Friday 22nd august,2003 11285العدد الجمعة 24 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل تخرج ليبيا من عزلتها الدولية بعد انتهاء أزمة لوكيربي؟! هل تخرج ليبيا من عزلتها الدولية بعد انتهاء أزمة لوكيربي؟!
أمريكا ترفض العقوبات الثنائية باعتبار ليبيا دولة نووية
الاعتراف الليبي أضاع سبع سنوات من التنمية و30 مليار دولار

* القاهرة مكتب الجزيرة عتمان أنور عبد الله الحصري:
بعد مرور 15 عاماً من الرفض والانكار لما حدث في لوكيربي اعترفت الحكومة الليبية بمسؤولياتها عن الحادث وقضت على الجهود الدبلوماسية التي بذلت طوال السنوات الماضية بضربة الاعتراف والتوصل إلى اتفاق تسوية مع الولايات المتحدة وبريطانيا تدفع ليبيا بموجبه لأسر ضحايا تلك القضية تعويضات تبلغ 2 ،7 مليار دولار وهو رقم يعده المراقبون الأضخم في تاريخ التعويضات بشأن تسوية الأزمات الدولية ويثير علامات استفهام عديدة لما يلقيه بأعباء ثقيلة على كاهل الشعب الليبي إضافة إلى علامات الاستفهام الأخرى التي يثيرها الموقف الليبي نفسه من قبوله تسوية أزمة لوكيربي بهذه الطريقة!
مبلغ التعويضات المتفق عليه يسدد على ثلاث مراحل الأولى 4 ملايين دولار تسدد بعد رفع العقوبات الدولية عن ليبيا والثانية مثلها تسدد بعد رفع العقوبات الامريكية عنها والثالثة مليونان يسددان بعد قيام امريكا برفع اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب أي بواقع 10 ملايين دولار لكل ضحية شريطة ألا تتحمل ليبيا بموجب الاتفاق أي مسؤولية جنائية عن حادث لوكيربي بعد ان تلقت تأكيدات من لندن وواشنطن بأنه لن يكون هناك أي ملاحقات قانونية لها وبمقارنة هذه المبالغ المدفوعة التي يدفعها صندوق تعويضات أحداث الحادي عشر من سبتمبر نجدها عشرة أضعاف ما يحصل عليه الضحية من أحداث سبتبمر فقد قام صندوق التعويضات بصرف 565 مليون دولار لنحو 2191 طلباً حيث بلغ متوسط المبلغ الذي يدفع لعائلات القتلى حوالي ربع مليون دولار فقط في حين تدفع ليبيا عشرة ملايين لكل ضحية.
مواقف غير مبررة
وتعليقا على أرقام التعويضات الليبية الهائلة ذهبت دوائر المعارضة الليبية إلى ان الحكومة الليبية اتخذت موقفاً خاطئاً وان قرارها بتسوية أزمة لوكيربي يعد قراراً سيئاً في حد ذاته ويؤكدون انه إذا كانت الحكومة الليبية مذنبة وتحملت دفع التعويضات فتلك مصيبة أما إذا كانت بريئة وتحملت التبعات القانونية والمالية فهذه كارثة فالمسؤولون الليبيون لم يتخذوا الرأي الراجح ولم ينجحوا في التعاطي مع امريكا وبريطانيا تجاه هذه الأزمة إضافة إلى ان هذه الطريقة في معالجة الأزمة ألّبت عليهم فرنسا أيضا حيث طالبت بانصاف ذي الحقوق من ضحايا طائرة عائلات يوتا التي سقطت فوق صحراء النيجر أسوة بما حصلت عليه عائلات ضحايا طائرة بان امريكان فعائلات يوتا حصلوا على تعويضات قدرها 30 مليون دولار فقط.
وترى فرنسا موقفها مشروعا لعائلات تضررت بالشكل ذاته وفي ظل غياب الدبلوماسية الليبية سوف تتفاقم الاشكالية مما سيضطر ليبيا لدفع المزيد من التعويضات لعائلات ضحايا يوتا.
تحولات
الضغوط الكبرى التي وضعت ليبيا نفسها فيها هي الضغوط الامريكية والبريطانية وذلك باعترافها بتحمل مسؤولية أزمة لوكيربي فقد وجهت ليبيا رسالة إلى مجلس الأمن الدولي أقرت فيه بأنها نظمت الاعتداء على طائرة البوينج 747 التي انفجرت فوق لوكيربي «اسكتنلندا» في ديسمبر 1988 مما أدى لمقتل الأشخاص ال 259 الذين كانوا على متنها إضافة إلى 11 شخصاً آخرين كانوا على الأرض وتأتي موافقة ليبيا المفاجئة بعد ان كانت قد أعلنت انها لا علاقة لها بالاتفاقيات الخاصة بتعويضات ضحايا لوكيربي وبعد مرور كل هذه السنوات نجد السياسة الليبية تتخلى عن لغة العداء والتحدي التي شابت علاقتها بامريكا طوال السنوات الماضية وتختار لغة التفاهم بل التنازل وبثمن باهظ سياسياً ومالياً ويؤكد المراقبون ان اعتراف الحكومة الليبية بمسؤوليتها في عملية بحجم لوكيربي ودفع تعويضات فلكية لأسر الضحايا تتطلب محاسبة داخلية تبدأ من تقديم الحكومة استقالاتها وتشكيل لجنة تحقيق وتقصي الحقائق بينما يذهب معارض ليبي مقيم في القاهرة إلى ان الاعتراف بعد الانكار وعدم الثبات على مبدأ أضاع على ليبيا أكثر من سبع سنوات من التنمية وأحدث خسائر تقدر بثلاثة بلايين دولار وقعت على كاهل الشعب.
ورغم كل ما قدمته ليبيا من تنازلات هل ستخرج ليبيا من العزلة الدولية المفروضة عليها بعد التوصل لهذه التسوية؟ وهل ستوافق منظمة التجارة العالمية على استكمال المفاوضات التي بدأت منذ فترة بعد ان تقدمت ليبيا بطلب رسمي للانضمام لمنظمة التجارة العالمية؟
يرى المراقبون ان ليبيا تتوقع تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة في مقابل منح التعويضات الا ان ذلك قد يصطدم بمعارضة في واشنطن بسبب تقرير وكالة المخابرات الامريكية الأخير حول السعي الليبي للحصول على أسلحة تدمير شامل حيث أضافت امريكا مؤخراً كلاً من ليبيا وسوريا وكوبا لقائمة الدول التي تتهم بالسعي لامتلاك الأسلحة الكيمائية والبيولوجية وأيضا هناك موقف الأمم المتحدة التي كانت قد وعدت برفع العقوبات عن ليبيا إذا قامت بتسليم المتهمين بتفجير الطائرة إلى اسكتنلدا لمحاكمتهما الا انها تراجعت عن وعدها وقامت فقط بتعليق العقوبات دون ان ترفعها بعد ان قامت ليبيا بتسليم المتهمين إلى محكمة اسكتلندا بهولندا حيث أدانت المحكمة عبد الباسط المقراحي بتهمة التورط في حادث لوكيربي وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة وبرّأت ساحة المتهم الثاني الأمين فحيمة بعدها علقت الأمم المتحدة العقوبات المفروضة على ليبيا ومنها الحظر الجوي وبعض المعدات النفطية ثم بدأت دول اوروبية في تعزيز علاقتها مع ليبيا.
أما الولايات المتحدة فقد أبدت موقفاً متشدداً إزاء طرابلس وقالت انها في الوقت الذي لن تعارض فيه رفع العقوبات الدولية عن ليبيا فإنها لن ترفع العقوبات الثنائية عنها وجاء ذلك رغم تراجع الحكومة الليبية حيث أعلنت عن أملها في إقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة وقد أعلن البيت الأبيض ان الولايات المتحدة أبلغت مجلس الأمن انها لن تعارض رفع العقوبات الدولية ضد ليبيا التي كانت قد علقت عام 1999 أما العقوبات الامريكية على ليبيا فستبقى بكامل قوتها لحين معالجة مخاوف تتعلق بسجل ليبيا في مجال حقوق الانسان ومحاولاتها المزعومة امتلاك أسلحة دمار شامل كذلك سلوك النظام الليبي ودوره في إطالة أمد الصراعات الاقليمية في افريقيا مما يسبب قلقاً خطيراً للإدارة الامريكية.
على أي حال فإن رضوخ ليبيا للضغوط الدولية واعترافها بمسؤوليتها عن أحداث لوكيربي يأتي في إطار سعيها للخروج من العزلة الدولية المفروضة غير ان هذه المحاولات غير مضمونة النتائج كما انها حسبما يرى المراقبون ستأتي بمزيد من الأعباء على الشعب الليبي ومزيد من التخبط في مواقف الحكومة الليبية فلم تنجح ليبيا في استثمار جهود السنوات الماضية وأضاعت ما حققته بإعلانها مسؤولياتها عن أزمة لوكيربي في نهاية الأمر.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved