إلى قبل سنوات ليست بعيدةً.. كانت مساهمة رجال الأعمال وعموم التجار في مشاريع وطنية أو اجتماعية.. مساهمة تكاد تكون مفقودة.. إن لم تكن مفقودة بالفعل..
** كان التجار غائبين تماماً عن أي مشروع وطني أو اجتماعي.. وكان حضورهم كمساهم أو داعم أو محتضن لهذا المشروع أو ذاك.. معدوماً تماماً..
** كان التجار يرون أن أموالهم لهم فقط.. وأنه من المستحيل أو ربَّما من العيب أو من الخطأ أو من الهدر.. أن يسهموا.. في أي مشروع من هذا القبيل.. حتى لو احتاج منزل أحدهم إلى «لمبة» على الشارع وأمام منزله.. أو في سقف مدخل منزله.. اتصل بالبلدية وأقلقهم وأزعج المسؤولين من أجل هذه «اللمبة» التي لا تتجاوز قيمتها ثلاثة ريالات.. لأن هؤلاء التجار.. لم يتعودوا شيئاً من ذلك أبداً.. ويظنون أنهم مسؤولون عما بداخل منازلهم فقط..
** وقبل سنوات.. زرت أحد التجار في منزله.. فوجدته يستشيط غضباً.. لأنه طلب من البلدية زفلتة بعض الحفر أمام منزله.. تجتمع فيها السيول.. ووجدته يعقب ويتابع و«يصارخ»..
** وجدته غاضباً جداً من تأخر البلدية.. وبعدما حضرت البلدية تُرافق الشركة المسؤولة عن الرصف والزفلتة التابعة للبلدية.. سألت مندوب الشركة.. كم يكلف تزفيت مثل هذه «الحفيرات» قال.. حوالي ثلاثمائة ريال فقط لا غير.. وعندها.. سألت نفسي.. لماذا لم يتصل هذا المليونير بالشركة ويعطيهم هذا المبلغ البسيط ويريح نفسه - قبل البلدية - من العناء والمشقة والتعب والصراخ ورفع الضغط.. لكنه لم يتعود شيئاً من ذلك.. ونحن لا ندري من المسؤول عن هذا.. هو ذلك الشخص ومثله.. لأنهم أنانيون.. أم أن الجهات الحكومية.. هي المسؤولة... لأنها هي التي دلَّلت هؤلاء وحوَّلتهم إلى سلبيين وأنانيين؟!
** وهناك حالات مماثلة سابقة في التشجير والإنارة والرصف وإزالة المخلفات وأشياء أخرى لا يمكن لأحد أن يتبرع ويبادر لإصلاحها.. لأنه يعتقد أنها مسؤولية البلدية فقط..
** وهكذا عندما يقف شخص في طابور وزحمة ومشاكل صيدلية حكومية ليحصل على دواء ليس مهماً.. مثل مسكِّن أو مهدئ أو ما شابهه.. وهو يباع في الصيدلية «الخارجية التجارية» بريالين أو قل: عشرة ريالات.. مع أن المبلغ لا يشكل له أي أهمية..
** إنني أعرف أناساً أحوالهم المادية جيدة جداً.. متى احتاج إلى مسكِّن ذهب للمركز الصحي الحكومي بدلاً من أن يشتريه بريال ونصف ريال من الصيدلية..
** الدولة.. لم تقصر ولن تقصر أبداً على المواطن.. ولا على التاجر.. فهي تضخ بسخاء منذ تأسيسها حتى اليوم وهاجسها وهمها.. المواطن أولاً وأخيراً..
** والدولة.. لم تفكر يوماً في فرض رسوم أو ضرائب على التجار أبداً.. ولم تتدخل في التجارة أبداً.. بل جعلتها تجارة حرة.. بل وساندت ودعَّمت التجار عبر إعانات وقروض ميسَّرة..
** الدولة.. ليست عاجزة أبداً.. وقد سخَّرت كل دخولها من أجل رفاهية المواطن..
** ولكن.. أليس على المواطن الثري.. الذي اكتسب ثراءه من الدولة.. أليس عليه واجبات؟!.
** قبل سنين ليست بعيدة.. الأغلبية من التجار يتعاملون بسلبية كبيرة..
** بالأمس.. عندما نكتب عن هذا الموضوع يستخفه بعض.. بل أكثر التجار.. ولا يعقب ولا يرد علينا أحد..
** أما اليوم.. فقد اختلف الوضع.. وأصبحت المبادرات الوطنية ليست مقصورة على التجار فقط.. بل تعدتهم إلى وجهاء غير تجار.. وإلى أشخاص عاديين.. فالكثير أحسوا بدورهم.. وترجم ذلك إلى أعمال وطنية جليلة.. قدمها هؤلاء التجار وغيرهم.. وأسهموا إسهامات جيدة.. وبدأت الفكرة السابقة تذوب أو هي توشك على الانتهاء.. ولو أن البعض.. يساهم وكأنه مغصوب ولن نقول شيئاً عن هؤلاء «البعض» لأنهم على «جْرِيْف» و«نخاف نْحرِّك».. نِبْلَشْ».
|