سرت عدوى مكاتب العقار بكثرة انتشارها في المطابخ فأصبح كل شارع يشكل صفوفا متقاربة من هذه المطابخ.. وشيء جميل ان تتوافر في البلاد مثل هذه الأشياء إذا ما التزم أصحاب هذه المطابخ بالأمانة والتعقل في وضع الأسعار وابتعدوا عن الغش فيما يطهونه للناس، فنتائج الغش ذميمة، ولها انعكاسات سيئة على سمعة المطبخ وتعريض صاحبه إلى أشد العقوبات أمام المسؤولين، فمنذ أيام حدثني أكثر من صديق عن ملاحظاته على الغش الذي بدأ ينهجه بعض ضعاف النفوس من أصحاب المطابخ وكمثال موجز أراد إنسان ان يطبخ «غداء ضيوفه عند أحد أصحاب هذه المطابخ» وأحضر له «كبشا» وأبلغه المواصفات التي يحتاج لها من رز.. وقرصان، وجريش وتوابع ذلك، فلما جاء موعد استلام الغداء وقدمه لضيوفه وجد ان الطباخ لم يضع طبقة كبيرة من القرصان، وقد حشا «البادية» رزاً حتى يبدو للرائي ان الإناء محشو طبق مواصفاته بالاضافة الى ان البيض المسلوق غير ناضج.. ونقص في اللحم ومر الموقف أمام ضيوفه بسلام.
فلما سأل صاحبنا الطباخ عن هذه النواقص أجابه بكل صفاقة هذه عادتنا.. كل الناس لم يلاحظوا ذلك.
ضع عنوانك.. سنتصل بك
عجيب أمر هذا الطباخ وعلاوة على وجود هذه النواقص.. تكاليف الاتعاب بلغت مائة وعشرين ريالاً لفتت الاهتمام، وعودة الى الأمانة والتعقل ايها الطباخون حتى لا تشوهوا بضاعتكم.
مضى على صاحبي عام ونيف وهو يدور صباح مساء على الشركات.. والمؤسسات والمكاتب الصغيرة بحثا عن عمل يقتات من ورائه فكل يوم يتأبط شهاداته وأوراقه، وقد طبع عشرات الصور الفوتوغرافية لشهاداته الأصلية ووزع هذه الصور على هذه الشركات والمؤسسات، وكلما سلم المؤهلات المطلوبة أجابه الموظف بقوله التقليدي: ضع عنوانك كاملا وسنتصل بك، ويصدق صاحبنا هذه العبارة ويذهب الى داره مسروراً متنقلاً ما بين الباب والهاتف وسائلاً أهله وموصيهم بأن يتنبهوا جيداً إذا اتصلت به الشركة الفلانية او المؤسسة العلانية عليهم ابلاغه فوراً وعدم النسيان وحتى كتابة هذه السطور وصاحبي لا يزال يواصل سعيه، فعسى الله أن يحقق مناه.ثم لا أدري لماذا هذه الشركات.. أو المؤسسات لا تكون صريحة مع مواطنيها بدلا من المواعيد التي لا تخدم مصلحتها وتقلل من قيمتها اضافة الى حرمان بعض المواطنين من خدمة بلادهم في هذه الحقول كان الله في العون.
صغائر
النفاق عادة ذميمة وقبيحة ينهى عنه الله ورسوله ورغم ذلك فلا يزال ضارباً اطنابه عند بعض ضعاف النفوس والعياذ بالله.
ان هذه العادة ان حققت لك يوما أملاً، فلا بد انك ستنكشف فيما بعد لانها مركب خادع.
- بات أكل لحوم الناس فيما بينهم شيئاً طبيعياً.. وعادة مألوفة فلا تغشى مجتمعاً الا وهذه مادة نقاشهم.. ومحور حديثهم دون خشية.. أو حياء.. حرام يا ناس..
قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
|
وما أكثر الأصحاب حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
ولا خير في ود امرئ متلون
إذا الريح مالت مال حيث تميل
|
| 
