Thursday 21st august,2003 11284العدد الخميس 23 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
المافيا
أميمة الخميس

لابد أننا نطالع بكثير من الشك، تلك الأخبار والمعلومات التي تنشر عن ممارسات العائلة التي كانت تحكم العراق، فمعظمهم الآن في القبور أو المخابئ أو المنفى، وتلك الأخبار، قد تتدخل فيها الصناعة السياسية والإعلامية بصورة كبيرة، لاسيما من أولئك الأفراد الذين كانوا لصيقين سابقاً بتلك العائلة.
وفي المقابلة الأخيرة مع ابنة صدام حسين، كانت تستعجب لكثير من الأخبار والتصريحات التي تدور حول عائلتها. على كل حال مهما كان حجم الصناعة الإعلامية والتشهير الذي يطال كل فرد من أفراد النظام البائد، لا يمنعنا هذا الأمر من التأمل في مدى بشاعة وشراسة ودموية ذلك النظام.
وحينما كنت أتابع رغد صدام حسين، وهي تتحدث عن فترة انقضت، كانت تتداخل في ذهني بقوة شخصيات رواية «العراب»، وهي الرواية الشهيرة التي تدور حول العائلة التي أتت من جذور ريفية بسيطة في جزيرة صقلية في إيطاليا، ومن ثم توجهت إلى «نيويورك» لتكون إمبراطورية عظمى في صناعة الجريمة والعالم السفلي في الولايات المتحدة، تلك الإمبراطورية التي استطاعت أن تخترق الكثير من المؤسسات الحكومية المهمة في الولايات المتحدة وصولا إلى الكونجرس، على يد رجال غلاظ قساة، لغة الموت والتصفية الجسدية هي اللغة الوحيدة التي يجيدونها، تلك الرواية الشهيرة تحولت إلى فيلم هوليودي فاز بالعديد من جوائز الأوسكار، ويبرز لك التفاصيل الداخلية الدقيقة للمافيا وطبيعة العلاقات المجتمعية السائدة بين الأسرة، حيث المرأة دوماً مغيبة القرار والوجود، ومن الممكن في مرحلة ما أن تتزوج تبعاً لمصلحة، ويمكن أن تترمل ويقتل زوجها في مرحلة أخرى إذا خرج عن قوانين العصابة، رواية العراب هي النسخة الغربية لثلاثين سنة قضاها صدام حسين وعائلته في سدة الحكم أهلك فيها الزرع والضرع، وألقم خيرة أهل العراق إلى آلة الحرب الجهنمية، أو إلى القبور الجماعية، أو إلى سقوف منخفضة من الذلة والمهانة.
والآن وبعد سقوط بغداد، وانقشاع خرافة الشعارات والمزايدات ...... يحق لنا كشعوب منكسرة، أن نسأل ما طبيعة البنيان الاجتماعي والفلسفي والسياسي، الذي يتيح لمخلوق مثل صدام حسين أن يتواجد ويحكم، ويمارس جنونه إلى أقصاه دون أن يؤخذ على يده؟ ما هي التربة التاريخية والمناخ الفكري الذي ينتج نبتة تلك العائلة ومن ثم يتيح لها التجذر والنمو؟ إلى متى ستظل الأفواه مكممة والرقاب مدلاة، والديمقراطية غائبة فتسلم الشعوب أنفسها إلى حجاج تلو الآخر لا يرى بها سوى رؤوس قد أينعت وحان قطافها «وإني لصاحبها»؟؟ سؤال إلى متى؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved