* القاهرة إعداد أحمد كمال - أ.ش.أ:
توصلت أوروبا والولايات المتحدة الى حل مشترك لمسألة دعم المنتجات الزراعية وضرورة خفض الدعم وكذلك خفض التعريفةالجمركية على الصادرات الزراعية الاوروبية والامريكية.
ووصفت الدوائر الزراعية في منظمة التجارة العالمية هذا الاتفاق الاوروبي الأمريكي بانه خطوة مهمة على طريق احراز تقدم على صعيد اقناع الدول الفقيرة التي تعتمد على التصدير الزراعي لخفض أو الغاء سياساتها الحمائية لمنتجاتها الزراعية من خلال فرض رسوم على صادرات أوروبا وأمريكا الزراعية إليها.
وكان الممثل التجاري الأمريكي روبرت زوليك قد توصل الى ابرام هذا الاتفاق مع المفوض الزراعي الاوروبي عبر مفاوضات استمرت خمس ساعات عبر الفيديو كونفرنس في منتصف الشهر الجاري.
وذكرت مصادر في مفوضية الاتحاد الاوروبي ان هذا الاتفاق يعتبر مبدئيا وان هناك تفاصيل عديدة يتعين الحديث عنها قبل اعتبار ان هذا الاتفاق يشكل قاعدة لبناء اتفاق أوروبي أمريكي شامل في هذا الخصوص.
وقال مسؤولون في مفوضية الاتحاد الأوروبي ان من غير المؤكد حصول هذا الاتفاق المبدئي على تأييد ومباركة سائر دول الاتحاد الأوروبي الخمس عشرة، وينص الاتفاق الأوروبي الأمريكي على عدم تجاوز حجم الدعم المقدم لمزارعي الطرفين نسبة 5 في المائة من التكاليف الفعلية للانتاج.
وقال فرانزفيشلر المفوض الزراعي العام للاتحاد الأوروبي انه أبلغ ممثلي دول الاتحاد الأوروبي بهذا الاتفاق المبدئي مع الامريكيين الا انه لم يتلق حتى الان ردود افعال دول الاتحاد الأوروبي على الاتفاق.
واعتبر فيشلر الاتفاق بمثابة دفعة حقيقية للمحادثات التجارية في منظمةالتجارة العالمية بين الدول الغنية والفقيرة بشأن الدعم الحمائي غير المباشرالمقدم من الدول الغنية لمزارعيها الذي في مقابله تفرض الدول الفقيرة رسوما جمركية كبيرة على وارداتها من تلك السلع الزراعية المدعومة من الدول الغنية.
ويرى مسؤولون تجاريون في الاتحاد الأوروبي انه بعد اكتساب اتفاق الدعم الأوروبي الأمريكي هذا شكله القانوني وقوته التنفيذية ستعفي البلدان الزراعيةالمتقدمة من أي حرج عند مطالبتها للدول الزراعية الفقيرة والضغط عليها بشدة لكي توقف العمل بالتعاريف الجمركية الحمائية التي تفرضها على وارداتها من الحاصلات الزراعية للبلدان المتقدمة.
ويأمل خبراء منظمة التجارة العالمية أن يؤدي هذا الاتفاق الأوروبي الأمريكي الى تدعيم عمليات التبادل التجاري الدولي بالنسبة للسلع الزراعية وتحريك مياه تجارة الحاصلات الراكدة منذ ثلاثة أعوام.
وقد عبر مسؤولو السياسات التجارية في منظمة التجارة العالمية عن أملهم في ان يؤدى هذا الاتفاق الى تشريع تنفيذ مقررات دورة انعقاد وزراء المنظمة التي استضافتها الدوحة هذا العام لتحرير عمليات التبادل التجاري العالمي.
ويقولون انه لو سارت الامور على نحو ايجابي وفق المخطط له فان مقررات تحرير التجارة العالمية التي تمت الموافقة عليها في الدوحة قد تصل الى صورتها النهائية بحلول نهاية العام القادم.
ويقول جاوو خوسيه باتشيو أن الاتفاق على سقف دعم لا يتعدى 5 في المائةمن قيمة تكلفة الانتاج الكلي في أوروبا والولايات المتحدة للمزارعين يعني بالنسبة للاتحاد الأوروبي انفاق 13 مليار يورو في شكل دعم مباشر بعد توسيع رقعة العضوية في الاتحاد الأوروبي الى 25 دولة بحلول العام القادم.
وتجدر الاشارة الى ان حجم الدعم المقدم من حكومات الاتحاد الأوروبي لمزارعيهم يقدر الان بقيمة 20 مليار يورو، وينص الاتفاق المبدئي الأوروبي الأمريكي بشأن سياسات دعم المزارعين كذلك على وجوب تقليص معدلات الدعم المالي الذي يقدم للمزارعين الموجه انتاجهم للتصدير وهو الدعم الذي كان يعطيهم ميزة تنافسية سعرية في مواجهة منتجات مزارعي البلدان النامية.
وهكذا كما ترى مفوضية الاتحاد الأوروبي سيخف الضغط كثيرا عن مزارعي دول العالم النامي وسمنحهم ميزة تنافسية سعرية كبيرة في مواجهة مزارعي العالم المتقدم غير ان ميزة الجودة والكفاءة الفنية لا تزال تمثل ثقلا كبيرا في ميزان المقارنة.
وتجدر الاشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد تخلت عن عمليات الدعم التصديري لمزارعيها منذ منتصف التسعينيات وهي تحث دول العالم على القيام بنفس الشيء.
ويقول روبرت زوليك الممثل التجاري الأمريكي في تصريحات للوول ستريتجورنال ان بلاده لن تمل في المطالبة بالغاء الدعم الذي تقدمه بعض بلدان العالم محصلاتها الزراعية التصديرية.
وتقول الوول ستريت جورنال نقلا عن مصادر زراعية في المفوضية العامة للاتحادالأوروبي ان الاتفاق المبدئي الأوروبي الأمريكي بشأن دعم المزارعين يعتبر انجازا تاريخيا مشهودا حيث انه جاء عقب تعهدات قوية في يونيو الماضي من جانب دول الاتحاد الأوروبي بأن تقلل من عمليات الدعم السعري المرتبط بالتكلفة الانتاجية لمزارعيها في حالة تبنى الولايات المتحدة ودول أخرى مسلكا مشابها.
وكذلك تعهد الاتحاد الأوروبي بلسان دوله الاعضاء على اعادة النظر في المسائل المتعلقة بالتعريفات الاستيرادية ودعم المزارعين المصدرين وكلها اجراءات تستهدف حماية دخول المزارعين الاوروبيين على حساب مزارعي الدول النامية التي لا تستطيع مجاراة الانفاق على دعم المزارعين الذي تقوم به الدول المتقدمة.
ويقول المراقبون ان الاتحاد الأوروبي لن يتخلى كلية عن دعم مزارعيه ولكنه سيلجأ الى نظم اكثر فاعلية لتحفيزهم على العمل شريطة ان يتمتعوا بالدعم الحكومي الذي صار لزاما الا يتجاوز 5 في المائة من كلفة الانتاج.
ومن بين الشروط المحفزة التي يدرس الاتحاد الأوروبي وضعها في الاعتبار عند دعم مزارع معين مدى قدرة المزارع على الحفاظ على الاراضي الزراعية من عوامل التآكل والتعرية والتجريف ومدى ما يقدمه المزارع من استثمارات لحماية وتحسين أوضاع الثروة الحيوانية التي لديه.
ويرى الخبير الزراعي أن جونج جى مدير قطاع منظمة التجارة العالمية في وزارة الزراعة الكورية الجنوبية ان التوجهات الامريكية الاوروبية ليست خيرافي مجملها منبها الى وجود مشاكل عديدة ستبرز عند بداية تطبيق هذه التوجهات.
وأشار الى ان حالة مزارعي بلاده تعتبر مثالا على هذه المشكلات إذ ان كوريا الشمالية تفرض تعاريف استيرادية حمائية على واردات البصل والفلفل وغيره من المنتجات الزراعية كما ان كوريا الجنوبية تحد من عمليات استيراد الارز باتباع نظام الحصص.
وتوقع المسؤول الكوري الجنوبي انه في حالة المساس خفضا بتلك التعريفات الجمركية فان احتجاجات كبيرة بين أوساط المزارعين الكوريين ستحدث، ويرى خبراء الاقتصاد الزراعي الصينيون أن تبنى نموذج الانفاق الأمريكي الأوروبي فيما يتعلق بوضع سقف 5 في المائة لدعم المزارعين سيكون نموذجا يحتذى به عالميا وسيقدم مزايا عديدة للمزارعين الصينيين البالغ عددهم 700 مليون مزارع تأمل الحكومة الصينية أن تؤدى الاتجاهات الحمائية الامريكية الاوروبية المجففة الجديدة الى افادتهم ماليا وزيادة دخولهم من خلال التصدير.
وتجدر الاشارة الى ان الدول النامية ومن بينها الصين كانت قد وافقت بموجب اتفاقيات دورة أوراجواي على خفض التعريفات الاستيرادية على منتجاتهم الزراعية بنسبة تتراوح بين 15 في المائة الى 36 في المائة.
وتجدر الاشارة الى ان حجم تجارة الحاصلات الزراعية العالمي 547 مليار دولار أمريكي في العام 2001 وذلك طبقا للبيانات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية.
|