لقد اطلعت كما اطلع غيري من متابعي جريدتكم الغراء على ما كتبه محرركم الأستاذ علي العبد الله في العدد رقم 11274 والصادر يوم الاثنين الموافق 13/6/1424هـ في صفحة الفن حول تحليله ونقده لمسلسل دمعة عمرالذي انتهى التلفزيون السعودي من عرضه منذ أيام قليلة فأردت المشاركة في تعقيب على ما ذكر محرركم وكما تعودت من جريدتكم قبول الرأي والرأي الآخر فأرجو نشرتعقيبي على ما ذكر الأستاذ علي.
لقد تطرق الأستاذ علي في محور حديثه إلى نقاط كثيرة وكثيرة جداً أردت مناقشتها بأسلوب ودي وصريح بعيد عن مجاملة فلان أو فلان أو محاولة الصعود على أكتاف الناجحين من المشاهير.
أولا : ذكر الأستاذ علي أن كثيراً من متابعي العمل لم تعجبهم أحداث العمل فإنه وللأمانة فإن هذا العمل وجد له صدى ليس داخل المملكة فحسب بل في خارجها من دول الخليج فلقد اكتشفت متابعة الكثير من الجمهور الخليجي لهذا العمل وإصرارهم على نجاحه ونجاح تقديم صورة من صور القضايا الاجتماعية في المجتمع الخليجي الذي يعتبر كتلة واحدة وجزءاً لا يتجزأ من بعضه.
ثانياً: في خلال تسليط الأستاذ علي الضوء على العمل ذكر نقاطاً لنتوقف عندها:
أ- ذكر الأستاذ علي أن العمل كان يحوي على قصص وحوارات خرافية وأني أقول: لماذا دائماً نرفض الواقع الذي يعيشه المجتمع الخليجي عموما والمجتمع السعودي خصوصاً؟ هل من الممكن أن ننكر قضية تسلط الزوجات؟ ونذكر قضية العقوق التي تصل إلى حد أكبر مما رأيت في العمل؟ والشواهد كثيرة. وقد حدث في أفضل العصور عصر صدر الإسلام عهد النبي عليه الصلاة والسلام أمور شبيهة بذلك فما بالك في هذا الزمان الذي طغت فيه الأنانية وحب الذات على كافة الأمور وقتلتها؟ فقتلت الأبوة والأمومة والأخوة والصداقة، لماذا نخفي الواقع الذي لا يمكن اخفاؤه في الوقت الحالي فأصبح الأمر واضح العيان أمام الناس، فتداول الأحاديث في المجالس عن قصة محزنة وأخرى وفي ظل انتشارالإنترنت لا أعتقد أن هناك من لا يعلم ما يدور في داخل المجتمع، وإذا كنت تتحدث أيضاً عن قضية إدمان المخدرات فإنني سبق وأن اطلعت على ما نشر في صحيفتكم وبعض الصحف الأخرى من تحقيقات صحفية عن مدمنات المخدرات في مستشفى الأمل وفي سجن النساء وذكرن أسباب وجودها وطريقة تواجدها فكيف ننكر أمراً متواجداً في داخلنا؟ ووجود مثل هذه الأمور وغيرها في داخل المجتمع لايلغي أبداً أننا مجتمع محافظ ومتمسك بدينه لأنه مقارنة بعصور الأمة الإسلامية في أوج ازدهارها وقوتها فأنه قد حدث في هذه العصور أمور شبيهة وقريبة من ذلك فهل هذا يلغي قوة تمسك تلك العصور بدينها الحنيف؟ لا أعتقد ذلك.
ب- تحدث المحرر عن أستاذ كبير من أساتذة الإخراج التلفزيوني في الخليج بل في العالم العربي ويكفي أنه المخرج الخليجي الوحيد الذي نافس المخرجين العرب في مهرجان القاهرة السنوي للإذاعة والتلفزيون وتقاسم معهم المركز الأول وهذه سابقة غير مسبوقة لمخرج خليجي. وذكر الأستاذ علي أن هناك سقطات في العمل واعتبرها فشلا وسقطة كبيرة لمخرج كبير مثل أحمد المقلة مع أنني أستغرب ما ذكر الأستاذ علي فكيف نحكم على أستاذ كبير بالفشل الذريع من خلال أخطاء ان كان هناك في الأساس أخطاء كبيرة فإن ما ذكر الأستاذ علي من أخطاء هي أخطاء بسيطة من الممكن أن تقع في أي عمل وهناك من يتقبلها وهناك من يرفضها وهي في العموم مقبولة، أما قول الأستاذ علي أن بعض الممثلين بالغ في أدائه وذكر شيئاً منها وهو ما فعله تركي اليوسف «محمد» مع طيف «أم محمد» وأن هذا لا يمكن أن يحدث في مجتمعنا فإني أقول للأستاذ علي أنه في العهد النبوي حدث أن أحدهم قتل والدته وأذكر أنه منذ سنتين نشرت جريدتكم الغراء تحقيقاً عن المسنين والمسنات وذكرت قصصاً مشابهة وأذكر أني سمعت للشيخ الدكتور سعد البريك حفظه الله حديثاً ذكر فيه أن شابا قد قام بسحب والدته عبر «درج» المنزل حتى أخرجها خارج المنزل وأعتقد أن الشريط كان بعنوان بر الوالدين، وهذا انكار آخر لما يحدث في المجتمع وأنا وأنت والكثير نعلم أن هناك أموراً كثيرة تدور خلف الأبواب ولا يمكن نكرانها فإلى متى ننكر واقع مجتمعنا الخليجي؟ وتحدث الأستاذ علي عن وضع الأسرة الغنية وعن ملابس أم محمد وأقول للأستاذ علي ان كبار السن لدينا وإن كانوا في مستوى ترف كبير فإنهم لا يهتمون بالمظاهر حتى وإن كان في لباسهم، والفنانة طيف خرجت كأم متواضعة طيبة القلب تحب أبناءها وحتى زوجة ابنها قبل أن يجري ما جرى وفي مثل هذه الحالة فمن الطبيعي أن يكون لبساها متواضعاً جداً لكن لو كانت الأم متكبرة ومتعجرفة وهي التي تثير المشاكل فإنه في مثل هذه الحالة تنتقد عدم اهتمامها بملابسها ومظهرها.
ج- تحدث الأستاذ علي عن المنتج للعمل الأستاذ خالد المسيند وإني وبصفتي أحد المتابعين للعمل منذ تصويره في دولة البحرين منذ ستة أشهر تقريباً وحتى إنتهاء عرضه وبصفتي متابعاً لما يدور داخل الدراما السعودية والخليجية فإني أقول وهي شهادة حق مسؤول عنها: إنني أتمنى أن يكون أصحاب شركات الإنتاج في مثل عقلية الأستاذ خالد المسيند الذي يسخر كل المجهودات لإنجاح أي عمل يقوم بإنتاجه والشواهد كثيرة فلعلنا لا ننسى مسلسل طعم الأيام الذي لا يزال حتى اليوم مطلوباً من قبل المشاهد العربي والخليجي وأنت يا أستاذ علي تعلم كما أعلم ويعلم الكثير كم من الأعمال صرف عليها التلفزيون السعودي آلاف الريالات لا زالت رهينة الأدراج والسبب في ذلك عدم جودة تلك الأعمال أثناء التصوير، فكم من اعتماد من قبل التلفزيون لعمل درامي سعودي بمبلغ وقدره ويأتي المنتج المنفذ ويصرف على العمل نصف ما اعتمد له على العمل وهذا ما لم أره في الأستاذ خالد المسيند فهو يصرف على العمل الكثير من أجل انجاح العمل واظهاره بصورة تليق بالمشاهد والمتلقي ثم لا تنسى يا أستاذ علي الأسماء التي شاركت شركة جديرة في هذا العمل أو عمل طعم الأيام فهي أسماء أي شركة إنتاج تحلم أن تعمل معهم في عمل درامي وهل تساءلت لماذا شاركت أسماء كبيرة مثل عبد الرحمن العقل وزينب العسكري ولطيفة المجرن وغيرهم مع شركة جديرة؟ بشهادتهم بأنفسهم أنها من أفضل شركات الإنتاج ثم أنني استغرب ذكرك للفنان تركي اليوسف بأنه فنان صاعد وتركي اليوسف فنان مصنف في التلفزيون السعودي بأنه فنان سوبر ستار أي مصنف درجة أولى وسبق أن قدم الكثيرمن الأعمال التاريخية أثناء دراسته في دولة سوريا الشقيقة وسبق أن اشترك في مسلسلات خليجية في السابق فعلى العكس اعتبر تركي اليوسف فناناً ذكياً يعرف من أين تؤكل الكتف ويختارالعمل والدورالمناسب الذي يشارك فيه.
أما حديث الأستاذ علي عن ادارة الإنتاج فأنا ومن خلال متابعتي القريبة للعمل فأني أرى أن ادارة الإنتاج عملت كل ما في وسعها لإنجاح العمل وإخراجه بصورة رائعة بشهادة جميع المتابعين وأعتقد أن الأستاذ عماد عبدالعزيز بشهادة الجميع ممن شارك في العمل أو كان قريباً من العمل قد قام كل ما في وسعه، حتى وان افترضنا وقوع بعض الأخطاء فإن أي عمل درامي لا يخلو من الخطأ الانتاجي فالقائمون عليه بشر والبشر ليسوا معصومين من الخطأ.
د- تحدث الأستاذ علي عن نقاط مهمة وحساسة جداً أريد مناقشتها بطريقة أخرى:
1- ذكر الأستاذ علي أننا بحاجة إلى توفر الكاتب الجيد وأقول للأستاذ علي نحن ولله الحمد نمتلك خامات جيدة في كتابة الدراما الرائعة وبشهادة الجميع صحيح أن هذا العمل من كتابة كاتبة جديدة على الساحة لكنها كاتبة رائعة وأكبر دليل على ذلك بحث بعض شركات الإنتاج في الخليج عن عنوانها ومنهم على سبيل المثال الأستاذة سعاد العبد الله وهذا دليل على نجاح الكاتب السعودي ومثيلاتها كثير سواء من جنس الذكور أو الإناث والمجال أقل من أن أعدد لك الأسماء المعروفة في كتابة الدراما لدينا.
2-ذكر الأستاذ علي «تواجد فنانين سعوديين كي لا تتم الاستعانة بفنانين ممن لا يتقنون لهجتنا أو يشوهونها» أعتقد أن اللهجة الخليجية واحدة لا تختلف عن بعضها البعض والمجتمع الخليجي مجتمع واحد ثم هل استعانت جديرة بأسماء غير خليجية؟ أبداً بل هي أسماء خليجية معروفة ومطلوبة دوماً من قبل المشاهد السعودي ويشاهد لها باتقان اللهجة السعودية ولم أر في العمل ما يشوهها.
3- تحدث الأستاذ علي عن المخرجين فنحن أيضاً نملك مخرجين في غاية الروعة لكيلا ننكر أبداً نجاح المخرج الخليجي وفي اعتقادي أن المخرج الخليجي في استطاعته انجاح أي عمل خليجي سواء في دولته أو خارجها فطبيعة المجتمع الخليجي واحدة وأكبر دليل على ذلك أن بعض مخرجينا قام بإخراج أعمال خليجية غير سعودية ونجح في ذلك ولا مجال أيضاً لذكر الأسماء وأنت تعلم ذلك جيداً يا أستاذ علي.
4- تحدث الأستاذ علي عن التخطيط الجيد من قبل المنتجين وأنا أقول في اعتقادي ان شركة جديرة من أفضل الشركات التي تخطط للإنتاج بشكل جيد ورائع ويوجد غيرها الكثير لكنهم وسط الكم والعدد لشركات الإنتاج لدينا فإن الأمانة في الإنتاج لا توجد إلا عند القلة فقط.
5- تحدث الأستاذ علي عن تجسيد واقع المجتمع فإني أقول ان الواقع أكبر من أن يجسد فما خفي كان أعظم وما عرض هوجزء من ألف جزء من الواقع الحقيقي.
وفي النهاية أقول
لقد أجمع الكثير من متابعي مسلسل دمعة عمر سواء في المملكة العربية السعودية أو في دول الخليج بنجاح العمل وأنه صور كثيراً من الواقع ومنتديات الانترنت التي هي وسيلة من وسائل الانتشارالإعلامي في الوقت الحاضر ناقشت نجاح هذا العمل كثيراً ولقد أجمعت الغالبية بنجاحه.
وإني أقول في النهاية عند محاولة الكتابة عن أمر ما لابد أن نتجرد من محاولة الصعود على أكتاف الناجحين من المشاهير.
سعد العتيبي
محرر بمجلة زهرة الخليج
|