لطبيعة الاقتصاد السعودي الخاصة التي ترتبط بالنفط كمصدر أساسي وأول للإيرادات والتي تشكل ما نسبته 80% للدولة، والباقي للمصادرالأخرى، فإن أكثر ما يؤثر بسوق الأسهم السعودي هو النفط حتى أصبح ارتباطاً وثيقاً لا شك فيه، حيث إذا ارتفع مستوى الإنتاج والسعر زادت بالتالي الإيرادات للموازنة وبالتالي تحسن وضع الميزانية العامة للدولة من خلال تقلص العجز أو حتى تحقيق فائض مالي، أو من خلال زيادة الإنفاق الحكومي في الاقتصاد المحلي الذي بالتالي يسرع ويدفع الاقتصاد الوطني للنمو، وارتفاع مستوى السيولة وتقلص البطالة ويكون التأثير ملموساً على الناتج القومي الوطني ويرتبط أيضاً من خلال ذلك القطاع الخاص الذي يرتبط بقطاعات الدولة.
أن أسعار النفط منذ بداية هذا العام الميلادي وهي مرتفعة، وإذا أردنا أن نأخذ السعر كمتوسط حتى نهاية شهر يوليو لهذا العام فإن متوسط ذلك يقارب 32 دولاراً، والظروف السياسية والاقتصادية ساعدت على ذلك وفهناك العمليات الإرهابية في العالم ككل وما تخلقه من قلق نفسي طبيعي تؤديه هذه التفجيرات التي تتم، وأيضاً الحرب الأمريكية ضد العراق وخاصة بمنطقة تعتبر الأكثر حساسية ومخزوناً نفطياً وهي منطقة الخليج، وكذلك ظروف الإضراب في فنزويلا والظروف القبلية في نيجيريا تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع حتى لتخوف العالم الصناعي وحتى الشرق الآسيوي من تأثر الإمدادات خلال هذه الأزمات. وهناك الظروف الاقتصادية التي زادت من الطلب على النفط وهو نمو سنوي يتحقق بنسبة تصل من 500 - 700 برميل، وفي ظل تناقص مخزونات كثير من الدول حتى الخليجية منها عدا المملكة والعراق الأكبر مخزونا في العالم بكميات تصل 265 و 110 بليون برميل على التوالي وقابلة للزيادة بنسب عالية جداً، ولا يغيب عن الذكر أن نفط العراق مازال يعاني من تعطل إنتاجه وهو بحده الأدنى ويواجه قلقا سياسيا يحبط أي عمليات اصلاح نفطي للتصدير فخلال الأسابيع الماضية نجد تكرار تفجيرات خطوط الإمدادات النفطية سواء من كركوك أو الموصل وهي تعبر الحدود العراقية إلى تركيا وسوريا وهي تواجه مصاعب مستمرة لم تنته ويبدو أنها ستستمر حتى يستقر العراق ككل وهذا قد تحتاج سنوات في ظل الاحتلال الأمريكي لم يحدد نهاية له، كل هذه العوامل تدفع أسعار النفط للارتفاع فهي خليط من الظروف السياسية والاقتصادية تجانست مع بعضها وشكلت دفعا قوياً لسعر النفط بالارتفاع ولا يلوح بالأفق على الأقل حتى نهاية العام أن سعر النفط سيقل عن متوسط سعري 32 دولاراً وإن كانت الأوبك تستهدف سعراً عادلاً لها وللمستهلكين بنطاق سعري بين 22 و 28 دولار أمريكي، وبرغم تصريحات رئيس المنظمة القطري عبد الله العطية والتي أكد على رغبة أوبك بالحفاظ على النطاق السعري عند مستوى إنتاج 5 ،24 مليون برميل، إلا ان الظروف السياسية في العراق وأندونيسيا والإرهاب الدولي قد لا تحافظ على سعر نفطي عند أقل مستوى من التذبذب وهو في صالح الدول المنتجة.
حين يتم ربط هذه الظروف السياسية الدولية والاقتصادية لدينا هنا بالمملكة، فاننا نتوقع ارتفاعا في إيرادات الدولة موازنتها وما سينعكس على الوضع الاقتصادي لدينا ولكن سأركز هنا على سوق الأسهم السعودي الذي أصبح يلامس 4000 نقطة أو يكون قد وصل لها مع نشر هذه المقالة، حيث أصبح الجميع يتطلع للوصول عند 4000 نقطة حتى أصبحت حاجزا نفسياً وينتظر ماذا بعد 4000 نقطة؟!، وأضيف هنا، أن مستوى الدخل العام للدولة من خلال الإيرادات النفطية العالية، عودة كثير من رؤوس الأموال، وقلة الأوعية الاستثمارية وانخفاض سعر الفائدة ونتائج الشركات المميزة وارتفاع السيولة مقارنة بالعام الماضي بنسبة 13% وغيرها من المتغيرات التي سبق الحديث عنها بمقالات سابقة هنا بهذه الصحيفة، فمن خلال قراءة تحليلة كمتابع ومهتم بالسوق السعودي للأسهم فإن كل المؤشرات والمعطيات الحقيقة والتي تستند على أرضية حقيقية تؤكد على وصول المؤشر ال 4000 نقطة بل ستتجاوز ذلك ولن أضع أرقاماً وهي تقديرات شخصية مبنية على تحليل علمي حقيقي، وهي تحتاج وقتاً لتحقيق ذلك وهي ترتفع بالمؤشر مع اقتراب نهاية العام والنتائج الإيجابية التي ستظهر على مستوى الموازنة العامة ونتائج الشركات وخاصة القيادية منها كشركة سابك والاتصالات والكهرباء والبنوك والأسمنتات وغيرها من الأسهم في قطاع الصناعة والخدمات بنسب أقل كثيراً.
يجب أن ندرك تماماً أن سوق الأسهم السعودي يمر بحالة مفترق طرق لن يتراجع عنها وأن حدث تراجع أو تذبذب ما بين فترة وأخرى لكن بصورة عامة وكنسب وأرقام ربع سنوية ونصف سنوية فاننا نجد نمواً حقيقياً يستند لقوة الشركات كواقع ملموس من خلال الأرباح التي تعلن أو توزع أو أسهم توزع أو زيادة رؤوس الأموال، وأن حدث مبالغات في أسهم بعض الشركات برغم عدم وجود مبرر لارتفاعها لا من حيث النتائج المالية أو غيره فهي مجرد مضاربات يمارسها الكبار وصناع السوق بكل احتراف وذكاء وتمكن، وستعود أسهم المضاربة لقواعدها وأسعارها بعد انتهاء المضاربة عليها، وسيبقى القيادي منها التي ستكون المراهنة عليها رابحة على المدى المتوسط.ان مؤشر سوق الأسهم السعودي ارتفع مقارنة ببداية العام بنسبة 42%، وقد يأتي آخر العام ليتجاوز 50% ولن يكون مستغرباً، فكل المعطيات تشير لذلك، وعلى أرضية صلبة حقيقية، وهناك ضخ كبير جداً من الأموال في السوق وتداول يتجاوز يومياً 10 ملايين سهم وبمليارات الريالات يومياً، لقد أصبحت السوق السعودية أكثر خبرة وتمكن وصلابة وهي تحتاج الآن للسوق المالي ليعزز هذه القوة والحضور كسوق ناشئة هي الأكبر، وكل ذلك ينعكس على الاقتصاد السعودي ليزيده قوة وعمقاً وبإصلاحات اقتصادية ملموسة تعزز هذا النمو بكل ثقة.
|