رغم ما قيل وكل ما سيقال عن الدجاجة إلا أن لي توجهاً آخر ينصف هذا الطائر الملتصق بالأرض المتكاثر بأسلوب يرمز للتحدي وحب البقاء رغم الجور الواضح بحقه شيّاً وقلياً والتفنن بطهي بيضه إلا أنه لا زال يموّن الغني والفقير بوجبات شهية وكله ثقة وشموخ بكسب التحدي وقد كان بدليل ما يشاهد من تزايد محلات وجبات الدجاج في كل زاوية من كل ممر وشارع، والدجاجة الرائعة لم تتوقف عند هذا الحد فقد أبت إلا أن تشارك في أمور كثيرة لإثبات تفوقها وفرض واقعها علينا كمستهلكين، فحينما تحضر مأدبة تقليدية تجد الطباخ قد وضع أعداداً من البيض المقشور على حواشي المفطح، وتجد أنواعاً من منظفات الشعر - الشامبو - ممزوجة بالبيض كبروتين مقو، وهي تأبى أيضا الا أن تشارك في مساحيق التجميل للمرأة ومواد الزينة وأشياء أخرى متعددة إمعاناً من عزيزتنا الدجاجة بالتأكيد بأن لا أحد يستطيع الاستغناء عنها في أي ظرف زماني أو مكاني، وتقدم لنا الدجاجة درساً في الانضباط حينما تصر على النوم والاستيقاظ في وقت محدد يومياً منذ أن خلقت في وقت نقلب نحن فيه نواميس الحياة حينما يسهر شبابنا ومراهقونا حتى التاسعة صباحاً ثم يغطّون في سباتهم إلى التاسعة ليلاً في الوقت الذي تهتم فيه الدجاجة - بحسن نية للصحو مبكراً لتقدم لنا بيضة طازجة ظناً منها أننا سهرنا انتظاراً للبيضة لزوماً للإفطار.. يا لها من رائعة وطيبة ومخلصة ومتفانية ودقيقة وحنون، وفي رأيي أن من يملك هذه الصفات والخصال لا يمكن نعته ووصفه بالجهل وضيق الأفق وصغر العقل وضمور المخ، مما يبرهن أن الدجاجة في كل أحوالها على مدى الدهر عانت وتعاني من الظلم واتهامها باطل بالجهل والتخلف في الوقت الذي تثبت فيه أنها أعقل وأكثر انضباطاً من بعض بني آدم الذين يتفنون في اطلاق الأوصاف والتندر عليها بقدر ما يتفننون بابتكار الاطباق والوجبات من لحومها الطرية وبيضها الشهي، غير أني سأسجل ملاحظة سريعة قد لا تكون في صالح الدجاجة وإن كان لديها المبرر القوي وهي أنك لو وضعت الدجاجة في موقع بحجم ملعب كرة القدم ومملوء بالقمح فإنها لا بد لها من ممارسة التحريث بكل قدميها، وعلى كل حال - فهي أبخص - ولكل ديك من دهره ما تعودا.
|