Thursday 21st august,2003 11284العدد الخميس 23 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مركز سعودي لدعم الحوار خطوة رائدة على طريق الإصلاح مركز سعودي لدعم الحوار خطوة رائدة على طريق الإصلاح
راشد محمد العبداللطيف(*)

في عصر السرعة الذي نعيشه، وفي خضم الايقاعات المتواترة للأحداث الاقليمية والعالمية شهدت المملكة في الآونة الأخيرة تطورا بارزا تمثل في سلسلة من التدابير والإجراءات الاصلاحية التي اتخذتها الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ولعل أبرزها إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
وقد لاحظ المسؤولون، وبحكمتهم النيرة الاختلاف الواضح بين عالمنا اليوم وبين ذلك الذي عشناه وعشنا أحداثه منذ بضع سنوات، وأدركوا ان عدم تفاعلنا بحكمة ووعي ودراية ونضوج مع المتغيرات المتسارعة على الساحة العالمية، سيجعل الزمن يسبقنا بأشواط ونصبح مجرد ذكرى في تاريخ منسي.
ومن هنا جاء إعلان ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عن تأسيس المركز الوطني للحوار، خطوة متقدمة جداً في مسيرة التفاعل مع متطلبات العصر والتغيرات، ويعتبر أيضاً حدثاً تاريخياً سيترك بصمة راسخة في تاريخ تطور المملكة، ويسهم في ايجاد وسيلة للتعبير المسؤول، ويمكن له ان يلعب دوراً أساسياً في محاربة التعصب والتطرف، وفي بناء مجتمع ناضج ومواكب لمتطلبات العصر، دون الانبهار بالشعارات الخادعة تحت اسم الحرية والتقدم الزائف، ودون الخروج قيد أنملة عن ثوابت قيمنا الاجتماعية والإسلامية.
صحيح اننا نعيش في خضم عاصفة هوجاء من المتغيرات على صعيد العالم ككل، وعلى صعيد المنطقة على وجه الخصوص، وتلك التغيرات حتماً لها آثارها في نمط وأسلوب حياتنا، ولكن علينا جميعاً ان نتفاعل مع تلك العاصفة كي لا تقلعنا ونتشبث أكثر بجذورنا وقيمنا وأخلاقنا، وان نساهم جميعاً في الحوارات البناءة ونشارك في الرؤية الصالحة لمستقبل وطننا، فالحوار والتفاعل الحضاري هو الأداة الفاعلة لترسيخ وحدتنا وقوتنا لمواجهة ما يعترينا من أخطار.. وهذه مسؤولية الجميع، من القيادة الحكيمة ومفكرينا ومثقفينا وعامة المواطنين.
والتحديات المصيرية التي تواجهنا تدفعنا أكثر وأكثر نحو التكاتف وتفعيل حواراتنا الحضارية البناءة التي ترتكز على الجرأة والشفافية والموضوعية والحرية المسؤولة والتمسك بالأخلاق الراقية، حتى نستطيع ان نرتقي بمجتمعنا، ونحقق أهدافنا المنشودة ونضيق الفجوة بين فئات مجتمعنا، فإعطاء الفرصة للكل للتعبير الحر والمسؤول والبعيد عن الأغراض والأهواء الشخصية يمنحنا قوة أكبر في رسم خريطة مستقبلنا وترسيخ واقعنا الحضاري.
الحرية، ووحدها الحرية المسؤولة هي الأداة الفاعلة في إنجاح مسيرة نهضتنا الدائمة، ومواكبتنا لمتطلبات العصر، وهيهات بين الحرية المسؤولة البناءة والحرية العمياء، فبين الحرية والفوضى خيط رفيع، فيجب ألا تتحول حرية الحوار، كما شدد على ذلك سمو ولي العهد «إلى مهاترات بذيئة أو تهجم على رمز الأمة المضيئة وعلمائنا الأفاضل». فالسعودية بقدر ما ترفض التطرف والتعصب، ترفض الانحلال والانفلات، فهي لن تقبل فكراً يحرف تعاليم إسلامنا ويغير قيمنا ويزيف تاريخنا، ويحول مستقبلنا عن وجهته الطبيعية مهما كان لونه، ومهما اتخذ من أشكاله وحمل من شعارات.
إذن، إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، تلك الخطوة الرائدة التي خطتها القيادة السعودية، وضعت كل سعودي أمام مسؤولياته الوطنية، وخاصة أصحاب العقول المتفتحة والآفاق الواسعة من ذوي الخبرة والاختصاص حيث القي على عاتقهم دور وطني كبير وتاريخي في توحيد كلمة الأمة، استناداً إلى مبادئ الوسطية والبعد عن العنف والمغالاة، وايجاد مناخ ملائم لانطلاق الأفكار البناءة التي ترفض الارهاب الفكري وتنبذ كل صوره.
والآمال المعقودة على هذا المركز الذي يتوقع ان يكون النواة والنبراس للحوار الفعال والتوحد والتلاقي كبيرة، لكي تترسخ فكرة الرأي والرأي الآخر، وحرية التعبير المسؤولة المستندة إلى قيم ديننا الحنيف ضمن منظومة التفاعل الحضاري ومواكبة العصر.
وأخيرا، يجب ان ندرك ان الاختلاف والتنوع الفكري وتعدد الآراء واقع مشهود وملموس في حياتنا الطبيعية. وطبيعة من الطبائع الإنسانية، ولكن يجب استثمار ذلك في بناء استراتيجية للتعامل والدعوة والنصح والحوار، وتوجيه ذلك لخدمة أهداف المملكة وثوابتها الشرعية مع الأخذ بعين الاعتبار واقعنا المعاصر والتقدم التقني المتسارع، وتيسير تداول المعلومات.
فتقويم أوضاع مجتمعنا، وتصحيح بعض الأفكار الخاطئة ومعالجتها، بالحوار والتعبير الفكري الهادف والحرية المسؤولة.

(*) عضو مجلس إدارة شركة الغزالي للتجارة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved