* أبها أمل القحطاني:
إن مصطلح «الافتقار أو الفقر الثقافي» مصطلح جديد اكتسب معناه ودلائله من واقع يعيشه الشباب من الجنسين حيث يصعب على الشاب أو الشابة الحديث وبطلاقه عن أي موضوع سياسي أو ثقافي أو ديني أو اجتماعي أو صحي.. بل وأصبحت الأحاديث والنقاشات السائدة بين الشباب من الجنسين في الأمور الحياتية المختلفة، كالحديث عن اليوم السابق وما أجري فيه من مكالمات هاتفية أو وجبات طعام أو ولائم ومناسبات مما يدل على أن الشباب لا يبحثون إلا على السطحيات في الحياة، والجزيرة هنا تبحث جوانب الموضوع بمشاركة المختصين..
نصائح تثقيفية
* الدكتور/ سعد السويلم أستاذ الأدب الأمريكي بجامعة الملك خالد بأبها والكاتب والصحفي يؤكد على أهمية اكتساب الثقافة المتنوعة والمتعددة للشباب بأي وسيلة ممكنة ليصبح لديهم مخزون ثقافي وفكري مميز، ويؤكد السويلم ضعف المستوى الثقافي المتعدد لدى الشباب من الجنسين لأسباب كثيرة لعل من أهمها وأبرزها المحيط الاجتماعي للفرد، فكلما كان المحيط أقل توعية وأكثر حرصا على تداول الأخبار اليومية الاعتيادية في المجالس ومع الابناء كان هناك ضعف اهتمام وحرص في اكتساب التوعية الثقافية الشاملة، وأشار إلى أن هذا المخزون الثقافي يمكن تشكيله لدى الشباب بجنسيه من خلال الآتي:
* التعليم حيث يفتح المجال للشباب الباحثين لطرح آرائهم المختلفة في المناهج التعليمية وما أهم المعلومات التي ينبغي أن تتضمنها المناهج التعليمية سواء كانت ثقافية دينية اجتماعية صحية جغرافية تاريخية وغيرها.. مع أهمية ملاحظة الاختصار والعرض بطريقة سلسة ومميزة بحيث لا يتمكن الطالب من نسيانها.
* عن طريق القنوات الفضائية التي تفتقد في غالبها إلى النوعية الثقافية المختلفة والتركيز على ثقافات محددة يجعل الشباب يركزون عليها ويهتمون بها كالرياضة والفن فقط.
* من خلال قنوات التلفزيون العامة كما في الولايات المتحدة الامريكية التي تقدّم برامج معلوماتية متعددة ومتنوعة في التاريخ والأدب وغيرها من العلوم المفيدة والتي تثري الجانب الثقافي لدى المجتمع.
* كما يقع على عاتق وسائل الاعلام الكثير من المسؤوليات بحيث تكون وسائل إعلام موجهة وتحرص على اهتمامات الشباب وتقديمها بشكل مختلف لجذب أكبر شريحة أو عدد من الشباب.
* الأسرة: حيث تلعب دوراً هاماً في تكوين شخصية الشاب وثقافته فكلما حرصت الاسرة على تثقيف ابنائها من خلال تعاملها المباشر فالأب ينبغي عليه أن يتحدث مع ابنائه عن وقائع الاحداث والمستجدات المحيطة أو تناول كتاب أو مجلة معينة، كذلك الأمر بالنسبة للأم كل هذا يمكن من خلاله إيجاد أجيال مثقفة واعية في جميع المجالات.
ثقافات مربكة
* الكاتبة والإعلامية السعودية (إيمان عبدالله) تقول: أعتقد بأن الوضع الحالي لثقافة الشباب يعتمد بشكل كبير على الثقافات المعلبة والتي تأتي مستوردة إما من داخل مجتمعهم ممزوجة بما يفرضه عليهم المجتمع المحيط (الاسرة، المدرسة، الاصحاب) أو من الخارج الذي يختلف اختلافاً كلياً عن مضامين ومفاهيم الثقافة الإسلامية لذلك تجدهم مذبذبين بين ما يفرضه عليهم مجتمعهم وما يفرضه عليهم مصطلح (العولمة) والذي بدوره أصبح غير مفهوم عند فئة من الشباب فحين تتصل بشبكة الإنترنت فأنت متعولم ولا تعني العولمة بمصطلحها الفضفاض فرض وهيمنة ثقافات الآخرين على الأفراد فالثقافة لا تختص بأمة واحدة ولكن المرجعية الثقافية لتلك الأمة هي من الثوابت التي لا ينبغي تغييرها عن مسارها الصحيح والقويم.
أما عن كيفية تطوير ثقافة الأجيال ودعمها فتأتي عن طريق أمرين لا ينبغي اغفالهما: الأول: عن طريق الاسرة من خلال غرس مبادئ الدين الصحيحة وتعويد الابناء على المناقشة وبث روح التساؤل الدائم بينهم حتى ينشأوا ولديهم الرغبة في التعليم والمعرفة.
أما الدور الثاني والمهم جداً فهو دور المؤسسات التعليمية متمثلة في المدرسة والجامعة أو المعهد أو الكلية والتي تتحمل مسؤولية بناء أفراد مسئولين أي أن المعلم لا يجب أن يعتمد بشكل كلي على المنهج الذي أثير حوله الكثير من الجدل هذه الأيام وتم الاتفاق من قبل مكتب التربية لدول الخليج العربي على تطوير مناهج التعليم بما في ذلك المنشآت التعليمية وطرق التعليم إذن لابد لنا من اعادة حساباتنا والنظر بشكل جدي إلى ما نستطيع تقديمه فالأمر لا يستهان به فمسؤولية بناء جيل مثقف أمر ديني قبل أن يكون أمراً وطنياً.
المنهج التعليمي لا يكفي
* الدكتورة (سهام العبدالله) تشير إلى أن هناك ظاهرة وسمة مميزة بين الأوساط الشبابية من الجنسين وهي ظاهرة الاهتمام بالشكليات أو ما يسمى (بالسطحيات) حيث ان الشاب تعوّد من خلال أسرته ومن خلال المجتمع أن يكون محور حديثه في المجالس عن الاحداث اليومية والمغامرات وقصص الأفلام، كذلك الأمر بالنسبة للفتيات وتركيزهن بشكل كبير على الموضة والأزياء والتقليد، بل الاهتمام بنقل الكلام وأمور أخرى حيث أصبحت محور اهتمامهن وتركيزهن فلا يحرصن على تثقيف أنفسهن من خلال القراءة المنوعة للكتب والصحف والمجلات الجيدة والهادفة.
وتؤكد الدكتورة (سهام) أن تكوين جيل مثقف واع يتطلب أولاً وقبل كل شيء حرص الوالدين على تعويد الطفل على القراءة والاهتمام بالموضوعات المتعددة دون الاهتمام للاحاديث اليومية ومجريات الأحداث الاعتيادية.
كذلك تقع المسئولية على المدرسة من خلال المعلمين والمعلمات والتركيز على مبدأ أن المنهج التعليمي لا يعد مصدراً كافياً لاكتساب المعلومات والخبرات، كما يمكن للمعلمين والمعلمات طلب بحوث صغيرة لمعلومات من الطلاب والطالبات والبحث عنها من مكتبة المدرسة، كذلك اجراء مسابقات ثقافية للحث على القراءة والاطلاع، وأكدت على أهمية تطبيق احد الأنظمة التعليمية العالمية التي تتمثل في الزام كل طالب وطالبة بقراءة كتاب معين في فصل الصيف وتقديم ملخص له.
* وفي هذا الصدد تشير (عبير) طالبة جامعية من كلية التربية الى ان الأمة الإسلامية تحتاج إلى شباب وشابات مثقفين ومثقفات ثقافة نافعة.. سواء كانت ثقافة دينية أو علمية أو طبية أو تاريخية وغيرها الكثير الكثير كل على حسب امكاناته حتى يصل آخر المطاف إلى ثقافة شاملة في مختلف المجالات مما يؤدي
الى رفعة الأمة الإسلامية وتقدمها.
|