لفت نظري مقالة بعنوان (وقفات مع الفحص الطبي قبل الزواج للدكتور عبدالرشيد محمد أمين نشرتها احدى الصحف المحلية ولكني وللأسف لم أتوقع أن يتناول القضية بطرح السلبيات والمفروض به أن يحث الناس ويطالب المجتمع بدرء الأذى عن الطفولة لا أن يجعل هؤلاء الأطفال ضحية للعادات والتقاليد.
وفي الحقيقة هناك أمور ذكرها وطرحها بصورة تنفر من الفحص قبل الزواج في حين أننا بحاجة لتكاتف الجميع لدرء الاذى عن الاطفال أقصد ما تحدث به عن سلبيات الفحص قبل الزواج، فالسلبيات التي ذكرها مهما أبرزها وعظم شأنها لا تعادل في تأثيرها ساعة من ساعات الألم المتواصل الذي يعانيه المولود المصاب حتى يتوفاه الله.
كما أن هذه السلبيات التي تحدث عنها، قد تكون من وجهة نظره هو لا يجب أن تطرح كسلبيات مسلم بها خاصة وأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأن رأي الشرع هو الرأي الذي يجب أن يؤخذ به.
وإيجابيات تطبيق رأي الشرع كبيرة وعظيمة ولكن قد لا تدرك عقولنا كبشر إيجابياتها فإذا كان الشرع يلزم الناس باحترام حقوق الآخرين (لا ضرر ولا ضرار) كما أن الإسلام يحرم علينا انتهاك دم الآخرين، وإن كانوا أطفالا فالمسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، وهذا أمر من الله ونحن كمسلمين مأمورون بتطبيقه فكيف نحاول تبرير عدم تطبيقنا له بذكر سلبيات تطبيق أمر حماية الأطفال حيث إن سبب الاصابة هو زواج حاملي المرض من بعضهم دون علمهم، والسبيل الوحيد لوقف الاصابة وتضرر الاطفال بهذا المرض هو أن يتم فحص جميع المقبلين ليتمكنوا من معرفة مدى توافق دمائهم قبل عقد القران ليتمكنوا من حماية اطفالهم من شر الإصابة.
كما ان الدكتور عبدالرشيد محمد أمين قد تعامل مع جميع فحوصات ما قبل الزواج بصورة العموم مع إننا الآن بالمملكة في حالة حرجة من ارتفاع نسبة الاصابة بمرضين وراثيين خطيرين هما (الانيميا المنجلية والثلاسيميا) وقد أصبحنا من أعلى مناطق العالم إصابة بها، وقد يتسبب إهمالنا لهذه القضية في كارثة اجتماعية من الدرجة الأولى.
ولو وجه الدكتور اهتمامه على هذين المرضين وأهمية إلزام الناس بالفحص عنهما قبل الزواج بصفة رسمية لإنقاذ أهالي مملكتنا الحبيبة الذين ليس لهم بعد الله سواكم أنتم الدارسين والمتخصصين في علوم الأجنة من ينقل مأساتهم للمسؤولين ويصورها لهم ويوضح لمن بيدهم وضع قرار الحماية (قرار إلزام الفحص قبل الزواج)، أهمية هذا القرار لوقف الاذى عنهم بإذن الله وباعتراف المجتمع بحقهم في العيش بدماء خالية من الأمراض.
أم انشغل الجميع عن هذه القضية قضية تعاسة هؤلاء الأجنة وشقائهم وعذابهم وسقمهم ومرضهم الذي لا شفاء منه.
انشغلوا عن كل هذا واهتموا بما قد يلاقيه الشاب أو الشابة من قلق بشأن تأخر زواجه أو زواجها أو ما قد يسببه في نظر الدكتور من حرج للفتاة.
(لا يا أهلي وإخواني لا تأخذكم العزة بالإثم)
لقد ذكر الدكتور ست نقاط اعتبرها سلبيات للفحص قبل الزواج ليصل إلى اقناع القارئ بأن إلزام الفحص للمقبلين على الزواج غير جائز واستشهد بالندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية التي ضمت نخبة من الاطباء والفقهاء من بلدان عديدة على حد قوله.
وكانت التوصية الرابعة هي: لا يجوز إجبار أي شخص لإجراء الاختبار الوراثي، ولكن يا دكتور عبدالرشيد محمد أمين إذا كان الأطباء أو بعضهم ممن تسنح لهم الفرصة أن يحضروا هذه الاجتماعات هم في الأصل ليسوا متحمسين لتطبيق هذه الآلية أو ليسوا مقتنعين بها وتسيطر عليهم العادات والتقاليد نوعاً ما، هل تعتقد أنهم سينجحون في توصيل الصورة واضحة بجميع أبعادها لعلماء الدين؟؟ هل سيقولون: إن الإصابة بهذه الأمراض مهلكة للنفس البشرية هذه النفس التي عنيت الشريعة بسن القوانين والتشريعات في حفظها وحمايتها.
وذكر الدكتور أن السلبيات من وراء إلزام الفحص قبل الزواج هي:
1 - إيهام الناس أن إجراء الفحص سيقيهم من الأمراض الوراثية وهذا غير صحيح .. .الخ.
* وردنا عليه لماذا غير صحيح بل هو صحيح الصحيح فالفحص قبل الزواج دون إيهام يقي الناس من الإصابة بالأمراض الوراثية بإذن الله وهذه حقيقة وليست وهماً.
2 - إنه قد يحدث تسريب لنتائج الفحص ويتضرر أصحابها...
* ونرد عليه إذا كانت تسريب نتيجة فحص عن مرض وراثي قد تضر بأصحابها، فما بالك بالإصابة بمرض وراثي وما تفعله بأصحابها؟؟
3 - إيهام الناس أن زواج الأقارب هو السبب المباشر لهذه الأمراض المنتشرة في مجتمعنا وهو غير صحيح..
* وأرد على هذا بحقيقة أنني كمديرة مركز لأمراض الدم الوراثية 98% من حالات المصابين هم أبناء لوالدين أقارب. فكيف تكون هذه الحقيقة وهماً؟ ثم إذا توهم الناس أن زواج الأقارب قد يكون سبباً لإنجاب أطفال مصابين سوف يتجهون للزواج من البعيد وهذه إيجابية وليست سلبية فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «تباعدوا حتى لا تضووا».
4 - يجعل هذا الفحص حياة بعض الناس قلقة ومكتئبة ويائسة.. الخ
* ونرد على هذا: إذا كان مجرد إخبار الشخص بأنه حامل للمرض وأن زواجه من شخص حامل مثله للمرض قد يسبب الإصابة لأحد أطفاله ستجعله مكتئباً ويائساً إذاً ماذا سيفعل هذا الشخص نفسه إذا لم يتم إخباره قبل الزواج عن خطر حدوث ذلك ليتجنب إصابة أطفاله؟، وأي حالة من اليأس والكآبة سوف يكون عليها عندما يفاجأ بإنجاب طفل مصاب كان بالإمكان بإذن الله حمايته من الإصابة.
5 - إن التكلفة المادية للفحص في حالة الإلزام ستزيد المشاكل.. الخ
* ونرد على ذلك بقولنا: ان الدول العربية التي ألزمت الفحص مثل فلسطين وسوريا والأردن والمغرب والبحرين لم تعجز عن التكلفة المادية لهذا الفحص لحماية مواطنيها فكيف تعجز المملكة العربية السعودية عن ذلك؟؟
6 - إخراج الشهادات الصحية من المستشفيات الحكومية أو غيرها أمر في غاية السهولة وكم من التقارير المزورة.. الخ.
* هل يعني هذا وجود المزورين يجعلنا نلقي أهمية التقارير والشهادات وتقفل المدارس والجامعات إذا وجدنا من يزور بعض التقارير أو هل طلبنا للتقارير والشهادات أمر غير إلزامي في دوائرنا الحكومية نظراً أنه قد يكون هناك من يزودها.
هل تعتقد يا دكتور أن هذه الأسباب الستة التي ذكرتها أو أحدها يستحق من أجله أن نضحي بفلذات أكبادنا فنحن يومياً في غياب قرار الإلزام بالفحص يسقط لدينا 12 مولودا ضحية لأخطر أمراض الدم الوراثية المنجلية والثلاسيميا.
|