للمدير غالبا كلمته على موظفيه، يلقي عليهم باللوم حين يخطئون، ويرفع من قدرهم حين يبدعون ولاشك ان للمدير أسلوبه وفاعليته على موظفيه من حيث الأداء سواء بالتشجيع أو عكس ذلك.
ولا شك في أن المدير الفعّال في إدارته وحسن تعامله مع موظفيه يعطي دافعاً قويا للموظفين للانتاج ولكن إذا كان ذلك المدير متعنتاً ومتجبرا فلا يوجد أي انتاجية تذكر في الغالب، وهنا يكمن الخطأ في الإدارة فتجد الموظفين متذمرين دائماً من مديرهم وغير منتجين في أدائهم من كثرة الضغوط وعدم وجود السلاسة في التعامل، مما يؤدي إلى انحدار العمل تقريباً وربما السقوط به إلى الهاوية، وذلك بهروب الموظفين من تلك الإدارات التي يديرها هؤلاء المديرون المتخبطون.
وبطبيعة الحال هنا لا نريد ان نقول ان جميع المديرين ينتهجون هذا المنهاج ولا يسيرون على نفس هذا الدرب الخاطئ، ولكن ذلك للنقد ولمجرد النقد للبعض وربما ينصلح الحال وتتحسن الأحوال الإدارية بعض الشيء، ويبدأ فعلا بالانتاج وليس فقط همه بمراقبة موظفيه وهل يتكلمون عنه بالخير أم بالشر، أو حتى الوقف لبعض موظفيه بأشياء أو معاملات ليس لسبب وإنما لوجود اختلاف في وجهات النظر.
وبخصوص اختلاف وجهات النظر بين المدير والموظف، ربما تكون الخبرة للمدير باتخاذ الرأي غالبا لكن أحياناً تجد الموظف محقاً في رأيه تماما ولا يوجد مجال للمقارنة بين الرأيين، ولكن تجد المدير يتخذ قراره بنفسه حتى لو أدى إلى عواقب وخيمة أحياناً أو نتائج خاطئة، نقول لماذا اتخذ هذا المدير رأيه فقط ولم يلتفت لرأي موظفه الصائب، انه فقط مجرد عناد وأحياناً يكون العناد متبادلا بينهما مع أنه في النهاية تكون الغلبة للمدير.
في جلسة مع الأصدقاء كنا نتداول الحديث حول هذا الموضوع حول المديرين وكيفية التعامل معهم وكيف يتعاملون مع موظفيهم وسأسرد هنا بعضا مما قيل بخصوص شأن المديرين وتعاملهم مع موظفيهم أحد الأصدقاء يقول إنه حضر دورة بعد موافقة مديره الصعبة جدا والتي ضحى من أجلها بحيث أنه يحضر إلى الدورة ثم يعود ويباشر عمله عقب انتهاء الدورة وافق الأخ الموظف على ذلك بتضحية منه وهو بالأصل غير ملزم بالحضور إلى عمله وهو ملتحق في دورة، عندما ذهب إلى هناك أقصد مكان الدورة وجد ان من معه موظفون مثله لكن من قطاعات مختلفة، فبدأ الكل يتكلم عن مميزات مديره، وعندما أتى الدور إليه ليتحدث عن مميزات مديره لم يستطع وقال لهم ان كنتم تريدون ان أقول لكم عن مشاكله فأنا مستعد لذلك لأنه لا توجد مميزات تذكر في ذلك المدير إلا فقط عندما استقبلني موظفا جديدا لديه.
ويقول آخر ويروي مشكلته بالقول ان مديره لا يمكن ان يتفهم أي رأي منه حيث إنه قدم له آراء سهلة ويمكن ان تنفذ حيث يقول ما الفائدة من وجود جهاز الحاسب الآلي على مكتبي من دون استخدامه واستخدام اليد والآلة الحاسبة لحساب الأرقام العملاقة والميزانيات من دون استخدام التقنيات الموجودة والعالية الجودة والتي تعطي دقة في النتائج.
ويأتي الدور للزميل الآخر ويقول طُلب منا كتابة جميع البرامج التي نحتاجها للإدارة حيث أفادوا أنهم سيوفرون تلك البرامج وسوف يرتقون بالعمل إلى الأمام وعندما كتب أنه يحتاج بعض البرامج الاحصائية غير المتوفرة بالاسواق غالبا إلا عن طريق الطلب والتي تكلف ماديا وفعلا بعد فترة وجيزة وفروا تلك البرامج ولكن لم يعط أي نسخة له وإنما أعطيت إلى موظفين ليس لهم علاقة بالاحصاء بتاتا إذاً ما الفائدة من تلك التكاليف؟؟!!
وفي نفس الحال يتكلم أحدهم ويقول أتيحت لي فرصة تكملة دراستي والحصول على درجة الماجستير ولكن قوبلت بالرفض من قبل مديري وعندما سألته عن الأسباب والرفض قال لماذا نفتح بابا نحن في غنى عنه، وهو يقصد بذلك ان كل الموظفين بعدك يريدون ذلك وعندما حاججته بذلك وقلت له لم يطلب منك أحد من قبل ذلك، ولكن أصر على ذلك مع وجود التضحية من قبلي بعدم التفرغ الكامل لدراسة الماجستير، ولكن مع كل ذلك أصر بالرفض التام على ذلك.
وحول نفس المشكلة وهي مشكلة إكمال الدراسة يسرد صاحبنا الآخر قصته مع مديره حيث يقول قوبل طلبي بإكمال دراستي بالرفض التام من قبل مديري وعندما سألته عن الأسباب في كل مرة يقول سبباً مختلفا عن المرة التي قبلها فمرة يقول أنت إلى الآن لم تقدم أو تعط القسم شيئاً يستحقه ليشفع لك بإكمال الدراسة مع العلم، والكلام لصاحبنا، يقول ان حضوري وانصرافي بوقته ونظامي ومهامي الوظيفية انجزها أولا بأول، إذاً ماذا يريدني ان اخترع؟؟!! وهناك أسباب أخرى للمدير حول موضوع إكمال دراسته وهي لماذا نفتح الباب لموظفين آخرين، إذا لم نفتح الباب للموظف أو لموظفين آخرين متى سيكون بيننا العلماء؟ ومتى سيكون بيننا المتعلمون؟ ومتى سنخرج وننتج أجيالاً يمكن ان تتحاور وتتصارع فعلا مع الحضارات ومع التكنولوجيا المختلفة والمتطورة والسريعة في هذا العالم أم أننا نظل صامتين ونتقدم خطوة ونتراجع خطوتين؟
إن الأمور لم تقف عند هذا الحد فقط وإنما وصلت إلى الإجازات السنوية فبعض المديرين هو الذي يضع للموظف إجازته السنوية وبدون اي نقاش حول هذا الموضوع من الموظف أو حتى ان ناقشه، ناقشه فقط لمجرد المناقشة ليس إلا وهو مصر على كلامه، وأحياناً يتقدم الموظف بإجازته السنوية فتجد مديره يقول له لماذا لا تقدم إجازتك أو تؤخرها وهو ليس له هدف من ذلك سوى إبداء رأيه كونه مديراً له.
عجبا وأقول عجباً من بعض هذه الروايات عن المديرين التي لا تفيد بتقدم العمل أو تطوره ولا بالرقي بالأمة والوصول بها إلى القمة فما الفائدة من التعقيد وما الفائدة من عدم إعطاء الموظفين فرصا للتعبير عن آرائهم أو حتى يتنفسوا أحياناً، إنه غالباً خوف بعض المديرين على مناصبهم وان أحدا من موظفيهم ربما مستقبلا يأخذ كرسيه.
وكلامنا سابقاً لا يعني أنه لا يوجد مديرون أكفاء بل على العكس تماماً هناك من يريد الوصول إلى القمة فعلا ويسعى إليها جاهدا بكل طاقاته وما أتيح له من إمكانات فالشكر لهم وإلى الأمام وأتمنى من غيرهم ان يلحقوا بركبهم.
عبدالرزاق بن محمد الناصر
باحث إحصاء طبي
|