يواجه الاتحاد الأوربي مجدداً اشكالية صعبة في التعامل مع عقد الاستقرار النقدي الذي يحدد نسب التضخم والعجز في الموازنات العامة والمديونية داخل منطقة اليورو.
وأعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل في خطوة تعكس حالة التوتر المتصاعدة بين الدول الأوروبية بشأن التعامل مع ضوابط عقد الاستقرار أنها لن تسمح بأية تجاوزات في هذه المرحلة وتحديداً بشأن التحكم في العجز العام داخل الدول الأعضاء.
وتناقلت وسائل الإعلام الأوربية ومختلف الصحف تصريحات شديدة اللهجة لعضو المفوضية الأوربية المكلف بشؤون النقد والمال الإسباني بيدو سولبيس الذي ألمح للمرة الأولى بأن الجهاز التنفيذي الأوربي يتجه تدريجيا إلى فرض غرامات مالية وعقوبات فعلية على ألمانيا في مرحلة أولى وهي اجراءات قد تطال دولا أخرى وتحديداً فرنسا.
وتتسم العلاقات بين كل من ألمانيا وفرنسا من جهة والمفوضية الأوربية من جهة أخرى بحالة من التوتر الناتج عنه عدم التزام برلين وباريس حالياً بمقاييس الاندماج النقدي الأوربي المحددة في اتفاقية ماستريخت للوحدة الأوروبية الموقعة عام 1992 بين الدول التي اعتمدت العملة الأوربية الواحدة والتي تشير إلى عدم تجاوز العجز العام في الموازنة الحكومية لكل دولة نسبة ثلاثة في المائة سنويا.
وقال عضو المفوضية بيدرو سولبيس أن ما ينطبق على ألمانيا سينطبق تلقائيا على أية دولة أخرى أي بالدرجة الأولى على فرنسا.
وستتمثل الخطوة الأولى للمفوضية الأوروبية في رفع توصية خاصة لمجلس وزراء الخزانة والمال الأوربيين تطالب باتخاذ عقوبات محدودة على الدولتين في حالة استمرار التسيب المسجل داخلها في مجال التعامل مع العجز العام.
ومن المقرر أن تنشر المفوضية الأوروبية بداية شهر سبتمبر المقبل أرقامها الرسمية والنهائية بشأن أداء الاقتصاد الأوربي خلال العام الحالي وحكمها على مدى التزام كل من ألمانيا وفرنسا على وجه التحديد بضوابط ماستريخت.
ويثير عقد الاستقرار النقدي الأوربي جدلا متصاعدا داخل الأوساط السياسية الأوربية التي تعتبره مجحفا في حق العديد من الحكومات التي تبذل جهودا فعلية للدفع بعجلة الاقتصاد في وقت تعاني فيه مجمل منطقة اليورو من حالة ركود شاملة.
وترفض المفوضية الأوربية المدعومة من قبل الدول الصغيرة فكرة اجراء أي تحوير في المعايير والضوابط الحالية وتخشى من حصول حالة تسيب عامة قد تقلب موازين التعامل الاقتصادي والنقد الأوروبي وتسمح للدول الغنية مثل ألمانيا وفرنسا بإدارة شؤونها النقدية بشكل منفرد.
ويعقد وزراء الاقتصاد والمال الأوربيون اجتماعا حاسما في مدينة/ سترسا الايطالية يوم 13 سبتمبر القادم لبحث مجمل هذه الجوانب في التعامل الاقتصادي الأوروبي.
وتتوقع المفوضية أن تبدأ في اتخاذ الاجراءات العقابية الأولى ضد المانيا مع نهاية العام الجاري وربما فرض غرامة مالية ضخمة على برلين قد تناهز خمسين من عشرة في المائة من حجم الدخل الوطني الألماني مما سيعتبر سابقة فعلية في تاريخ الاتحاد الأوربي.
وكانت ألمانيا تلقت توصية محددة من قبل وزراء المال والخزانة الأوروبيين مطلع العام الجاري بعدم تجاوز نسبة الثلاث بالمائية في عجزها العام ولكن المؤشرات المتوفرة تشير إلى عكس ذلك وخاصة بالنسبة للعام المقبل.
وتواجه فرنسا بدورها نفس المخاطر والتهديدات حالياً مما سيعيد إلى السطح الجدل الأوروبي حول مزايا وسلبيات عقد الاستقرار النقدي الأوروبي ومدى جدواه الفعلية في مواجهة تقلبات الاقتصاد الأوروبي.
|