للتربية والتعليم أهداف تنطلق من عقيدة كل أمة وفلسفتها للحياة..
وإن من أهداف التعليم في الأمة الإسلامية ما يلي:
1- تربية النشء تربية أصيلة وليست دخيلة، بل تنطلق من عقيدتنا ومبادئنا.. تجسد هويتنا وتحقق غاياتنا.
2- إعداد جيل واع متزن يدرك مصالحه الحقيقية وما يضادها أو يضعفها.
3- تنويع التخصصات بحيث تشمل جميع ما يحتاجه الوطن منها، بل ينبغي الا نغفل عن مصلحة أمتنا الإسلامية فيما تحتاجه من تلك التخصصات.
4- ألا يطغى بعض تلك التخصصات على بعض فتميل الكفة لبعضها على حساب بعض سواء في الدعم المادي او في إنشاء الأقسام والفروع او في المناهج او في الساعات الدراسية او غيرها، بل حتى في رسم الصور لبعض تلك التخصصات في المجتمع حيث قد لا تلقى من الاهتمام والدعاية ما لغيرها مما يجعل الشباب يعزفون عنها كالتخصصات المهنية مثلا مع أن قطاعا كبيرا من الطلاب قد لا ينجح في الدراسات النظرية لكنه قد يدرك درجة الإبداع في تخصصات اخرى. وهذا يعني فتح الابواب وإتاحة الفرص لوصول الطالب لتلك التخصصات.
5- إن النظرة الإسلامية للتعليم حسب اجتهادي تعني أننا نعطي المواد الشرعية ثقلا كبيرا في مراحل التعليم وفي جميع تخصصاته دون استثناء، ذلك أننا لا ننطلق من هذه الأهمية من حاجتنا إلى ذلك التخصص في المجتمع او في الأمة فحسب، ولكننا ننطلق من حاجة الطالب لذلك التأسيس المهم على قدر معين من العلوم الشرعية كحد أدنى لا يمكن الإخلال به.
وقد جاء عند ابن ماجة عن انس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« طلب العلم فريضة على كل مسلم» صححه الألباني.
وقد بين أهل العلم ما يجب من طلب العلم وهو تعلم ما وجب على العبد مما يتعلق بأصول العقيدة والعبادات وما يحتاجه من المعاملات ونحوها.
وحينئذ فلابد أن يشتمل برنامج التعليم وأن تهدف مناهجه لسد هذاالعلم الواجب في حق كل مسلم ومسلمة، ثم يبقى ذلك مجال التخصص في العلوم الشرعية لتخريج ما يحتاجه المجتمع وتحتاجه الامة من أصحاب تلك التخصصات كالقضاة ومدرسي العلوم الشرعية والمفتين والباحثين والمستشارين الشرعيين وأمثالهم.
ولو استعرضنا التاريخ يوم عزتنا ويوم كانت لنا الصولة والجولة في العلوم كلها، فقد كان طلبة العلم في جميع التخصصات إنما ينطلقون من المسجد، وينشأون على العلم الشرعي اولا، وخذ ما شئت من تراجم الأطباء وأهل النحو والأدب وأهل الفلك والفيزياء وغيرهم.
ولا أود الإطالة في تقرير هذا الأمر والإشارة الى الآثار التي ظهرت ممن سلبوا هذا الحق من مناهج التعليم في بعض البلاد الإسلامية فأخلوها من المواد الشرعية سوى فتات يسير لا يسد من حاجة الطالب إلى هذا العلم ولا بنسبة 25%.
بل أصبحت لدى البعض في مناهجهم مواد اختيارية او تكميلية لا اثر لها في المعدل مما يجعل الإعراض عنها والتهاون بها حليفها دائما.
6- قال تعالى: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا ادًخٍلٍوا فٌي السٌَلًمٌ كّافَّةْ} اي خذوا بالإسلام كله ولا تأخذوا بجانب دون الآخر.
وقال سبحانه:{أّفّتٍؤًمٌنٍونّ بٌبّعًضٌ پًكٌتّابٌ $ّتّكًفٍرٍونّ بٌبّعًضُ فّمّا جّزّاءٍ مّن يّفًعّلٍ ذّلٌكّ مٌنكٍمً إلاَّ خٌزًيِ فٌي پًحّيّاةٌ پدٍَنًيّا}، وهكذا منهج السلم هو عدم التنازل عن أصول هذا الدين واسسه، وهو منهج مطرد في جميع نواحي الحياة ومنه التعليم حيث يجب الاخذ بما تقتضيه الشريعة فيه دون أن يكون مجال فيه خارجا عن سلطة الشريعة.
7- العناية بالمتميزين ومراعاة الفروق الفردية، ومراعاة هذا التميز في جميع العلوم، مع عدم الإضرار بغيرهم.
ورعاية الموهوبين إنما تتم حسب ما يخدمنا ويخدم أهدافنا المشار إليها.
8- العمل وفق خصوصياتنا ومبادئنا وعدم التنكر لنتاج اسلافنا حتى في مناهج التعليم واساليبه. فليس بالضرورة أن يكون ما توصل إليه الغرب او الشرق او التجربة الامريكية او اليابانية مما يصلح لنا ويناسب مجتمعاتنا بل وربما حتى التكوين «الشخصي» إن صح التعبير.
مثال ذلك أن الحفظ لا موقع له في النظريات الحديثة للتعليم.
وهذا في نظري انقلاب تام على منهج مهم من مناهج التعليم، ونحن أمة حفظ قد امتازت بذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:« إنا أمة امية لا نكتب ولا نحسب»، متفق عليه، وفي الحديث القدسي:« وانزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظان». اخرجه مسلم.
وجاء وصف الأمة في الكتب المتقدمة أن اناجيلهم في صدورهم. فهل نجعل ما تميز به نقيصة ونتنكر له وننقلب عليه ونتخلى عنه؟
اننا نرى أن الفهم كما هو مهم فالحفظ كذلك مثله ولابد لكل منهما في العملية التعليمية.
9- إن تمسكنا بمبادئنا واصالتنا وخصوصيتنا لا يمنعنا من الاستفادة من تجارب الآخرين ولكن من غير تبعية ومن غير إعجاب بهم ينقلب إزدراء لتراثنا وتاريخنا وحضارتنا، ومن غير تسليم مطلق، بل يجب أن يمر ذلك من خلال أكثر من جهاز تصفية اولها لتصفية ما يعارض الشريعة ثانيها لتصفيته مما يعارض طبيعتنا وتكويننا ثالثها لتصفيته مما يعارض قدراتنا وإمكاناتنا.
( * ) بريدة
|