للآخرين، تشعّ على محياه علائم الإيمان، وتشيع في جوانحه جداول الطمأنينة.
كانت «مكة المكرمة» و«المدينة المنورة» هما مناط سفراته في السنوات الأخيرة، وكان يجد راحته وسكينته بين أنوار بيت الله في مكة، واشعاعات النبوة في المدينة.
** لقد تألمت عندما وصلني خبر وفاته المفاجىء وكنت مسافراً، فتألمت لفراقه، ودعوت له في ظهر الغيب، ولن أنسى اتصالاً هاتفياً منه قبل رحيله بفترة وجيزة يسأل عني، ويعتب عليّ لتأخري عن زيارة مجلسه الذي يضم الأعزة والأقارب، وكان رحمه الله يبدي اشتياقاً ومحبة خالصة خلال حديثه وكلماته.
رحمه الله رحمة واسعة، وجمعنا به في جنته وبارك الله في أولاده الأخيار.
***
أصدق القول
(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82)
ذلك وعد الله، ومن أصدق من الله عهداً ووعداً.
|