قياداتنا التربوية في حالة انشغال مستمر مع تحدي صناعة القرار التربوي التعليمي الذي يحقق اعظم الفوائد بأقل التكاليف وهنا نسأل: ماهي المرجعية التي تلجأ اليها قيادات التعليم لكي تصنع في ضوئها قرارها التربوي؟ اجيبكم بالقول بأن القرار التربوي يصنع عادة في ضوء ما يقوله الخبراء من جهة وما توصي به البحوث التربوية من جهة اخرى.
اذن، فالبحوث التربوية يفترض ان تكون منارة يهتدي بها القيادي التربوي عندما يكون بصدد اتخاذ قرار يمس حياة جيل بأكمله. والحقيقة ان ترجمة وتحويل نتائج وتوصيات البحوث الحقيقية الى اداء تربوي داخل الفصل اصبح سمة العالم المتقدم. ولأننا هنا غالبا ما ننشغل بالشكل على حساب المضمون، فقد ظهر علينا في الآونة الاخيرة سيل جارف من البحوث التربوية التي لا يبحث اصحابها عن اكثر من تحسين وضعهم المادي وتلميع صورهم الاجتماعية، اما تطوير طرائقنا التربوية ورفع فاعلية الاداء التربوي فيغيب تماما عن اذهان باحثينا - الا من رحم ربك. لقد ظهرت علينا بحوث تربوية - او هكذا تسمى - تبني نتائجها وتوصياتها على مجرد استفتاء الناس «استبانات» وجمع استجاباتهم ووضعها في شكل نسب مئوية. المعروف ان هذه الاستبانات تستخدم غالبا لرصد الرأي العام ومعرفة توجهاته على العموم، أما ان نبني عليها قراراً تربوياً وطنياً فتلك مسألة فيها نظر. اني اتوجه في هذا المقام الى هيئات البحث العلمي لدينا بطلب وضع حد يقلل من لجوء الباحثين الى هذا النمط من البحوث التربوية.
( * ) كلية المعلمين بالرياض
|