* باريس - أ ش أ:
لقيت اقتصاديات دول منطقة اليورو ضربة جديدة في طريق تحقيق أي تقدم خلال المرحلة القادمة بعد ان كشفت تقارير رسمية حدوث انكماش في الاقتصاد الفرنسي خلال الربع الثاني من العام الجاري لأول مرة منذ عام 1996 وذلك بعدأن أعلنت كل من المانيا وإيطاليا تراجع معدلات النمو لديها وسط توقعات باستمرارحالة الركود.
وتأتي حالة الانكماش التي يعيشها الاقتصاد الاوروبي في دول منطقة اليورو الاثنتي عشرة التي يبلغ حجمها ثمانية تريليونات دولار في الوقت الذي حقق فيه الاقتصاد الياباني ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية معدل نمو بلغ 6 ،0 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي وبمعدل نمو سنوى بلغ 4 ،2 في المائة للاقتصاد الأمريكي.وذكرت تقارير رسمية صادرة عن مكتب الإحصاء الفرنسي أن الحجم الكلي للناتج الفرنسي قد انكمش بنسبة 3 ،0 في المائة خلال تلك الفترة في الوقت الذي يرى فيه مكتب الاحصاء بدول الاتحاد الأوروبي أن اقتصاديات دول منطقة اليورو ربما تشهد استمرارا لحالة الركود خلال الفترة القادمة رغم الارتفاع الكبير الذي سجله اليورو منذ عام 1999م.
وكشفت التقارير ان الاقتصاد الفرنسي ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا قد سجل تراجعا ملحوظا خلال الربع الثاني من العام الجاري ليدفع باقتصاديات دول منطقة اليورو إلى السقوط في دوامة الركود وسط هبوط حاد في قيمة الدولار الأمريكي وانحسار حجم الصادرات وانخفاض معدلات الانفاق الاستهلاكي.وقال محللون اقتصاديون ان ارتفاع معدلات البطالة والهبوط في أحجام الصادرات دفعت باقتصاديات منطقة اليورو إلى التخلف عن ركب النمو الاقتصادي الملموس الذي حققه اقتصاد الولايات المتحدة واليابان خلال الربع الثاني من العام الجاري رغم الارتفاع الكبير الذي حققه اليورو مقابل الدولار بنسبة 16 في المائة عام 2002.وتعاني الدول الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وايطاليا وهولندا من الركود الذي يهدد اقتصادياتها على مدار ربعين متواليين ربما قد يستمر خلال الشهور الثلاثة القادمة في ظل عدم وجود مؤشرات إيجابية للنهوض من جديد.من جانبه أشار بيتر لوكهوفين المدير المساعد بموسسة جي.ام بي.اتش لادارة رؤوس الأموال في فرانكفورت أننا نسير بخطى بطيئة للغاية للهروب من دوامة الركود الاقتصادي وأوضح محللون اقتصاديون أن التراجع الذي لحق بالناتج المحلي الاجمالي الفرنسي سيدفع بالاتحاد الأوروبي إلى التعديل في تقديراته السابقة لمعدلات الركود التي توقعها خلال الربع الثاني من العام الجاري.
يذكر أن الاقتصاد الفرنسي سجل معدلات نمو تفوق المعدلات التي حققتها اقتصاديات بقية دول منطقة اليورو منذ عام 1997 حيث زادت معدلات نمو الناتج المحلي الفرنسي بنسبة 2 ،1 في المائة العام الماضي مقارنة مع نمو بلغ 2 ،0 في المائة للناتج المحلي الألماني و4 ،0 في المائة للناتج المحلي الايطالي.
كما دفع قيام الحكومة الفرنسية بخفض الضرائب إلى انتعاش معدلات الانفاق الاستهلاكي لديها مما أدى بدوره إلى تحقيق نمو اقتصادي ملموس خلال العام الماضي والربع الأول من عام 2003.
وأدى خفض الضرائب من قبل الحكومة الفرنسية إلى زيادة إضرابات العمال خاصة في القطاع الحكومي وارتفاع نسب البطالة بين الفرنسيين مما أدى إلى تراجع نمو الاقتصاد الفرنسي وحدوث هبوط في معدلات الانفاق بنسبة 2 ،0 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري بعد ارتفاعها بنسبة 5 ،0 في المائة في الفترة من يناير الى مارس من عام 2003 وهو الانخفاض الأول لها منذ نهاية الربع الرابع من عام 1996م.ونتيجة لتراجع النمو الاقتصادي في فرنسا قامت العديد من الشركات الكبرى على رأسها شركة شنيدر الكتريك التي تعد من أكبر الشركات في العالم في مجال صناعة المعدات الكهربائية بخفض الوظائف لديها بالاضافة الى خفض الإنتاج وأحجام استثماراتها حتى تستطيع ان تتأقلم مع الهبوط في المبيعات الناجم عن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام ومنطقة اليورو على وجه التحديد.
وتقلص حجم الصادرات الفرنسية خلال الشهور الثلاثة من أبريل/ يونيو الماضي بنسبة 6 ،0 في المائة وفق مكتب الاحصاءات الفرنسي كما تراجع نمو صافي حجم التجارة بنحو 2 ،0 نقطة مئوية في الوقت الذي استقرت فيها معدلات الاستيراد عند نفس معدلاتها خلال نفس الفترة.كما أعلنت شركة هيرمس العالمية ان منتجاتها من البضائع الكمالية مثل الحرير والحقائب قد هبطت بنسبة 2 ،9 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري بسبب ارتفاع قيمة اليورو ونفس الحال بالنسبة لشركة ثاليس أيه اس لصناعة الالكترونيات التي انحدر حجم مبيعاتها بنسبة 1 ،9 في المائة بعد تراجع قيمة الدولار خلال نفس الفترة.وقال جان لويس فوميرفولت المحلل الاقتصادي في اتحاد الصناعات بباريس/ الذي يضم 6800 شركة و600 ألف عامل إننا نصلي الآن من اجل عودة اليورو إلى معدلاته المنخفضة السابقة أمام الدولار حتى نتمكن من تصدير منتجاتنا وتعتمد جميع الشركات التي ضمن الاتحاد على التصدير بشكل أساسي حيث بلغت صادراتها العام الماضي 35 مليار يورو «أو 9 ،38 مليار دولار» من البضائع.
من ناحية أخرى يرى بعض المحللين أن اقتصاديات دول منطقة اليورو قد تحقق نموا خلال النصف الثاني من العام الجاري بنسبة 6 ،0 في المائة مدللين على ذلك بارتفاع مؤشر ثقة المستثمرين خلال شهر أغسطس الجاري بالاضافة الى ارتفاع مؤشر ثقة الأعمال إلى أعلى مستوياته خلال يوليو الماضي.
وقال باتريك مانج رئيس قطاع استراتيجيات الاستثمار ببنك بي.ان.بي باربيا ان الاقتصاد الأوروبي تجاوز مرحلة الوضع السيئ وانه يمضي الآن في علاج المشكلات التي تعوق تحقيق النمو الملموس، وتوضح الإحصائيات أن أي انتعاش للاقتصاد الأوروبي لن يلحق بمعدلات نمو الاقتصاد الأمريكي المتسارع الذي قد يشهد نموابنسبة 6 ،3 في المائة خلال الربع الثالث وبنسبة 6 ،3 في المائة بحلول عام عام 2006م.وتوقع جان بيير رافران رئيس الوزراء الفرنسي أن يحقق اقتصاد بلاده الذي يشكل أكثر من 20 في المائة من الحجم الكلي لاقتصاديات دول منطقة اليورو/ نموا طفيفا بنسبة 8 ،0 في المائة خلال العام الجاري وهو اقل معدل نمو له خلال العقد الأخير.
وأشار رافران إلى أن حكومته قد تلجأ إلى اتخاذ خطوة مخالفة لقواعد الاتحاد الأوروبي عن طريق اللجوء إلى اجراء خفض جديد للضرائب بحلول عام 2004 بهدف كبح جماح الركود الاقتصادي.
|