Friday 22nd august,2003 11285العدد الجمعة 24 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوازع نوازع
العرب في الصين قبل الإسلام
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

كان التواصل بين العرب والصين قائماً قبل ظهور الإسلام، واستمر كذلك بعد ظهوره، وقد حملت الكثير من المراجع العربية والصينية بعضاً من الاشارات الواضحة والضمنية لهذا التواصل، كما أن بعض النقوشات الحجرية التي كتب عليها بالخط الحميري، التي وجدت في جزر الهند الصينية والفلبين، قد ساهمت في تجسيد تلك الحقيقة التي قد تعود بنا 1300 سنة قبل الميلاد، فقد كان العرب في اليمن وعمان وساحل الخليج العربي، اضافة إلى العرب القاطنين على سواحل البحر الأحمر، كانوا جميعاً يجوبون مياه المحيط الهندي متجهين شرقاً وصولاً إلى موانئ الهند، وفي المقابل كانت السفن الصينية تتجه غرباً، لتحط رحالها في الموانئ الهندية، وهناك كان اللقاء بين التجار العرب، الذين يحملون معهم اللؤلؤ واللبان والبخور، والتجار الصينيين الذين يحملون معهم الحرير وبعض الأعشاب والعطور،وغيرها من البضائع، لكن ذلك التواصل العربي الصيني عبر الوسيط الهندي، الذي استمر لقرون عديدة قبل الميلاد وبعده بقليل، ما لبث أن تغير ليكون مباشراً، فقد ذكر «المسعودي» صاحب كتاب «مروج الذهب» أن السفن الصينية كانت ترد إلى ملوك الحيرة الموالين للساسانيين وتدخل في الفرات وترسو في ميناء «الأبلة» كما يذكر «ابن عبد ربه» في كتابه «العقد الفريد» خبراً عن وفد النعمان بن المنذر الى فارس، ولقائه بوفد الصين، وحديثه معه حول أحوال الصين ووصفها، وافتخاره على سائر الممالك، وفضلهم على الهند المنحرفة، والصين المنحفة، والترك المشوهة، والروم المقشرة، كما وصفهم، وهذا يدل على أن التواصل العربي الصيني المباشر قد تم قبل الإسلام بمدة غير يسيرة، كما يدل على معرفته التامة بتلك الأقوام، ومنها الصين، فقد يكون وصفه للهند بالمنحرفة لكثرة الديانات لديهم، والصين المنحفة، لنحافة أجسادهم، والروم المقشرة لشدة بياض بشرتهم، كما أن الكتب الصينية تذكر شيئاً عن ذلك التواصل، فمن المعتقد أن طريق الحرير قد فتح في القرن الثاني قبل الميلاد، وتشير بعض المصادر الصينية إلى أن تشانج جيان الصيني قد قام برحلة في القرن الثاني قبل الميلاد متوجها إلى العراق، وقد ظهر أمام الملك الفارسي عام 115 قبل الميلاد، كما تشير المصادر الصينية الى أن القائد العسكري «كانينج» قد أرسل مساعده «بان شاو» إلى المنطقة الغربية ويقصد بها بلاد العرب وفارس، وقد كان مبتغاه الوصول إلى سوريا، وعندما وصل إلى العراق، وأراد مواصلة السير عبر الفرات إلى سوريا، نصحه «البرسيون» وهم حكام فارس قبل الساسانين، أن يعدل عن رأيه معللين ذلك بالمخاطر التي قد تواجهه في مسيرته تلك، ولا سيما اذا كانت الريح غير مواتية، وكان هدفهم من ثني عزمه، احتفاظهم بتجارة الحرير المربحة، التي كانت تتم من خلالهم بين الصين وسائر الأقطار المعروفة غرب الصين في ذلك الوقت، وقد سجل ذلك في سجل أسرة «هان» الصينية، الذي ورد فيه ذكر «لعمان» لأول مرة، كما أن ذكر المنطقة قد ورد في كتاب «الطوائف في البحر الأرتيري»، وهو الكتاب الذي ألف في عام60 قبل الميلاد تقريبا، كما تفيد المصادر الصينية إلى أن وفداً من العراق، قدم إلى الامبراطور «ين ينج» (120م) في سنة حكمه الأولى، وقدم له طائراً، عبارة عن ببغاء تعرف الكلام، واستمر التواصل عبر القرون يتزايد ويعلو شأنه، وفي الفترة قبيل ظهور نور الإسلام، كان التواصل قد بلغ درجة متقدمة، فقد كانت جالية كبيرة من العرب تسكن في مناطق صينية ساحلية جنوبية مثل «خونان» و «جوانجو» وذلك خلال فترة حكم مملكة «وي» الشمالية (386م - 557م)، وتفيد المصادر أن العرب قد أقامو مصنعاً في «قوانجو» عام 622م، أي في زمن الهجرة النبوية الشريفة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved