لم أكن أتخيل حجم الردود التي ستصلني عندما كتبت عن صيف الرياض وكيف غابت عاصمتنا صيفاً.. وصارت مدينة ساكنة هادئة لا تعرف أي شيء اسمه.. الصيف.. ما عدا بعض المناشط الشرعية.. التي اضطلعت بها وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد.. والتي كان لها اسهام ملحوظ ونشط.. عبر المحاضرات والدروس ومناشط رائعة ملأت صيف الرياض.. ولولا هذه الأنشطة.. لنام أهالي الرياض طوال الاجازة.
** لقد غابت كل المناشط.. وغاب أي دور يجذب الناس.. حتى إن إحدى الرسائل قالت: إن صيف الرياض لا يعدله أي صيف في أي مدينة في العالم.. ولا أي عاصمة في العالم.
** وفي إحدى الرسائل قال أحدهم.. إن الرياض ليس بوسعها أن تعمل شيئاً.. فالأمر خارج عن إرادتها.. ونقول له.. كيف عملت جدة وأبها والخبر والطائف وغيرها؟
** هل الرياض وحدها.. التي عجزت عن العمل؟ وهل الرياض وحدها.. التي أمامها عوائق؟
** ويقول آخر في رسالة ثالثة.. إنك في جدة وأبها.. والطائف.. وعنيزة.. تشاهد لوحات عن مناشط سياحية.
** وفي الرياض لا تشاهد سوى لوحات دعايات.. دجاج.. وبيض.. ومندي.. ومظبي.. وكفرات.. ومكيفات.. وعصيرات.. ومخططات عقارية.. واربط حزام الأمان.
** وقارئ آخر يقول: إن لوحات التحذيرات تلاحقك في صيف الرياض.
** انتبه.. الطريق مراقب بالرادار.
** انتبه.. اربط حزام الأمان.
** انتبه.. أمامك نقطة تفتيش.
** انتبه.. أمامك حفريات.
** انتبه.. الطريق مغلق.
** انتبه.. واحذر و«ممنوع» وتحذيرات بالجملة والدوريات كلها جاهزة.. حتى لو غلطت غصباً عنك.. يا ويلك..!!
** ويقول آخر في الرياض «نبلش وين تودِّي عيالك» وتخجل من نظراتهم ونظرات أمهم.. لا تدري ماذا تعمل لهم؟.. كل الطرق مسدودة.. فأنت في الرياض.. وليس أمامك سوى.. الملاهي.. والمقاهي.. والصحن الدوار.. والقطار السريع.. وبحيرة الأسماك.
** ويقول آخر في الرياض: تفطر على كبدة حاشي.. وتتغدى مثلوثة.. وتتعشى مندي.. وتتمشي في الصناعية.
** ويقول آخر.. الآن عرفت كيف حطَّمت الرياض الرقم القياسي في حالات الطلاق؟!.. لأن الزوجات بلا نفسيات.. بل هي نفسيات محطمة.. والأزواج «مْولْعِينْ» ونفوسهم شينه.. فلا مجال للتمشية وسعة الصدر.. ولا يوجد مكان يمتص الوقت ويُغيِّر روتين الحياة الزوجية.. وعندها.. تكون «الهوشات» و«الطقاق» ثم الطلاق..
** ويقول آخر: إن أهالي الرياض.. هم أمهر و«أَحْرَفْ» سكان المملكة في «البلوت والكنكان» وأنهم غلبوا أهل جدة في شرب الشيشة.. لأن الوقت في الرياض.. أوسع.. ولأن أهل الرياض لديهم فائض كبير من الوقت لكل شيء.. وليس لديهم مجالات للتنفس وسعة الصدر.
** ويقول اخر في الرياض: إن أصواتنا بُحَّت.. وأصابعنا تخدَّرت وركبنا «تَعَقَّلَتْ» من لعب البلوت.. فلا تسمع إلا صراخ.. «اخْبِصْ.. فرِّق.. صَنْ.. حِكِم.. شَرْحِك سرا.. اهْجِدْ!!».
** ليل الرياض.. كل شيء «طافي» وكل شيء موقوف.. وممنوع كل شيء.. حتى البقالات تغلق الساعة الثانية عشرة.. وحتى البناشر ومحلات الخدمات كلها موصدة.. والشوارع كلها.. مظلمة.. وكأنه يراد لها أن تكون مظلمة.. كخدمة مجانية للصوص.
** ويقول آخر.. إن الرياض.. المدينة ذات الخمسة ملايين.. تنام الساعة العاشرة مساء.. فالمحلات مرغمة على الاغلاق مبكراً.. ومتى أُغلقت.. نامت الرياض مرغمة.
** ويضيف.. تخيل مدينة يسكنها خمسة ملايين.. ترغمهم على النوم بعد العاشرة بالقوة؟!
** وحقيقة.. لست أدري.. ما هو سر اغلاق المحلات مبكراً وما هي فوائده.. ولا من هو صاحب الفكرة.. ولا ما هي المكتسبات التي حققناها من ذلك سوى.. اعطاء إشارة خضراء للصوص السيارات والبيوت.. والاسترحات؟
** ويقول آخر.. إن الأسرة التي لا تسافر من الرياض في الصيف = الرياض وحدها = هي محل شفقة باقي الأسر.. لأنهم يتوقعون تلك الأسرة فقيرة أو بسيطة.. أو كما يقولون «مساكين» بينما لا يستغرب عدم سفر أسرة من جدة أو الطائف أو من الخبر أو من أبها أو غيرها من مدن المملكة.. لأن الناس.. تسافر إلى هناك.. وبعكس الرياض تماماً.. التي لا يمكن أن يسافر إليها أي شخص.. إلا إذا كان هذا الشخص يريد شراء «خَلْفِهْ» أو شحنة «سَمِرْ» أو فحم أصلي..!!
أو يبحث عن إنسان «يكوي» أو «يِقْرا» على مريض.. أو دجاج بلدي.. أو يبحث عن عيادة متخصصة في إزالة «الْحْوِلِهْ والْخْرِشِهْ» والضعف الجنسي..!
** ويقول آخر.. لا تستغربوا.. إذ امتلأت دبي.. وبيروت.. والقاهرة.. ودمشق.. والرباط.. ولندن.. وباريس.. وغصَّت بالسعوديين لأن الرياض.. تطرد الخمسة ملايين الموجودين فيها طرداً.. فيذهبون إلى هناك.
** ومع ذلك.. هناك من يتحدث و«يُبربر» عن سياحة داخلية وتنشيط سياحي.. وحال العاصمة.. هكذا؟!!
** ويقول آخر.. أتمنى لو يتم اغلاق الملاهي في الرياض اغلاقاً نهائياً.. حتى لا يبقى في الرياض شيء يستوجب أن نقول.. إنه متنفس؟!!
** أهل الرياض والله محبطون.. ويؤكدون أنهم لايريدون مطربين ولا مطربات ولا حتى «طَقَّاقات عْرُوس».
** أبداً أبداً.. فليس ذلك من أخلاقهم.. لكن يريدون «يوسعون صدروهم فقط» «يبون.. مثل غيرهم» ولو أن هذا.. «حلم ضَبْعِهْ».
|