سعادة رئيس التحرير خالد المالك تحية طيبة وبعد
قرأت مانشر في عدد الجزيرة «11280» في 19/6/1424هـ مقالة للكاتب محمد آل الشيخ تحت عنوان «الجامعة العربية والمجلس الانتقالي العراقي» حيث بدأ الكاتب استغرابه من عدم اعتراف جامعة الدول العربية بمجلس الحكم الانتقالي العراقي مستشهداًً بقانونية المجلس المستند على قرار مجلس الامن رقم «1483» الذي تدعو احد بنوده الى قيام ادارة عراقية مؤقتة.
اقول: إن اعظم قرار تاريخي ايجابي اتخذ في عمر الجامعة هو عدم اعترافها بهذا المجلس الانتقالي الذي آمل ان يبقى هذا الاصرار وعدم الاستجابة او الاستكانة للضغوط الامريكية، فهي الحسنة الوحيدة التي تجير لهذه الجامعة منذ انشائها، مستغرباً من طرح الكاتب وتذمره من قرار الجامعة، وهو يعلم علم اليقين ان المجلس الانتقالي كان فكرة امريكية بحتة تمت عملية الترشيح والاختيار من قبل الحاكم المدني الامريكي بالعراق، ولهذا لايحمل صفة التمثيل الشعبي ولم يلق اعترافاً من قبل الشعب العراقي لأن عملية انتخابه امريكية، فكيف تطالب من الجامعة العربية الاعتراف به، كله من اجل ان امريكا اعترفت به!! ثم ماذا قدم هذا المجلس الذي مضى عليه اكثر من شهر وهو يشاهد يومياً عملية القتل للشعب العراقي واقتياد ابنائه والزج بهم في السجون، ويشاهد ايضاً عملية اقتحام المنازل بالقوة وترويع من فيها من النساء والاطفال وقتل ذويهم في حالة الدفاع عن حرمة منازلهم والدفاع عن اعراضهم. وماذا قدم هذا المجلس للشعب العراقي الذي يعاني من الفوضى والانفلات الامني وانعدام متطلبات المعيشة، وانتشار الفقر والمرض والمحتل الغاشم مازال يتصرف بشؤونه ويتحكم بخيراته وكل هذا يجري على سمع العالم وبصره ثم تأتي يا آل الشيخ وتنتقد الجامعة العربية، ثم تدعي شرعية المجلس المبني على القرار المذكور آنفا، فيا سبحان الله اذا كان غزو العراق واحتلاله وتدميره وقتل مايزيد عن اكثر من عشرة آلاف من سكانه لم يحظ بشرعية دولية ولم يجز بقرار من مجلس الامن فكيف اجيز هذا المجلس او لأن امريكا اصدرت القرار، فتطالب من الجميع الاعتراف به بحكم انها هي مجلس الامن وهي التي تصدر القرارات سواء من البيت الابيض او من هيئة الامم المتحدة وكلهما يؤديان الغرض ويحققان الهدف عجبا والله لطرحك، اما استغرابك من عذر الامين العام بعدم ديمقراطية المجلس فهو على صواب لان ادعاءات امريكا الكاذبة للشعب العراقي هو تحقيق الديمقراطية والحرية لم يتحقق ولو واحد بالمائة من تلك الوعود، ومنها هذا المجلس الانتقالي الذي تم بديمقراطية امريكية، اما قولك: ان الامين بذل قصارى جهده لأن يبقى النظام السابق بالحكم فكلنا كنا نتمنى بقاء الحكم السابق ولا هذا الاحتلال المذل والمهين للعالم العربي واصبحنا أضحوكة امام الشعوب الاخرى وتعلم ان القمة العربية الاخيرة رفضت اقتراحاً بالمطالبة بتنحي صدام حسين عن الحكم لان احد مواد الجامعة العربية تؤكد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية وتأكيداً لصواب الجامعة العربية هو مانسمعه ونشاهده على شاشات الفضائيات من قبل الشعب العراقي يتمنون بقاء صدام بالحكم ولا هذا الوضع المزري، ومما قرأته بجريدة عكاظ لقاءً مطولاً مع احد زعماء القبائل الشيعية يتمنى لو ان هناك الف صدام، ولا هذا الاستحلال الامريكي الذي سلب كرامتنا واهاننا وكذب علينا ويمنينا بالحرية والديمقراطية، واما استفهامك عن الكيفية التي حظي بها النظام الاجرامي بالقبول والاعتراف من قبل الجامعة العربية طوال مدة حكمه اقول عندما كان صدام حسين على رأس الحكم العراقي كان هو حديث الصحافة، وكان الاعلاميون لايحلو لهم الحديث الا عن صدام حسين يمجدونه ويصفونه بالزعيم العربي المنتظر وهو الوحيد الذي سيقف في وجه الغطرسة الامريكية وانه الذي سيلقن اسرائيل درساً لن تنساه ونال من المديح والثناء من قبل الشعراء ولقبه المفكرون والمثقفون بالالقاب والمسميات اي ان الاعلام هو الذي تسبب بغطرسته ونفخه حتى اصيب بالغرور والعجب، ولم يكن مجرماً إلا بعد غزوه للكويت ولم تظهر عيوبه ومساوئه الا بعد حرب الخليج، وهذه هي مشكلة اعلامنا ومع الاسف اذا وقع الفأس بالرأس بدأنا نظهر العيوب والمساوئ ونكشف سجل الاجرام، وغيره، فالاعتراف ليست قضية شائكة فهناك دول عربية اصبحت امراضاً سرطانية تنخر في جسد الامة ومعترف بها، فخذ مثلاً الزعيم الليبي صاحب الكتاب الشهير وراسم الخرائط والمكائد ذو الافكار السقيمة والآراء المريضة فمرة يطرح مبادرة بضم اسرائيل للجامعة العربية ومرة يطرح فكرة بناء قدس ثانٍ وثالثة يلوح بالانسحاب من الجامعة العربية وياليته فعل ذلك لأنه نقص على العرب وفضيحة امام العالم، وما فعله قبل ايام من تصريحات ضد المملكة بان الوهابية هي منبع الارهاب بالله عليك ماذا يجنى من زعيم يقود المظاهرات واشغل شعبه بالمهرجانات الشعبية وعلى مدار العام.
يا اخي العزيز اننا العرب لانقرأ التاريخ واذا قرأناه لانفهمه واذا فهمناه لا نطبقه كما قاله احد المفكرين، الاحداث لا نتعلم منها العبر والدروس والتاريخ لا نتعظ بما يحمله من وقائع واحداث مرة باسلافنا عبر حقبة من الزمن والقروض الماضية ولعلي اذكرك بحادثة قريبة لاتختلف عن المجلس الانتقالي بالعراق انه المجلس الانتقالي في افغانستان الذي صنعته امريكا ماذا حقق للشعب الافغاني الذي، مازال الاقتتال مستمراً ومازالت الاوضاع المعيشية سيئة ومازال الامن مفقوداً كله بسبب تدخل الايدي الاجنبية التي تريد تسيير امور الشعب على الطريقة الامريكية.
وأختم الرد ان الشعوب المستقلة سواء عربية او غير عربية لايمكن ان ترضخ لأي هيمنة اجنبية مهما كان الثمن ومهما كان حجم المغريات التي تدفع، ويكفي شاهداً حياً الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة العراقية.
ناصر بن عبدالعزيز الرابح
مشرف تربوي بتعليم حائل
|